سعاد سليمان
لم يصل بعد ..
أراه يقف بعيدا حيث الغيوم السوداء ..
يختبئ خلفها , يجعلها سدا منيعا أمام عيون المنتظرين ..
ليغلب النوم , أوالكسل !!
لولا الجوع , والأمعاء التي تعتصر من وجع , وحاجة لطعام لانتصر النوم , وساند الكسل بل , وعانقه..
الصباح .. شعر بالراحة من جلبة , وصياح , وقد صار ليلا !!
والليل بسواده ملأ الكون ظلاما , وضياعا !!
وقد نشر ظلامه حيث أحب , هناك فوق رؤوس الضعفاء , الجبناء , المتقاعسين , والذين يمدون أيديهم , يطلبون من مال الله , وهو البريء ..
أولئك الذين يرسلون أطفالهم إلى الشوارع , والساحات , يريدون مالا , بذل ما عرفته الانسانية , هل يشعرون ؟!!
والأمثلة كثيرة , والصور , وحيثما اتجهت ..
صبية تجر خلفها أمها بين المزدحمين , وتطلب من مال الله بعينين مفتوحتين بكل ثقة , وقوة مؤكدة مرض الأم المسكينة .
كل يوم , وفي المساء حيث يكثر المتنزهون هناك على الكورنيش البحري بطرطوس ..
هي لا تمل , صبية يمكنها أن تعمل أي عمل , وما أكثره .. فالصور الجديدة في مجتمعنا , والحاجة جعلت من النساء بائعات لورق اليانصيب , وقد ترى صبية تجر عربة فول , أو ذرة , وتبيع بثقة , أو تغسل أدراجا وبيوتا .
أما ذاك الرجل الصامت الذي يلصق فوق صدره ” كجدار” لوحة مكتوبة بخط اليد – مريض يحتاج لدواء وللمال – … يجلس لساعات كصنم , كجدار طوال النهار , لكن , والحق يقال : أنه ينتقل بين موقعين , وحيث الازدحام للمارة , لكن الصمت الذي يلفه يكسر منافذ روح من يرى !!
وأطفال بعمر الورود , حفاة , شبه عراة في حر الصيف , وفي برد الشتاء .. لا يهم , المهم أنهم يمارسون عملهم بإتقان , يستجدون المارة بإلحاح , وثقة تصل حد الوقاحة ..
من المشاهد العجيبة :
– طفلة جميلة ترتدي ملابس أنيقة , وتضع سلسالا و, و, ولكنها تبيع مجموعة من أشياء يمكن حملها بيديها !!
تبيع بثقة وكأنها ملكة , وهي التي لا تتجاوز العاشرة من العمر بل أقل !!
أسأل : أليس لهذه الطفلة من يخاف عليها ؟؟؟
– أما تلك الامرأة التي تلد , وتعيش في حديقة عامة وسط المدينة , تنام وأطفالها في الحديقة , و كأنها في بيتها دون خجل , أو قلق , وهي القوية الجسد , والهمة كما يبدو , تنافس أولئك الذين يعيشون في حديقة أيضا لكنها بعيدة عن مركز المدينة , يحتلونها كسكن , يضعون الخيام , ويمارس أطفالهم , والنساء مهنة التسول بثقة بل بوقاحة حيث ينفذ الصبر منهم ..أما رجالهم فهم القادة لعملياتهم , وللإنجاب !!!
– العجيب أن لا أحد يرى , أو يسمع , أو يهتم من أصحاب الشأن !!
إلا رجلا – رأيته بعيني – وهو الجالس في مقهى رصيف , يقدم لهؤلاء الأطفال المتسولين بثقة أوراقه النقدية الجديدة – ورقة الخمسة آلاف – لكل طفل منهم , ويزدحم المكان بهم فجأة , وقد انتشر الخبر بينهم , وتنتشر البسمات , والضحكات على وجوههم المتسخة , وينتشر الفرح أمام المقهى , وفي قلب الرجل الداعم بثقة , وفي الجيوب المعتمة !
وما نزال ننتظر الصباح .
(موقع اخبار سورية الوطن-١)