علي عبود
لم يتوقف الكثيرون عند المحادثة العابرة التي دارت بين الرئيس الأمريكي و“نظيره” الأوكراني فلاديمير زيلينسكي خلال زيارته للبيت الأبيض في 17/10/2025.. فما هي تلك المحادثة التي لم يكن لها علاقة بالحرب الأطلسية ـ الروسية على الأرض الأوكرانية؟
خلال المحادثات الرسمية بين الجانبين التفت ترامب فجأة إلى زيلينسكي وسأله: مارأيك في مشروع النفق الذي يربط روسيا وآلاىسكا؟
وقبل أن يجيب زيلنسكي بالرفض أكد له ترامب: أنا موافق على المشروع!
ربما أراد ترامب على طريقته أن يُهين زيلينسكي كما أهانه في زيارته السابقة للبيت الأبيض في 28/2/2025، أو بالأحرى أراد أن يُفهم زيلينسكي أنه اتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة آلاسكا في 15/8/2025 ليس على إنهاء الحرب الأوكرانية فقط، وإنما على قضايا أخرى كثيرة بما فيها الإتفاق على نفق ترامب ـ بوتين الذي يربط روسيا بالولايات المتحدة الأمريكية!
وإذا كانت النتائج السياسية لقمة آلاسكا بدأت تتكشف تدريجييا، فإن الأضواء لم تتسلط كثيرا على الجوانب الأخرى وتحديدا الإقتصادية منها، والسؤال: ما أهمية نفق بوتين ـ ترامب لكل من روسيا وأمريكا؟
حسب المعطيات المتوافرة فإن طول نفق ترامب ـ بوتين بين تشوكوتكا الروسية وآلاسكا الأمريكية سيترواح بين 98 ـ 113 كيلومترا، أيّ ضعف طول نفق المانش الذي يربط فرنسا ببريطانيا البالغ 51 كيلومترا تقريبا.
وكشف رئيس المركز الوطني لأبحاث النقل والبنية التحتية الروسي بافيل إيفانكين أنه من المنطقي أن يكون النفق بين روسيا وأمريكا نفقا مشتركا للطرق البرية والسكك الحديدية، وهذا مؤشر بأن منطقة آلاسكا ستشهد نهضة إقتصادية بالتعاون بين موسكو وواشتطن.
والملفت أنه في الوقت الذي تتجه فيه أوروبا إلى قطيعة تامة مع جارتها القريبة روسيا، فإن امريكا تتجه إلى تقوية علاقاتها الإقتصادية معها والبداية مشروع نفق ترامب ـ بوتين!
وكان رئيس الصندوق الروسي للإستثمارات المباشرة والتعاون الإقتصادي مع الدول الأجنبية كيريل دميتريف أول من دعا إلى بناء نفق من روسيا إلى آلاسكا لربط البلدين، وهو من اقترح أيضاً تسميته “نفق بوتين ـ ترامب”، وقد تجاوب الرئيس الأمريكي سريعا مع المشروع فقال أنه مثير للإهتمام.
طبعا، المشروع لن يُنجز خلال ولاية ترامب، فهو يحتاج إلى 8 سنوات، وقد لايُنجز أيضا خلال عهد بوتين، لكنه سيسجل أنه من إنجازات الرئيسين، وقد يُسمّى فعلاً نفق بوتين ـ ترامب.
وأفكار الربط بين روسيا وأمريكا ليست جديدة فهي بدأت منذ 150 عاما على الأقل، لكنها لم تُطرح جديا وتُصبح قابلة للتنفيذ إلا منذ ثمانية أشهر، ومن المنطقى ان قمة آلاسكا ناقشتها واتخذت بشأنها القرار المناسب، بل أن اختيار آلاسكا لعقد قمة ترامب ـ بوتين لم تأت جزافا بل للدلالة بأن مشروع النفق سيشكل إنطلاقة التعاون الإقتصادي بين البلدين في منطقة تضم ثروات طبيعية هائلة لم تُستثمر حتى الآن.
وهذا ماأكده رئيس صندوق الإستثمار الروسي المباشر: لقد بدأت موسكو وواشنطن بمناقشة إنشاء نفق بين البلدين.
ولو لم تكن المناقشات بدأت حول آليات تنفيذ النفق سواء على مستوى الفنيين والخبراء، أو بين الرئيسين في قمة آلاسكا لما رأينا ترامب يسأل زيلينسكي ساخرا أو مداعبا: مارأيك بمشروع النفق بين أمريكا وروسيا؟
وإذا كانت تكلفة المشروع بالأساليب التقليدية باهظة جدا تصل إلى 65 مليار دولارفإن التكلفة باستخدام التكنولوجيا يمكن أن تقل عن 8 مليارات دولار خاصة إذا ماتبنّى رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك مهمة تنفيذ المشروع.
وقد اقترح دميتريف أن تنضم شركات الطاقة الأمريكية الكبرى إلى المشروعات الروسية في القطب الشمالي وأن تبني النفق شركة “ذا بورينغ كومباني” المتخصصة ببناء الأنفاق والتي بملكها الملياردير إيلون ماسك.
ويُشار هنا إلى أن جزيرتي “ديوميدي” الصغيرتين ـ إحداهما روسية والأخرى أمريكية ـ تقعان في منتصف مضيق بيرينغ الذي يبلغ عرضه 82 كيلومترا عند أضيق نقطة فيه، ولا يفصل بينهما سوى أربعة كيلومترات.
الخلاصة: قال رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميتريف أن الصندوق شيّد أول جسر سكك حديدية في التاريخ يربط روسيا والصين، وأضاف: لقد حان الوقت لتنفيذ حلم ربط روسيا بالولايات المتحدة عبر مضيق بيرينغ، وقد خاطب دميتريف ماسك قائلا: تخيلوا أن نفق بوتين ـ ترامب سيربط أمريكا وروسيا وبين القارتين الأمريكيتين وأفرو ـ أوراسيا “كتلة أفريقيا وأوروبا وآسيا”.. فلنبن المستقبل معا!!
(أخبار سوريا الوطن-1)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
