ميخائيل عوض
خلال العقود الثلاثة المنصرمة عبثت الحكومة العالمية الخفية” واداتها التنفيذية الادارات الامريكية – البريطانية” باستقرار الدول ودمرت عن سبق تصور الجيوش والسيادات وهجرت الملايين وشردتهم في ارض الله الواسعة لتامين عمالة شابة ماهرة رخيصة ومرتزقة لشركاتها ولتخريب المجتمعات وتدمير قيمها وعلاقاتها الموروثة والراسخة وانجزت تدمير الدول والقطاع العام والبنى التحتية وشبكات الامان الاجتماعي. وبعثت الفوضى بقصد في كل مكان وصلت يدها وتزيد.
لم تفلح في حرب الحضارات واستفزت امم حضارات عريقة وصلبتها كروسيا والصين وايران ونجحت في الحاق اذية قاسية بالإسلام السني ووظفت الدول والفصائل التي سيسته وسلحته في تدميره وتهميشه وساقتها الى الطلاق مع الاسلام الحنيف.
وكشفت ادواتها من الفصائل الاخوانية والوهابية والسلفية ما ادى لانحسارها وعزلتها وتراجع وزنها وتحولها الى مجاميع ارهابية ومرتزقة للقتال في ليبيا واوكرانيا وافريقيا فحققت بعض نجاح.
هزمت في فرض سيطرتها عبر ادواتها وشركاتها للأمن الخاص وجيوش امريكا والاطلسي ومجاميع الارهاب وفشلت خطتها لتقسيم المقسم في العرب والعالم الاسلامي” تقسيم العراق وسورية واليمن” الا انها نجحت في مسارح وساحات وفرضت فوضاها المنظمة والخلاقة كما في لبنان وليبيا والسودان والى حد ما في العراق واليمن والصومال وافغانستان وطبقت نظرياتها واختبرتها في؛ الدول بلا حكومات والثورات بلا قيادات وما زالت وقد يكون هدفها من الحروب والغزوات تحقيق هذه الغاية فحسب.
فبرغم الفوضى في ليبيا استمر وزاد تدفق النفط ونهب الثروات والمعادن وكذا في العراق واليمن والصومال ومن بحر غزة وفلسطين وعلى حدود لبنان البحرية فمنصات النفط والغاز لم تمس برغم تدمير غزة ومحاولات ابادة شعبها والحرب الجارية في مسارح وجبهات واسعة وفي البحار والممرات.
ربما غاية الدولة الخفية العالمية منذ عقود اجراء اختبارات عملية على الشعوب والدول لاستنباط نمط جديد للنظم وللنظام العالمي بديلا عن حقبة دول القوميات والامم الحضارات والاقطاب لإعادة انتاج تشكيل ونظم العلاقات بين البشر والهويات في صيغة تؤدي الى تدمير اللحمة والهويات الجامعة الكبرى كالقومية والامة والحضارة التي سيجتها الجيوش والحدود والسيادات والعملات الوطنية والنشيد والعلم ووضعت تعقيدات وضوابط تحول دون الهيمنة والتحكم للدولة الخفية وتحقيق مصالحها بفعل ممانعة ومقاومة الشعوب والامم لهيمنتها المعولمة وتدمير قيم ومجتمعات ومنظومات التفاعل التي حققتها الشعوب في مسيرتها.” هكذا تفهم صفة الخلاقة للفوضى”
سعي الحكومة الخفية للاستثمار بالعالمية كطور اعلى من اطوار التشكيلات والتفاعلات بين البشر الجاري تقريرها في الواقع ومعطياته وتلبية لحاجات الأزمنة ونواتج الثورة التقنية وقواعد ووسائل انتاج اقتصاد المعرفة والخوارزميات والذكاء الصناعي فتبذل جهدا واعيا واستباقيا لتطويعها والتحكم بها بعد ان فشلت استراتيجية القرن الامريكي والمليار الذهبي .
تختبر وتجرب وتستخلص فعينها دائما وجهدها ينصب على المستقبل وتطويع مساراته لا الاشتغال بالماضي بينما القوى والبيئات المستهدفة في حال سبات ونوم عميق وانشغال عن فهم الظاهرة وخطط الحكومة الخفية.
والحق يقال ان الحكومة العالمية الخفية وقد كشفت عن وجهها واعلنت ذاتها بالإدارات الامريكية ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي صادرت وطوعت ما كان يعرف بالدول السيادية العميقة للدول والامم والحضارات حيث طالت يدها واعادت تشكيلها وصياغتها تحت رعايتها ولإنفاذ مشيئتها هي المعولمة. فالدول العميقة للدول لم تعد الا وكيلا محليا للحكومة الخفية العالمية.
وقد امتلكت وانشات وسيطرت على جامعات وجيوش وحكومات ومدارس اعدت واهلت نخبتها وعبأتها ببرامجها ومناهجها فهيمنت على النخب وصعدتها وعبرها فرضت مشاريعها وحكمت في الدول كما في الاتحاد الاوروبي واحزاب دوله ونخبها ومكنتها من الحكم والسيطرة في شرق اسيا وغالبية الدول التي قبلت التنميط بالأنماط الامريكية وتكيفت مع اقتصاد السوق والليبرالية.
الحكومة العالمية الخفية امتلكت وانشات احزاب وكنائس ورجال دين ودعوات وفصائل في الاسلام والاديان السماوية والوضعية فصار لها حركات واحزاب صهيونية عربية واسلامية واوروبية وأسيوية ومسيحية متصهينة ذات نفوذ في امريكا وبريطانيا وكندا واستراليا وحيث بلغت يدها وعبثت اصابعها وشكلت جيوش من شركات المرتزقة والامن الخاص ومنظمات المجتمع المدني والخدمية وفي شتى الحقول.
الحكومة العالمية الخفية امتلكت ناصيات ومفاتيح التأثير في المجتمعات والامم والاقتصاد وفروعه وتحكمت وفرضت اجنداتها في الاعلام والثقافة والقيم وانماط الحياة والتفاعلات بين البشر والقارات ولم تكف عن سعيها فهي كالقطة بسبعة ارواح لا يسهل القبض عليها ودفنها.
…/يتبع
حروبها في العرب والمسلمين اين نجحت وكيف اخفقت وتتأزم؟
(سيرياهوم نيوز ٢-الكاتب)