آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » نفق، أم قابلة للتاريخ؟

نفق، أم قابلة للتاريخ؟

| سيف دعنا

«رفاقك هم:المجد والعذاب،
والحب،
وعقل الإنسان الذي لا يقهر»
[ويليام وادزورث عن توسان لوفيتور]

الآن نعرف ما هي حركة التحرر الوطني الحقيقية، الآن نعرف من هو الفدائي الحقيقي، وما هي الثورة الحقيقية، والثائر الحقيقي. لم يكن هذا الذي حفرتموه برموش العيون مجرد نفق. كان المسار الحقيقي لثورة حقيقية كان يجب أن تكون هكذا منذ البداية. فضحتم عجز التفوق التقني الأقصى في العالم بأن يكون الحل الممكن للمستكبرين لمعضلة المقاومة، لكنه سيتعلم الدرس القاسي مثل كل الأنظمة الاستعمارية التي سبقته: لا يوجد، ولن يوجد، حل تقني للمقاومة. لا يوجد، ولن يوجد، حل عسكري للمقاومة. لا يوجد، ولن يوجد، حل أمني للمقاومة.

بحفركم النفق أيضاً عريتم ما كنا نحسبه ثورة، ومن كنا نحسبهم ثواراً. عريتم فكرنا السياسي وعقلانيتنا السياسية التي نعرف اليوم بفضلكم، وبفضل أياديكم الشريفة وأقدامكم المقدسة، أنها لم تتفق يوماً مع أبسط مسلمات ما ينبغي أن يكون حركة تحرر وثورة وثوار، وأولها أن «إسرائيل تُقهر» وأنها «أوهن من بيت العنكبوت»، وأنها «وحش من غبار»، وثانيها أنه خائن من تتسرب لوعيه ذرة شك بحتمية تحرير كل شبر من فلسطين، وثالثها أنه لم يوجد، ولا يوجد، ولن يوجد أبداً أي حل تقني للمقاومة، ورابعها خائن من يساوم أو يفاوض على ذرة واحدة من التراب المقدس الذي حملكم إلى الحرية، وخامسها أن الثورة وحركات التحرر لها حساباتها المختلفة لموازين القوى حيث يهزم الضعيف دائماً القوي، وتنتصر الإرادة دائماً على البارود والدم على السيف.
لم يكن هذا نفق. كان خريطة الطريق التي كان يجب أن نمتلكها منذ البداية. ففي هذا النفق العظيم فلسفة الثورة ومسلماتها الحقيقية. لهذا، كانت البداية التي قادتنا لأوسلو ورجال أوسلو وعقيدة أوسلو مزورة وكاذبة منذ البداية. كانت هذه ثورة مزورة حملت بذور أوسلو وبذور الهزيمة فيها منذ البداية. لهذا، نعرف اليوم أننا عشنا لأكثر من سبعين عاماً وهماً كارثياً أن لدينا ثورة، وأننا حركة تحرر. أي حركة تحرر هذه التي تصل لأوسلو؟ أي حركة تحرر هذه التي تنسق أمنياً مع العدو؟ أي حركة تحرر هذه التي تفتش حقائب أطفال المدارس بحثاً عما يمكن أن يهدد سلامة وأمن المستوطنين؟
لم يكن هذا نفق. لقد حفرتم مسار الثورة الحقيقية. هزمتم الخيار التقني الأقصى في العالم. فضحتم وعريتم الثورة المزورة والثوار المزورين. ما بعد النفق لن يكون كما قبله… لن يكون، لأنكم قابلة تاريخ فلسطين الجديد الذي لن يتوقف حتى يخرج آخر واحد منهم من أرضنا، أو يلقى حتفه عليها.
أقسم أن حفر ذلك النفق أصعب حتى من تحرير فلسطين، ومن يفعل الأول لن يعجز في الثاني. نعرف الآن، بفضل أقدامكم المقدسة، كم هو سهل تحرير فلسطين، لمن قام بحفر نفق كهذا. ولهذا، ليس مهماً أنهم اعتقلوا أبطالنا لأننا نعرف، ونحن على ثقة الآن أنهم حتماً سيتحررون -لا تخدعنكم دعاية الصهاينة البائسة التي تحاول أن تساوي بين ما تعتبره «إنجازاً» باعتقال من قاوم وكان على استعداد للشهادة وليس فقط للاعتقال، وبين الإنجاز التاريخي الهائل لأبطالنا. ففي هذا النفق واجه ستة أبطال عزل (بالمعنى الحرفي للكلمة)، إلا من الإرادة الثورية الحقيقية، كل العالم وبعض العرب وبعض الفلسطينيين الذين يقفون خلف كيان الصهاينة مادياً وتقنياً وأمنياً، وهزموهم جميعاً، ليثبتوا لنا بحفرهم ذلك النفق المستحيل كم هو ساذج وسخيف (حتى لا نقول خائن) من شكك ويشكك ولو للحظة بحتمية تحرير كل شبر من فلسطين وخروجهم جميعاً من أرضنا وعودتهم من حيث أتوا.
يا لهذا الشرف العظيم. لقد عشنا زمن النفق، ورأينا الأبطال محمود، محمد، يعقوب، أيهم، مناضل، وزكريا، يقتحمون التاريخ (حرفياً) ويفتحون لنا باب الثورة الحقيقية وحركة التحرر الحقيقية التي لا تستسلم للتفوق التقني الأقصى، بل تسحقه، ولا تيأس من خيانة الخونة بل تفضحهم وتعريهم وتمضي تقاوم.
من هذا النفق العظيم بدأ شعبنا يعود للتاريخ الذي أخرجتنا منه عصابة أوسلو. فمن هذا النفق بدأت تتبلور النواة الصلبة والحقيقية والأصيلة والجميلة لطلائع جيل التحرير التي بدأت تتمدّد من جنين إلى نابلس والخليل ورام الله والناصرة وغزة وكل فلسطين. فمحمود ومحمد ويعقوب وأيهم ومناضل وزكريا لم يحفروا نفقاً فقط، بل كانوا قابلة مسار تاريخي بدأ مع الضربة الأولى لحفر ذلك النفق، ولن يتوقف إلا بفلسطين حرة عربية. خليكوا شاهدين.
طوبى لمن حفر
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار
x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلة وقف النار… ليلة القدر

    نبيه البرجي   ايلون ماسك، الرجل الذي قد نراه قريباً يختال على سطح المريخ، هدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـاحراق شاربيه من الفضاء. ...