رأى محللان إسرائيليان، الجمعة، أن الولايات المتحدة تخشى قيام تل أبيب بشن حرب على لبنان قبيل أو خلال فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وإن واشنطن تسعى لمنع مثل هذا التصعيد.
وشهدت الأيام الأخيرة تصعيدا ملحوظا في القصف المتبادل على طرفي الحدود الإسرائيلية اللبنانية مع استمرار الجمود في مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
وقال عاموس هارئيل، محلل الشؤون العسكرية بصحيفة هآرتس: “من المقرر أن يعود مبعوث (الرئيس الأمريكي جو) بايدن عاموس هوكشتاين إلى إسرائيل ولبنان في الأيام المقبلة، في محاولة أخرى لانتشال العربة الشمالية من المستنقع، على الرغم من الجمود في غزة”.
وأضاف هارئيل: “الجمود في المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يرفع مرة أخرى من مستوى الخطر شمال إسرائيل”.
وتابع: “ربما أراد زعيم حزب الله، حسن نصر الله، استكشاف إمكانية تحقيق تقدم في المحادثات بين إسرائيل وحماس. ولكن مع عدم حدوث أي تغيير ملموس في مسار المفاوضات، عاد حزب الله لتوسيع نطاق أهدافه، مستهدفاً بصواريخه وطائرات بدون طيار مناطق أوسع، وأحياناً يوسع نطاق إطلاق النار”.
وأردف: “ولكن إسرائيل أيضا لا تقف مكتوفة الأيدي، ففي يوم الخميس، زعم تقرير إعلامي أجنبي أن الهجوم الجوي الذي شُن هذا الأسبوع على منشأة لتصنيع الأسلحة في مصياف وسط سوريا، كان في واقع الأمر غطاء لهبوط قوة كوماندوز إسرائيلية تعمل على الأرض، فقتلت جنودا سوريين ومستشارين إيرانيين، وضربت بنى تحتية مهمة تتعلق بمشروع الأسلحة الدقيقة لحزب الله”.
وقال: “السبب الرئيسي وراء تصاعد الهجمات الإسرائيلية هو الضغط المتزايد من سكان المناطق الحدودية مع لبنان (المستوطنين) الذين اضطروا إلى إخلاء منازلهم منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول”.
وأردف: “الحكومة لا تقدم لهم (مستوطني الشمال) إجابات واضحة، ولا حتى تحدد موعداً محتملاً لعودتهم، ويبدو أن التحركات العسكرية تهدف إلى إظهار اهتمامها، رغم أنها لم تحقق الكثير على أرض الواقع”.
وأضاف: “تشعر القيادة الشمالية – حيث يضغط معظم كبار القادة في إسرائيل لتكثيف الهجمات – أن اللحظة أصبحت مواتية. فالمناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني (جنوب لبنان) باتت شبه خالية، كما أن حزب الله نقل بعض عناصره إلى الشمال”.
لكن هارئيل أشار إلى أن “الأمريكيين، كما يتضح من سلسلة طويلة من الخطابات والمحادثات الجانبية في واشنطن، يعارضون أي هجوم إسرائيلي واسع النطاق في لبنان، ويخشون أن يؤدي ذلك إلى إشعال فتيل الشرق الأوسط بأكمله وزعزعة استقرار سوق النفط قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.”
وكشف عن أنه “عندما يلوّح الإسرائيليون بالتحرك تذكرهم واشنطن بهدوء بأنهم يفتقرون إلى الذخائر وأن العملية البرية في لبنان هي الطريق الأكيد نحو التصعيد الإقليمي. وتعتقد الإدارة أن لديها قنوات اتصال فعّالة، وإن كانت غير مباشرة، مع حزب الله، وأن المنظمة ليست حريصة بعد على مواجهة غير مقيدة”.
ولفت هارئيل إلى أن “الإدارة الأمريكية حذرت إسرائيل، بعبارات لا لبس فيها، من شن حرب شاملة في الشمال”.
بدوره، أشار المحلل بصحيفة “يديعوت احرونوت” نداف إيال في منشور مطول على “إكس”، إلى “تصاعد التوتر بشكل كبير بسبب الوضع شمال إسرائيل”.
وقال: “كثفت إسرائيل من ردود أفعالها العسكرية ضد حزب الله في لبنان، في محاولة لإجبار الجماعة على وقف هجماتها، والتي بدأت في اليوم التالي لشن حماس هجومها على إسرائيل”.
وأضاف: “ويتلخص هدف إسرائيل في وقف هجمات حزب الله الصاروخية والطائرات بدون طيار، والسماح لعشرات الآلاف من الإسرائيليين النازحين من الحدود الشمالية بالعودة إلى ديارهم”.
وتابع: “ومن الناحية الاستراتيجية، تهدف إسرائيل إلى فصل الصراع في الجنوب (غزة) عن التوترات في الشمال (لبنان)، وتجنب حرب شاملة مع حزب الله ولبنان، ومع ذلك، رفض حزب الله جهود التفاوض، ولا سيما تلك التي قادها عاموس هوكشتاين”.
ومضى قائلا: “يصر زعيم حزب الله، حسن نصر الله، على وقف الحرب في غزة من أجل وقف هجماته على الجبهة الشمالية لإسرائيل”.
وقال إيال: “مع تزايد الضغوط العامة والسياسية داخل إسرائيل، والإحباط المتزايد إزاء تحول هذه المناطق فعليًا إلى أرض لا أحد فيها، تتزايد الدعوات إلى رد عسكري أكثر عدوانية ضد حزب الله”.
واستدرك: “ومع ذلك، يعترف المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون بأن شن عملية عسكرية شاملة في لبنان قد لا يضمن توقف حزب الله عن هجماته، حتى مع ارتفاع معدل الضحايا. وفي مثل هذا السيناريو، قد تنضم إيران أيضًا إلى حزب الله وتهاجم إسرائيل”.
وأضاف: “تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق إزاء الخطر المتزايد لاندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقًا، وخاصة في الفترة التي تسبق انتخاباتها الرئاسية نوفمبر”.
وتابع: “إن منع هذا التصعيد إلى جانب تأمين إطلاق سراح الرهائن ووقف الحرب في غزة، يشكل أولوية لإدارة بايدن. ومع ذلك، فإن التوقيتات ليست متزامنة: ساعة الانتخابات الأميركية وساعة الضغوط الإسرائيلية المتزايدة فيما يتعلق بحزب الله”.
وأردف إيال: “ولهذا السبب تعمل مصر وقطر وغيرهما من اللاعبين الإقليميين على تكثيف جهودهم لإعادة حماس إلى طاولة المفاوضات، على أمل إنقاذ إمكانية التوصل إلى اتفاق قبل أن يتفاقم الوضع ويخرج عن نطاق السيطرة”.
ومنذ 10 أشهر تقريبا، تتعثر جولات المفاوضات غير المباشرة بين تل أبيب وحماس، جراء إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب على القطاع، وتمسكه بمحوري فيلادلفيا ونتساريم جنوب ووسط القطاع، بينما تطالب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من غزة وعودة النازحين دون تقييد.
ورغم العراقيل الإسرائيلية، تستمر وساطة قطر إلى جانب مصر والولايات المتحدة لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وإبرام تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم