اتهمت نيكاراغوا الحكومة الألمانية بمواصلة تزويد إسرائيل بالأسلحة، رغم علمها بخطر ارتكاب الأخيرة “إبادة جماعية” في قطاع غزة.
جاء ذلك على لسان سفير نيكاراغوا في لاهاي كارلوس خوسيه غوميز، خلال جلسة الاستماع الأولى في دعوى رفعتها نيكاراغوا لدى محكمة العدل الدولية ضد ألمانيا بشأن “تسهيل الإبادة” في قطاع غزة.
وذكر غوميز أنه بالإضافة إلى انتهاك العديد من قواعد القانون الدولي، “فقد اُرتكبت جريمة إبادة جماعية في غزة أمام أعين المجتمع الدولي”.
وأضاف غوميز أن “إسرائيل اختبرت منتجات قطاع صناعة الأسلحة بقصف الفلسطينيين، وخاصة أولئك الذين يعيشون في غزة”.
وذكر غوميز أن على ألمانيا الامتثال للقانون الدولي وعدم دعم “الإبادة الجماعية”، واتهم برلين بـ”تسهيل الإبادة الجماعية في غزة من خلال إرسال الأسلحة إلى إسرائيل”.
وتابع قائلا: “هذه القضية تتضمن أحداثاً مهمة تتعلق بحياة ورفاهية مئات الآلاف من الأشخاص وحتى تدمير شعب بأكمله”.
وقال غوميز إن حكومة وشعب نيكاراغوا يُظهرون تعاطفاً خاصاً مع الشعب الفلسطيني بسبب نضاله ضد التدخل العسكري.
وأردف: “في الوقت الراهن، لا تتحرك نيكاراغوا بالنيابة عن نفسها فحسب، بل بالنيابة عن الشعب الفلسطيني الذي تعرض لواحدة من أكثر الأعمال العسكرية تدميرا في التاريخ الحديث”.
وأضاف أن “ألمانيا استجابت لإسرائيل وقطعت المساعدات عن الأونروا وتجاهلت “خطر احتمال ارتكاب إبادة جماعية في غزة”.
من جانبه أكد دانييل مولر، أحد المحامين الذين مثلوا نيكاراغوا في الجلسة، أن ألمانيا تقدم كافة أنواع الدعم لإسرائيل، وخاصة في مجال توريد الأسلحة.
وتابع قائلا: “من المستحيل ألا تعلم ألمانيا أن الأسلحة التي قدمتها لإسرائيل استخدمت لقصف الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين”.
ولدى خروجه من قاعة المحكمة، قال غوميز، إن “جميع الدول تتحمل نفس المسؤولية من أجل وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
وأضاف: “حاولنا خلال الجلسة التذكير بأن إسرائيل ليست المسؤولة وحدها عن الإبادة، بل أيضا الدول الأخرى التي تقدم لها الأسلحة وجميع أنواع المساعدة”.
وأعرب غوميز عن أمله أن تأخذ ألمانيا بعين الاعتبار القرار الذي سيصدر عن محكمة العدل الدولية.
بدوره قال عمار حجازي، نائب وزير الخارجية الفلسطيني والذي كان ضمن الوفد الفلسطيني: “نرحب بمبادرة نيكاراغوا هذه. وهذا ما يجب على جميع الدول القيام به في هذه المرحلة”.
وشدد حجازي على ضرورة أن تتذكر الدول التزامها بالقانون الدولي والأعراف التي اتفق عليها المجتمع الدولي، مؤكداً أنه لا يمكن استبعاد الشعب الفلسطيني عن هذه الأعراف والقوانين.
وأردف: “ما تفعله نيكاراغوا هو استخدام النظام الدولي ودعم الشعب الفلسطيني المهدد بالانقراض بسبب تصرفات إسرائيل”.
من جانبها قالت تانيا فراين فون أوسلار-غليشن، مديرة الشؤون القانونية بوزارة الخارجية الألمانية، في بيان، إن بلادها رفضت جميع مطالب نيكاراغوا ووجدت أن مرافعة الأخيرة كانت “متحيزة”.
وصباح اليوم الاثنين، بدأت محكمة العدل الدولية، جلسة الاستماع الأولى في اتهام ألمانيا بـ”تسهيل ارتكاب إبادة” بحق الفلسطينيين خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 6 أشهر.
