أكد طلاب الدراسات العليا و الباحثون في جامعة اللاذقية أن الصعوبات التي تواجههم لا تختلف كثيراً عن تلك الموجودة في بقية الجامعات السورية، مشيرين إلى أن الواقع البحثي ما زال يواجه عقبات متعددة تحدّ من تطوره وتمنع تحويل الأبحاث إلى تطبيقات عملية تخدم المجتمع، مشيرين إلى وجود نقص في الكوادر الأكاديمية المشرفة، حيث يشرف الأستاذ الواحد أحياناً على عدد كبير من طلاب الماجستير والدكتوراه، مما لا يتيح له الوقت الكافي لمتابعة كل طالب بشكل فعّال، إضافة إلى ضعف التمويل وصعوبة الوصول إلى المراجع ، وصعوبة النشر في المجلات العالمية لارتفاع تكاليف النشر.. وغيرها من الصعوبات.
شهادات
إذ أوضح الباحث الدكتور يزن معمار ( طب بشري ) اختصاص أورام ، أن الأبحاث الجامعية تميل إلى الطابع النظري بسبب ضعف التمويل وغياب التجهيزات المخبرية، إضافة إلى محدودية الإمكانات المرتبطة بالظروف الاقتصادية،
وأشار في تصريحه لـ “الحرية “إلى صعوبة الوصول إلى المراجع العلمية العالمية لكونها متاحة عبر اشتراكات مدفوعة، ما يحمّل الطلاب أعباء مالية كبيرة، داعياً إلى توفير وصول أوسع للمصادر الأكاديمية.
وشدد على ضرورة أن يكون المشرف متخصصاً في موضوع البحث لضمان جودة النتائج، لافتاً إلى أن كثيراً من الأبحاث تبقى غير منشورة بسبب تكلفة النشر المرتفعة. واقترح إنشاء وحدة جامعية تعنى بالبحث والنشر الأكاديمي وتوجيه الأبحاث نحو احتياجات المجتمع وسوق العمل.
كما دعا إلى تفعيل صندوق دعم البحث العلمي وإحياء دور الهيئة العليا للبحث العلمي لتقود إصلاح المنظومة على مستوى البلاد.
وختم بالتأكيد على أهمية الانفتاح الدولي ورفع العقوبات لاستعادة برامج الدراسات المشتركة والمنح، مطالباً بوضع خريطة وطنية لاستقطاب الكفاءات السورية في الخارج وتوسيع فرص المنح للطلاب.
من جهته، أشار الباحث الدكتور فارس وردان المنصور(طب أسنان ) اختصاص تعويضات ثابتة إلى أن البحث العلمي رحلة طويلة تواجه عقبات عدة، أبرزها صعوبة الوصول إلى مصادر موثوقة، وتعقيدات جمع البيانات وتحليلها، ومتطلبات الكتابة الأكاديمية، إضافة إلى نقص التمويل والضغط النفسي.
واقترح للتعامل مع هذه التحديات تنظيم الوقت، واللجوء إلى مصادر بديلة، وطلب مساعدة المشرفين والزملاء، وتعلم الأدوات التقنية، والسعي للحصول على منح، إلى جانب تطوير مهارات الكتابة والحفاظ على التوازن النفسي.
“الجامعة المنتجة” رؤية جديدة لتحويل الأبحاث إلى مشاريع تخدم المجتمع
خطط وإجراءات مواجهة التحديات
بدوره أوضح مدير مديرية الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة اللاذقية الأستاذ الدكتور عمر محمد الخليل: ندرك أن توافر المراجع والمصادر العلمية المحدثة يمثل تحدياً، خاصة مع تعدد التخصصات وندرة بعض المراجع باللغة العربية، وهناك توجه في الجامعة لتطوير المكتبة المركزية والعمل على الاشتراك في قواعد البيانات الدولية وتوفير مصادر مفتوحة الوصول، بالإضافة إلى التعاون مع مكتبات جامعات أخرى لتبادل المصادر.
وبين الخليل في تصريح لصحيفتنا أن الجامعة تعمل على الحصول على اشتراكات في عدد من قواعد البيانات العالمية مثل Scopus وWeb of Science وغيرها، كما تعمل على توفير الوصول إلى منصات مفتوحة المصدر، بالإضافة إلى التخطيط لعقد دورات تدريبية للباحثين حول كيفية استخدام هذه القواعد والاستفادة منها.
