ألحان العود وأنغامه ارتبطت بالطرب الأصيل، وما بين أوتاره والريشة نسج حكايات الحب ومعه خرجت “الآه” طرباً وحزناً وفرحاً، ليستحق ما قيل بوصفه سلطان الآلات ومجلب المسرات فكان له مستمعوه وعازفوه العاشقون له، ومنهم الشاب نوار حاج خليل محترف العود عزفاً وتدريساً.
خليل يرى بالعود أيقونة سورية فلا تحلو السهرات العائلية إلا بحضوره حسب تعبيره فيقول: “مذياع والدي نافذتي الأولى التي من خلالها عبرت إلى عالم الموسيقا، فكنت من خلاله حاضرا مع جمهور الموسيقار فريد الأطرش ووديع الصافي أتفاعل وكأنني جزء من ذلك العرض الرائع”، هكذا بدأ شغف خليل بالموسيقا.
الموسيقي الشاب الذي ولد بمحافظة اللاذقية في بيئة تعشق الموسيقا استطاع لفت انتباه والديه لموهبته وهوايته بعزف العود مبكراً، فساعداه بتنميتها بشكل أكاديمي على يد أساتذة كان لهم حضورهم في هذا المجال، ومنهم الملحن غياث محمود والفنان الراحل منيف منون والأستاذ محمد عثمان والأستاذ غسان عموري.
وعن أهمية العود ودوره قال خليل في حديث لسانا: آلة العود آلة مركزية في الموسيقا العربية والشرقية، فهي ماكينة الملحن التي تخرج وتصيغ الألحان، وبوصلة المطرب في الغناء وأيقونة في البيت السوري والعربي، وجزء لا يتجزأ من سهرات الدفء والمحبة، ويكفي أن نرى العود حتى نعرف أننا بحضور الموسيقا الشرقية.
وعن قدرة العود على مواكبة الموسيقا الحديثة أشار خليل الى أن دور العود اقتصر قديماً على التلحين ومرافقة المغني، إلا أن التطور الموسيقي العربي والعالمي دفع المؤلفين إلى تطوير أساليب الكتابة والتأليف لآلة العود، ما أدى إلى ظهور مدارس للتأليف وكتابة مقطوعات موسيقية مخصصة لآلة العود، وهكذا انتقلت الآلة من خلف المطرب إلى أمام الأوركسترا من خلال العديد من الأعمال الموسيقية.
المدرس لآلة العود ورئيس قسم الآلات الشرقية بمعهد محمود العجان للموسيقا يرى أن العود آلة فريدة من خلال قدرتها على الاحتفاظ بحضورها وألقها عبر الأجيال منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا، وهو ما يلمسه من شغف كبير وإقبال للأطفال على اختيار العود بمجرد سماعه وقال عن ذلك: “على الرغم من أن الانفتاح على الموسيقا الغربية والعالمية أصبح كبيراً، إلا أن الطفل السوري بقي متمسكاً بثقافته الشرقية والعربية، وهذا ما لاحظته من خلال التدريس وإقبال الأطفال الكبير على تعلم آلة العود وإبداعهم في العزف عليها”، الأمر الذي يعتبره خليل دافعاً له ولكل محبي آلة العود لتطوير أدواتهم في تعليم واكتشاف أساليب مفيدة وفعالة لخلق جيل جديد متمكن ومحترف من عازفي العود، وذلك من خلال إعداد وكتابة التمارين والدراسات المخصصة للعود ووضع خطة منهجية لدراسة الآلة والاطلاع على كل مدارس العزف عليها، إضافة إلى ورشات العمل وحصص العزف الجماعي التي تتيح المجال أمام العازف لكي يطور إمكانياته ويطلع على مختلف الأساليب.
وفي هذا الإطار أيضاً كان للموسيقي الشاب فرصة مع معهد محمود العجان للموسيقا بإطلاق أوركسترا العود السوري، التي تضم نخبة طلاب العود في المعهد وباللاذقية بشكل عام، حيث قدمت الأوركسترا أعمال كبار الملحنين السوريين والعرب من محمد القصبجي والفنان سامي الشوا، وحالياً يتم التحضير لعمل جديد للأوركسترا.
ويبقى خليل عند رأيه بأن تطور التأليف والتدريس لا يكفي وحده للحفاظ على أيقونة كآلة العود، فصناعة العود جزء لا يتجزأ من هذا التطور، وهذا ما قدمه الحرفي الدمشقي واستطاع من خلاله مواكبته تطوير صناعة هذه الآلة العريقة، تطور يكسبها حداثة من دون أن يمس جوهرها وأصالتها.
سيرياهوم نيوز 1-سانا