ووفق ما نشرته صفحة المحكمة، عبر منصة “إكس”، افتتحت نيكاراغوا المرافعة الشفهية بشأن طلبها إصدار “تدابير مؤقتة” ضد ألمانيا في الدعوى المقدمة في الأول من مارس/ آذار الماضي.
وتعرض نيكاراغوا الدعوى الواقعة في 43 صفحة، الاثنين، بينما سترد ألمانيا على الاتهامات أمام المحكمة، في جلسة الثلاثاء.
وتعد “العدل الدولية” أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة.
وقالت نيكاراغوا، في طلب الدعوى، إن ألمانيا “تنتهك اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية الموقعة عام 1948، غداة المحرقة النازية”.
وتابعت في طلبها أن “ألمانيا تسهّل ارتكاب إبادة بإرسالها معدات عسكرية (إلى إسرائيل)، وإيقافها تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين”.
وتحث نيكاراغوا قضاة المحكمة (مقرها في مدينة لاهاي بهولندا) على فرض “تدابير مؤقتة”، لدفع ألمانيا إلى التوقف عن تقديم أشكال الدعم كافة لإسرائيل، وبينها الأسلحة.
وشددت على أن صدور هذه التدابير يعد أمرا “ضروريا وملحا” لحماية حياة “مئات آلاف الأشخاص”.
و”التدابير مؤقتة” هي أوامر طارئة تفرضها المحكمة إلى حين النظر في القضية بشكل أوسع.
على الجانب الآخر، قال متحدث الخارجية الألمانية سيباستيان فيشر، لصحفيين قبيل جلسات الاستماع: “نرفض اتهامات نيكاراغوا”.
واعتبر أن “ألمانيا لم تنتهك اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية ولا القانون الإنساني الدولي”.
وبات لمحكمة العدل الدولية حضور لافت في الحرب على غزة، إذ اتهمت جنوب إفريقيا، في قضية منفصلة أمام المحكمة، إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في غزة.
وأمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ التدابير اللازمة لمنع أعمال الإبادة، وشددت موقفها مؤخرا بالمطالبة بإجراءات إضافية تلزم تل أبيب بتعزيز إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر منذ 17 عاما.
ورغم أن قرارات المحكمة ملزمة، إلا أنها لا تملك آلية لفرض تطبيقها.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة، خلفت أكثر من مئة ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور التدابير المؤقتة من محكمة العدل الدولية، وكذلك رغم إصدار مجلس الأمن الدولي لاحقا قرارا بوقف إطلاق النار فورا.
ومن جهة اخرى دعا نحو 600 من كبار موظفي القطاع العام في ألمانيا، المستشار أولاف شولتس، إلى الوقف الفوري لتوريد الأسلحة إلى إسرائيل.
وبحسب موقع “Freiheitsliebe” الإخباري، فإن كبار موظفي القطاع العام بعثوا برسالة إلى شولتس بهذا الخصوص.
وطالبت الرسالة بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل ومواصلة دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في قطاع غزة.
وشدد الموظفون على وجوب قيام ألمانيا بكل ما في وسعها لإقناع إسرائيل بالسماح بإيصال مساعدات عاجلة إلى قطاع غزة.
وجاء أيضاً في الرسالة: “يجب فرض عقوبات على إسرائيل، وعلى ألمانيا أن تبادر على الفور إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة في الإطار. وهذا يشمل تجميد العلاقات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل”.
وأشارت الرسالة إلى أن الأصوات التي تنتقد تصرفات الحكومة الإسرائيلية غير الإنسانية التي تنتهك القانون الدولي، يتم إسكاتها بشكل منهجي من قبل الحكومة الألمانية، وأن المنتقدين يتم تهميشهم وتجريمهم.
وأضاف الموظفون: “”نخشى أيضاً أن نتعرض للاتهام والعقاب بسبب التعبير عن رأينا، لذلك نحن لا نكشف عن أسماء الموقعين على الرسالة عمداً. والحقيقة أن حرية التعبير التي يحميها الدستور في ألمانيا، مقيدة للغاية في عام 2023”.
وكانت ألمانيا وافقت على تصدير أسلحة بقيمة 326.5 مليون يورو إلى إسرائيل في عام 2023.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم