| سيف دعنا
«رفاقك هم:المجد والعذاب،
والحب،
وعقل الإنسان الذي لا يقهر»
[ويليام وادزورث عن توسان لوفيتور]
الآن نعرف ما هي حركة التحرر الوطني الحقيقية، الآن نعرف من هو الفدائي الحقيقي، وما هي الثورة الحقيقية، والثائر الحقيقي. لم يكن هذا الذي حفرتموه برموش العيون مجرد نفق. كان المسار الحقيقي لثورة حقيقية كان يجب أن تكون هكذا منذ البداية. فضحتم عجز التفوق التقني الأقصى في العالم بأن يكون الحل الممكن للمستكبرين لمعضلة المقاومة، لكنه سيتعلم الدرس القاسي مثل كل الأنظمة الاستعمارية التي سبقته: لا يوجد، ولن يوجد، حل تقني للمقاومة. لا يوجد، ولن يوجد، حل عسكري للمقاومة. لا يوجد، ولن يوجد، حل أمني للمقاومة.
لم يكن هذا نفق. لقد حفرتم مسار الثورة الحقيقية. هزمتم الخيار التقني الأقصى في العالم. فضحتم وعريتم الثورة المزورة والثوار المزورين. ما بعد النفق لن يكون كما قبله… لن يكون، لأنكم قابلة تاريخ فلسطين الجديد الذي لن يتوقف حتى يخرج آخر واحد منهم من أرضنا، أو يلقى حتفه عليها.
أقسم أن حفر ذلك النفق أصعب حتى من تحرير فلسطين، ومن يفعل الأول لن يعجز في الثاني. نعرف الآن، بفضل أقدامكم المقدسة، كم هو سهل تحرير فلسطين، لمن قام بحفر نفق كهذا. ولهذا، ليس مهماً أنهم اعتقلوا أبطالنا لأننا نعرف، ونحن على ثقة الآن أنهم حتماً سيتحررون -لا تخدعنكم دعاية الصهاينة البائسة التي تحاول أن تساوي بين ما تعتبره «إنجازاً» باعتقال من قاوم وكان على استعداد للشهادة وليس فقط للاعتقال، وبين الإنجاز التاريخي الهائل لأبطالنا. ففي هذا النفق واجه ستة أبطال عزل (بالمعنى الحرفي للكلمة)، إلا من الإرادة الثورية الحقيقية، كل العالم وبعض العرب وبعض الفلسطينيين الذين يقفون خلف كيان الصهاينة مادياً وتقنياً وأمنياً، وهزموهم جميعاً، ليثبتوا لنا بحفرهم ذلك النفق المستحيل كم هو ساذج وسخيف (حتى لا نقول خائن) من شكك ويشكك ولو للحظة بحتمية تحرير كل شبر من فلسطين وخروجهم جميعاً من أرضنا وعودتهم من حيث أتوا.
من هذا النفق العظيم بدأ شعبنا يعود للتاريخ الذي أخرجتنا منه عصابة أوسلو. فمن هذا النفق بدأت تتبلور النواة الصلبة والحقيقية والأصيلة والجميلة لطلائع جيل التحرير التي بدأت تتمدّد من جنين إلى نابلس والخليل ورام الله والناصرة وغزة وكل فلسطين. فمحمود ومحمد ويعقوب وأيهم ومناضل وزكريا لم يحفروا نفقاً فقط، بل كانوا قابلة مسار تاريخي بدأ مع الضربة الأولى لحفر ذلك النفق، ولن يتوقف إلا بفلسطين حرة عربية. خليكوا شاهدين.
طوبى لمن حفر