نبيه البرجي
دعونا نذكّر جو بايدن بقول المفكر الفرنسي ريمون آرون “الله بعث الى أميركا بسبعة أنبياء دفعة واحدة”، في اشارة مدوية الى واضعي الدستور. توماس جيفرسون، الرئيس الثالث والدماغ الرئيسي في صياغة الدستور، قال انه يسستشعر دبيب الملائكة بين الكلمات. اذاً، من انتزع الدستور من أيدي الملائكة وأوكل تنفيذه الى الشيطان؟
شرف لنا، كلبنانيين وكعرب، أن تكون تمارا رسامني صوتنا في وجه ديناصورات القرن. المارتينيكي فرانز فانون، صاحب “معذبو الأرض” وصف ساسة أميركا بآلهة الاغريق، الذين يحملون النار والخراب أينما حلوا. ادغار موران قال ان أميركا، بكل معجزاتها التكنولوجية، لا تحتاج الى الصواريخ العابرة للقارات لتدميرها. من يتولون السلطة فيها يفعلون ذلك.
تمارا، بمواصفات زهرة البنفسج ، صرختها صرخة البنفسج. لم تكن هي من أباد الهنود الحمر، ولا من ألقى القنبلة الذرية على هيروشيما، ولا من قتل الملايين في كوريا وفي فيتنام وفي أفغانستان ولا في العراق، وكرست تلك الأنظمة التوتايتارية التي كمتحجرات بشرية. هي اختزلت ضمير العالم. لم تكن تحمل البندقية ولا الساطور ولا الحجر. كانت تحمل صوتها فقط، الذي يبدو أنه كشف الى أي مدى هشاشة القيم في الأمبراطورية، بل وهشاشة الأمبراطورية…
قي كل مكان في العالم، الحرم الجامعي هو حرم الكلمة العابرة للأزمنة والعابرة للأسوار. في أميركا تحوّل الى غوانتنامو آخر. يفترض بتمارا كانسانة، قبل أن تكون لبنانية أو عربية، ألاّ تهتز لرؤية جثث 12000 طفل تتكدس في العراء. هكذا طردت من جامعة كولومبيا التي تفاخر بأنها مهد العلوم الانسانية، التي أنتجت أكبر عدد من حاملي نوبل في الاقتصاد. لكنها ثقافة الليدي غاغا التي تحكم كل عروش العرب وكل رؤوس العرب وكل عار العرب (كفانا اغتسال بالعار).
ليتبرأ تاريخ مصر وتراب مصر وشعب مصر من رئيسة الجامعة نعمت شفيق، التي استدعت الشرطة لقمع الاحتجاجات على المذابح (الأميركية بالدرجة الأولى) في غزة، وحضت على اعتقال المحتجين، ليبقى سؤالنا لماذا اختيرت تمارا بالذات. هل تشكل خطراً على الأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة؟ أي دم تحمله نعمت شفيق سوى دم الأفعى. أيها الشيخ امام وأنت تغني “مصر يمّه يا بهية.. الفجر شعلة وتعلى، وعمر الموج ما يطويها” !
رئيسة الجامعة لم تكن تحتاج اثناء استجوابها في مجلس النواب، الى سوى كلمات “اذا باركتم اسرائيل بارككم الله”، لتخرج مضرجة بالفضيحة، ولم تخرج مرفوعة الرأس مثل كلودين غاي رئيسة جامعة هارفارد، أو ليز سالي كورنبلوث رئيسة معهد ماساشوستس للتكنولوجيا.
لكن ما نراه من أعمال قمع للتظاهرات في الجامعات الأميركية الكبرى، يظهر حدة الهيستيريا التي اصابت “الحاخامات” الذين يحكمون أميركا، بعدما اعتبرها الكسي دو توكفيل، في كتابه “الديموقراطية في أميركا”، (1835 ) بمثابة الفردوس البشري، لنسأل هل بدأت نهاية الزمن اليهودي هناك، لتكون بداية الزمن الفلسطيني؟
حين غزا جورج دبليو بوش العراق عام 2003، اعتبر “الحاخام” عوفاديا يوسف “أنه الثأر بالأحذية من “نبوخذ نصر” الذي دمّر الهيكل الأول، وحين احتل موشي دايان شبه جزيرة سيناء عام 1967″، قال “الحاخام” مئير كاهانا، وكان أحد ألقابه “داود سيناء”، ساخراً من الفرعون .. ” والآن نعلقك الى الأبد على الخشبة”.
اللافت هنا، ما ورد في في رسالة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بعد خلعه، الى الشيخ النقشبندي في دمشق محمود أفندي أبو الشامات، “ان المشروع الصهيوني لا يكتفي بازدراد فلسطين. لقد قال لي تيودور هرتزل بأن حركته ستبادر الى تدمير العراق بسبب السبي البابلي، على أن تلقى مصر الشيء ذاته انتقاماً مما فعله تحتموس الثالث (أو منحوتب الثاني) مع بني اسرائيل”، بالرغم من أن التوراة تقول ان عصا موسى شقت الماء التي أغرقت الفرعون وجيشه. هذه العصا التي تلاحق العرب بالذات. ولكن، ألا تمتطي أميركا ظهر يعرب بن قحطان؟
صرخة تمارا رسامني الزلزال الذي يضرب رؤوس برابرة القرن، أكانوا في واشنطن أم في “تل أبيب”، وهم يستشعرون أن النهاية آتية لا محالة، نهاية الزمن اليهودي في أميركا…
(سيرياهوم نيوز ١-الديار)