سناء عبد الرحمن:
تتابع نقابة المهندسين في طرطوس أعمال تدقيق الأبنية ودراسة جاهزيتها لمقاومة القوى الزلزالية، في وقت ازدادت فيه تساؤلات المواطنين بعد الهزة الأخيرة التي شهدتها محافظة طرطوس، حول مدى التزام الأبنية بمعايير السلامة.
ويجمع المختصون على أن دور المهندس في الإشراف والتنفيذ وفق الدراسة المعتمدة يشكل الركيزة الأساسية للحماية الإنشائية، فيما تعتبر الأمانة المهنية والخبرة الهندسية معياراً حقيقياً لضمان المتانة ومنع تكرار مشاهد الانهيار التي شهدتها بعض المناطق في سوريا بعد الزلزال.

تدقيق الأبنية
أكد رئيس فرع نقابة المهندسين في طرطوس عبد الناصر الجندي لـ “الحرية ” أن النقابة تتولى مسؤولية دراسة الجملة الإنشائية للبناء بدقة، والتحقق من التزامها بمعايير مقاومة الزلازل وفق الكود العربي السوري، مبيناً أن الأبنية في المحافظة لم تتعرض لأضرار إنشائية خطيرة نظراً لبعد طرطوس نسبياً عن مركز الزلزال الأخير. وأوضح أن جميع الدراسات المقدمة للنقابة تُراجع من قبل مهندسين مختصين قبل التصديق عليها، ويُرفض أي مخطط لا يحقق المتطلبات الفنية المعتمدة.
إشراف هندسي
وأشار الجندي إلى أن النقابة تشرف على كل مرحلة من مراحل البناء عبر مهندس مشرف تابع لها وآخر من البلدية لضمان تنفيذ جميع العناصر وفق الدراسة المعتمدة دون أي تعديل أو اختصار، كما لفت إلى أن النقابة شكّلت لجاناً تضم مهندسين مختصين في الإنشاء والتربة والمعمار لتقييم الأبنية بعد الزلزال، حيث عملت هذه اللجان على معالجة التشققات البسيطة التي ظهرت في بعض المباني، والتأكد من سلامتها الإنشائية وعدم وجود مخاطر مستقبلية.
أسباب الضعف
وبيّن الجندي أن عدداً من الأبنية يعاني ضعفاً زلزالياً ناتجاً عن قدم البناء وعدم اعتماد جملة إنشائية مناسبة عند التنفيذ في فترات سابقة، بالإضافة إلى تنفيذ مخالف للدراسة بهدف تقليل التكلفة. وأكد أن بعض البلديات قصّرت في الرقابة، ما أدى إلى ظهور مخالفات في الجودة، سواء في حديد التسليح أو مقاومة البيتون أو المسافات بين الأساور، وهي عوامل أساسية قد تزيد من الخطورة أثناء الزلازل.
لجان التدعيم
وأوضح الجندي أن كل بناء يتعرض لضرر أو تظهر فيه مؤشرات ضعف يخضع لدراسة لجنة هندسية مختصة تضم مدنيين استشاريين ومهندساً معمارياً، بهدف وضع حلول تدعيم مناسبة تعتمد على الكود العربي السوري للزلازل. كما أشار إلى أن ترخيص أي طابق إضافي— سواء خامس أو غيره— يستلزم تشكيل لجنة رباعية لدراسة قدرة المبنى على التحمل، ولا يُمنح الترخيص إلّا بعد التأكد ميدانياً من تنفيذ كامل إجراءات التدعيم وفق الشروط الهندسية.
اختبارات المواد
وأضاف الجندي أن قوانين النقابة تفرض على المهندسين الالتزام بإجراء اختبارات مقاومة البيتون والحديد بشكل صارم، بحيث لا يُسمح بصب أي عنصر إنشائي ـ سواء أعمدة أو أسقف ـ قبل إجراء كسر العينات للعنصر السابق. وأشار إلى أن النقابة تمتلك مخبراً متخصصاً لهذه الاختبارات، إضافة إلى مخابر خاصة مرخصة من النقابة، يديرها مهندسون مختصون، مؤكداً التزام معظم المهندسين بهذه الإجراءات التي تعدّ جزءاً أساسياً من منظومة السلامة الإنشائية.
أسباب الانهيار
وكشف الجندي أن اللجان المركزية التي شُكّلت بعد الزلزال الأخير لدراسة أسباب انهيار بعض الأبنية خلصت إلى جملة من الأسباب، أبرزها غياب الإشراف الهندسي، وقدم الأبنية وتعرضها للتهالك، وعدم دراسة المبنى لتحمل القوى الناتجة عن الزلازل، وسوء التنفيذ، وتخفيض كميات الحديد، وترك مسافات كبيرة بين الأساور، إضافة إلى عدم دراسة التربة بشكل مناسب، فضلاً عن إضافة طوابق لم تكن مشمولة في الدراسة الأساسية. وأكد أن هذه التوصيات تم اعتمادها رسمياً من نقابة المهندسين وتعميمها بقرار من رئاسة الوزراء لضمان الالتزام بها مستقبلاً.
سلامة الإنشاء
وشدد الجندي على ضرورة منح الأولوية للجملة الإنشائية وقدرتها على تحمل الأحمال الشاقولية والزلزالية قبل الاهتمام بأعمال الإكساء، مبيناً أن التركيز على المظهر الخارجي على حساب المتانة يشكل خطأً شائعاً. وأعلن جاهزية النقابة لتلبية أي طلب تقييم أو تدقيق إنشائي من الجهات العامة أو الخاصة.
الأمانة المهنية
ومن جانبه، أوضح المهندس المعماري ياسر صقر أن المهندس جزء من المجتمع، ويجب اختيار مهندس يتمتع بالسمعة الجيدة والخبرة العملية لضمان جودة البناء. وبيّن أن الأمانة العلمية والمالية والتنفيذية تمثل أساس العمل الهندسي الناجح، لأنها توازن بين الجودة والتكلفة ورغبة المالك. وأضاف أن بعض المالكين يبحثون عن مهندس بأجر أقل، وهو خيار خاطئ، لأن أتعاب المهندس لا تشكل نسبة مؤثرة مقارنة بتكلفة البناء، فيما يؤدي اختيار مهندس صاحب خبرة وأمانة إلى رفع قيمة المبنى وزيادة ثقة المالك والشاري.
وأكد صقر أن التزام المهندسين بإجراء التجارب المخبرية وتحقيق متطلبات الكود يضمن سلامة واستقرار الأبنية على المدى الطويل.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