صندوق دعم بحثي
وعن خطط دعم الباحثين أوضح الخليل أنه يتم العمل على توفير دعم مالي جزئي أو كلي لتكاليف النشر في المجلات المحكمة، خاصة للبحوث المتميزة، كما ندرس حالياً إنشاء صندوق دعم بحثي خاص بالدراسات العليا، بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والجهات الداعمة.
كذلك تقام دورات متخصصة في مهارات النشر العلمي، مثل دورة “كيف تنشر في مجلة عالمية”، وقد بدأ تنفيذها في كلية الهندسة المدنية وسيتم عقد الدورة الثانية منها قريباً في كلية طب الأسنان، وسيتم تعميمها على جميع الكليات، كما يتم تقديم استشارات فردية للباحثين حول اختيار المجلات المناسبة وتحسين جودة الأبحاث.
ولفت مدير مديرية البحث العلمي إلى أنه يتم التعاون مع جهات مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمنظمات غير الحكومية مثل منظمة فرح، كما تسعى الجامعة لتوقيع اتفاقيات مع مؤسسات محلية ودولية لتمويل المشاريع البحثية ذات التكلفة العالية، مثل مركز أبحاث السرطان المزمع افتتاحه.

أدوات الدعم
وأكد الخليل أنه يتم إرشاد الباحثين إلى المجلات ذات الرسوم المخفضة أو المجانية، والمجلات مفتوحة الوصول ذات السمعة الجيدة، كما نشجع النشر في المجلات المحكمة المحلية والعربية المعتمدة.
وعن تعاون الجامعة مع مجلات مفتوحة الوصول أو أدوات دعم النشر المجاني أشار إلى أنه يتم التخطيط للتعاون مع عدة منصات للنشر مفتوح الوصول، كما نسعى لتوقيع اتفاقيات مع ناشرين دوليين لتخفيض رسوم النشر للباحثين من جامعتنا، كذلك قمنا بوضع خطط لفهرسة مجلة الجامعة في قواعد البيانات العالمية مفتوحة الوصول
الجامعة المنتجة
وعن تطوير آلية الربط بين الأبحاث الجامعية واحتياجات المجتمع أو سوق العمل بين الخليل أنه يوجد مكتب نقل التقانة الذي يعمل على تحويل الأبحاث إلى تطبيقات عملية، كما سيتم التواصل مع الجهات المحلية لتحديد احتياجاتهم البحثية.
وأكد الخليل أن هناك مساعيَ لتحسين البنية التحتية البحثية، وتعزيز الشراكات الدولية، وزيادة الدعم المالي للباحثين، وإنشاء مراكز بحثية متخصصة مثل مركز أبحاث السرطان، بالإضافة إلى تشجيع الأبحاث متعددة التخصصات، وأضاف: باختصار نسعى إلى تطبيق مفهوم “الجامعة المنتجة” وهو يقوم على تحويل الجامعة من مؤسسة تعليمية تقليدية إلى منصة إنتاجية تقدم أبحاثاً تطبيقية وحلولاً مبتكرة تخدم المجتمع وتسهم في الاقتصاد.
وختم بالقول : البحث العلمي رحلة مليئة بالتحديات، لكنها أيضاً فرصة للإبداع وخدمة المجتمع، مشيراً إلى أهمية تواصل الطلاب مع مشرفيهم وزملائهم، وألّا يترددوا في طلب الدعم المعنوي والمادي من الجامعة، فالنجاح لا يأتي بين ليلة وضحاها، لكن الإصرار والعمل الجاد سيفتحان أمامكم أبواب التميز.
تطور ملحوظ
يشار إلى أنه حسب تصنيف Webometrics، تقدمت جامعة اللاذقية إلى المرتبة 3756 عالمياً والثانية محلياً، كما حصلت على المرتبة الأولى في سورية حسب AD Scientific Index 2024 وهذا يعكس تطوراً ملحوظاً في النشر العلمي والأداء البحثي، لكن تطمح الجامعة للمزيد من التقدم في التصنيفات الدولية.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
