آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » نور الشريف… فنان حمل قضايا الناس إلى السينما

نور الشريف… فنان حمل قضايا الناس إلى السينما

من “أهل القمة” إلى “ناجي العلي”، أدوار خالدة في ذاكرة الفن.

لم يكن نور الشريف مجرد فنان يعتلي خشبة المسرح أو يقف أمام الكاميرا ليؤدي دورًا، بل كان مثالًا في السعي المستمر وراء المعرفة. آمن منذ بداياته بأن الموهبة وحدها لا تكفي، وأن الفنان الحقيقي لا يتوقف عن التعلّم والتجربة.

كان يحتفظ دائمًا بكراسة صغيرة في جيبه، يدوّن فيها كل ما يراه أو يسمعه. لم يقتصر الأمر على نصوص الأفلام أو الملاحظات التقنية في داخل الاستوديو، بل كان يسجّل حتى التفاصيل البسيطة التي يمرّ بها في الشارع. كان يكتب ملاحظات عن انفعالات الناس، تعابير وجوههم، وحتى المواقف العفوية التي قد تتحوّل يومًا إلى مشهد نابض بالحياة على الشاشة.

والأكثر لفتًا للانتباه أنه لم يتجاهل آراء النقّاد، بل كان يسجّلها بعناية ويعتبرها مادة خامًا للتطوير، لا مجرد ملاحظات عابرة. هذا الحرص على الإصغاء والاستفادة جعله فنانًا متجدّدًا، لا يكرّر نفسه، بل يضيف إلى رصيده مع كل تجربة جديدة.

 

 

الفنان الراحل نور الشريف.

الفنان الراحل نور الشريف.

 

 

وكما فعل في فيلم “زمن حاتم زهران”، حين لم يتردد في أن يدعم الموهوبين ويغامر بماله الخاص ليقدّم عملًا يحمل رسالة، أثبت أنه فنان يؤمن بقيمة الفن ودوره الإنساني قبل أن يكون مجرد أداة للنجاح أو الشهرة. ومن هنا تبرز أهمية هذا العمل، إذ لم يكتفِ نور الشريف ببطولته، بل أنتجه على نفقته الخاصة ليقدّم رسالة قوية عن القيم الحقيقية للتضحية والوطنية، وليدين الانتهازية التي ظهرت بعد الحرب.

لم يكن “زمن حاتم زهران” التجربة الوحيدة التي أظهرت إيمان نور الشريف برسالة الفن، فقد تزامن عام 2022 مع مرور ثلاثين عامًا على عرض واحد من أبرز أعماله، وهو فيلم “ناجي العلي” (20 يناير 1992). هذا العمل أثار ضجة واسعة، وصلت إلى حدّ غضب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، واتخاذ قرارات بالمنع في عدد من الدول العربية، فضلًا عن هجوم شرس في الصحف المصرية واتهامات وصلت إلى حدّ وصفه بالعمالة لأميركا. وقد روى الشريف بنفسه كيف تحوّل الأمر إلى ما يشبه “المذبحة” ضده، ولا سيّما مع حماسته الكبيرة للفيلم ومشاركته في إنتاجه.

ومع كل هذه التحديات، أصرّ نور الشريف على أن يقدّم عملًا يعبّر عن قناعته، مؤكدًا أن الفن بالنسبة له كان أمانة ورسالة، حتى وإن كلّفه ذلك صدامًا مع السلطة أو مع بعض الأصوات النافذة في الإعلام.

وبالعودة إلى مسيرته الفنية الحافلة، يظلّ من بين أبرز أدواره الخالدة فيلم «أهل القمة» (1981) المأخوذ عن سيناريو نجيب محفوظ، حيث أبدع في شخصية “زعتر” التي جسّدت صراع الطموح مع النظرة التقليدية للمجتمع؛ وكان أداؤه علامة فارقة في تيار الواقعية الجديدة.

 

 

زفاف نور الشريف وبوسي.

زفاف نور الشريف وبوسي.

 

 

بعد رحيله، بقي يُنظر إلى نور الشريف كمدرسة فنية متكاملة وصائد للجوائز، بعدما حصد تكريمات كبرى في المهرجانات العربية، فيما ظلّ محبّوه يردّدون أن “نور الفن لن ينطفئ”.

لم يكن حضوره مقتصرًا على الشاشة فحسب، بل امتدّ إلى حياته الخاصة التي ارتبطت بقصة حب شهيرة مع الفنانة بوسي. فعلى الرغم من رفض أسرتها في البداية بسبب طبيعة مهنته وما يحيط بها من شائعات، أصرّا على الارتباط حتى تزوّجا عام 1972، وشكّلا ثنائيًا أحبّه الجمهور داخل السينما وخارجها، قبل أن ينفصلا بعد ثلاثة عقود من الزواج. ومع ذلك، ظلّت بوسي حبّ عمره الوحيد، وبقيت علاقتهما مثالًا للمودّة التي لم تنطفئ حتى آخر أيامه.

 

 

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

محاضرة عن “الذكاء الاصطناعي” تشعل النقاش حول مستقبل العقل البشري في ثقافي جبلة

أقام المركز الثقافي في جبلة اليوم، محاضرة بعنوان “الذكاء الاصطناعي”، قدمها الباحث يحيى أحمد، بحضور مدير منطقة جبلة الدكتور أمجد سلطان، وعدد من الأكاديميين والمثقفين ...