سعّرت محاولة اغتيال الرئيس السابق، دونالد ترامب، «حرب» نظريات المؤامرة في الداخل الأميركي، وسط تشكيك عدد من المواطنين غير المؤيدين له في صحة كل ما حدث معه أثناء التجمع الانتخابي في ولاية بنسلفانيا، واتهام المؤيدين له، في المقابل، منافسيه بـ«تهيئة» الظروف لعملية إطلاق النار، فيما تُبذل محاولات «يائسة» لمنع توسّع «الشرخ» بين أنصار الحزبين، وإظهار نوع من «الوحدة» الأميركية في مواجهة «العنف السياسي». وعلى الأرجح، فإنّ «القصور الأمني» غير المبرر أثناء الحادثة، هو ما ترك الباب واسعاً أمام الطرفين للترويج لشتى أنواع النظريات المشار إليها. وفي إطار ما يُعرف بـ«بلو أنون»، وهو مصطلح يشير إلى نظريات المؤامرة التي تتبناها عادة القاعدة الشعبية الديموقراطية، والتي تأتي رداً على ما يُعرف بـ«كيو أنون»، أي نظريات المؤامرة المنتشرة في أوساط أتباع ترامب، زعم بعض رواد التواصل الاجتماعي أن الدم على أذن الرئيس السابق كان مزيفاً، وأنّ إطلاق النار كان كاذباً، وتم تنسيقه على الأرجح بالتعاون بين أفراد الخدمة السرية وحملة ترامب، وأنّ مشهد الأخير وهو يرفع قبضته تحت العلم الأميركي تمّ التحضير له مسبقاً.
مقالات مرتبطة
انتصار قضائي جديد للمرشح الجمهوري الأخبار
انطلاق المؤتمر الجمهوري: ترامب أكثر قوة الأخبار
تركيا – تكلفة زراعة الأسنان بالفم الكامل قد تفاجئك تمامًا
زراعة الاسنان في تركيا
ومن بين من تبنّوا تلك الرواية، الخبير دميتري ميلهورن، المنتمي إلى الحزب الديموقراطي، وأحد المتبرعين الرئيسين لعدد من المرشحين الديموقراطيين، والذي حثّ جمهوره، في بريد إلكتروني، على الأخذ في الحسبان احتمال أن تكون عملية إطلاق النار قد تم تنظيمها من قبل ترامب، «بهدف الحصول على الصور»، والاستفادة من ردود الفعل. على أنّ ميلهورن سرعان ما تراجع عن كلامه واعتذر، قائلاً إنّه يشعر «بالندم على إرسال البريد الإلكتروني الليلة الماضية»، بعدما صاغه وأرسله «من دون استشارة» فريقه، معتبراً أنّه في هذا الوقت يجب أن «يتحد» الجميع للتنديد بمثل هذا العنف، والامتناع عن «طرح أي موضوع آخر يشوش الواقع».
وبعدما كانت نظريات المؤامرة تنسب عادة إلى ترامب ومؤيديه، فإنّ نظرية «بلو أنون» التي عادت إلى الواجهة بقوة أخيراً، ترى، بدورها، أنّ القوى الخفية، بما في ذلك وسائل الإعلام الرئيسية، تسعى إلى تدمير بايدن وإعادة ترامب إلى السلطة في 5 تشرين الثاني. وفي السياق، تنقل صحيفة «واشنطن بوست» عن كارل فولك، الباحث في «جامعة أوغسبورغ» في مينيابوليس، قوله إن «عقلية المؤامرة أصبحت أكثر وضوحاً في الأوساط الليبرالية في الأشهر الثمانية الماضية».
«نيويورك تايمز»: يبدو أن محاولة اغتيال ترامب «ستمزق أميركا» بدلاً من أن توحّدها
وفي الصورة الأعم، وبحسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، فإنه على عكس ما حصل عندما تعرض الرئيس الأسبق، رونالد ريغان، عام 1981، لعملية إطلاق نار جعلت البلاد «تتحد خلف زعيمها المصاب»، يبدو أن محاولة اغتيال ترامب «ستمزق أميركا» بدلاً من أن توحدها. وتتابع الصحيفة أنّه في غضون دقائق من إطلاق النار، امتلأت الأجواء بالغضب والمرارة والشك والاتهامات، وتصدرت نظريات المؤامرة المشهد، «وتعرض البلد الذي يعاني بالفعل من العداء لشرخ أكبر». وطبقاً لأصحاب هذا الرأي، فإن وقوع إطلاق النار في بنسلفانيا، ليلة السبت، أي قبل يومين من اجتماع الجمهوريين في ميلووكي لترشيح ترامب رسمياً للانتخابات، وضع الحدث في إطار الانقسام الحزبي، ودفع الجمهوريين إلى إلقاء اللوم على الرئيس جو بايدن وحلفائه، وعلى اللغة التي يتبنونها، وتصف الرئيس بأنّه «فاشي يسعى إلى تدمير الديموقراطية». وعلى سبيل المثال، هاجم الابن البكر لترامب، ومنسق حملته الانتخابية، اليسار السياسي، بعد ساعات من إطلاق النار، أي قبل معرفة هوية المسلح أو تحديد دوافعه حتى. كما اعتبر أحد كبار مستشاري الرئيس السابق، كريس لاسيفيتا، «أنهم حاولوا إبعاده عن الانتخابات، وحاولوا وضعه في السجن والآن نرى هذا». إلا أنّه تمّ، في وقت لاحق، حذف المنشور، فيما أصدرت لاسيفيتا وسوزي وايلز، مستشارة كبيرة أخرى، مذكرة تضم تعليمات لأعضاء فريق ترامب بعدم التعليق على إطلاق النار.
ووسط الاتهامات التي يوجهها أنصار ترامب إلى «اليسار الأميركي»، أجرت وكالة «رويترز» تحليلاً لأكثر من 200 حادث عنف ذي دوافع سياسية، بين عامَي 2021 و2023، أظهر صورة مختلفة؛ ففي تلك السنوات، كان العنف السياسي المميت ينبع في كثير من الأحيان من اليمين الأميركي لا من اليسار. وإلى جانب فقدان عدد من الأميركيين للثقة في مؤسساتهم الرئيسية، ولجوئهم إلى المعلقين الحزبيين والمؤثرين للحصول على معلوماتهم، فإنّ ظاهرة تفشي نظريات المؤامرة، والتي تجاوزت نطاق اليمين الأميركي، ترجع بشكل جزئي أيضاً إلى مخاوف وأسئلة واسعة النطاق، لم تُقابل بأي أجوبة بعد، من مثل كيفية تمكن قناص ما من الوصول إلى سطح على بعد 150 متراً تقريباً من منصة الرئيس السابق، أو سبب ترك المبنى خارج المحيط الأمني المتشدّد أثناء الحدث. وحالياً، أصبحت وكالة «الخدمة السرية»، بحسب شبكة «سي أن أن»، مطالبةَ بتقديم إجابات حول الحادثة، والمشاركة في جلسات استماع في شأنها.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية