أثناء المناظرة الرئاسية الأولى والأخيرة قبيل الانتخابات الأميركية، تجاوزت المرشحة الديموقراطية للحزب الديموقراطي، كامالا هاريس، كلّ توقعات المتابعين من كلا الحزبين، وأحدثت تحولاً جذرياً في «الأرقام»، مقارنة بالمناظرة التي خاضها المرشح السابق والرئيس الحالي، جو بايدن، ضدّ منافسه الجمهوري، دونالد ترامب. وسارعت بعض وسائل الإعلام، في أعقاب المناظرة، إلى نشر إحصاءات تعطي نظرة أولية عن آراء المتابعين في أداء كل من المرشحَين. وفي السياق، أفادت شبكة «سي أن أن» الأميركية بأن هنالك إجماعاً واسعاً بين الناخبين المسجلين الذين شاهدوا المناظرة، الثلاثاء، على أن هاريس تفوقت على ترامب، وفقاً لاستطلاع أجرته الشبكة بالتعاون مع شركة الأبحاث المستقلة «SSRS». وطبقاً للاستطلاع، قال 63% من المتابعين إن هاريس قدمت أداءً أفضل على «مسرح فيلادلفيا»، مقابل 37% ممن اختاروا ترامب، علماً أنه قبل المناظرة، انقسم الناخبون أنفسهم بالتساوي حول المرشح الذي سيقدم أداءً أقوى (50% لكل من الطرفين). وفي أعقاب التحدي، قال 96٪ من مؤيدي هاريس إنّ مرشحتهم كانت أفضل، مقارنةً بـ69% من داعمي ترامب. على أن عدداً ممّن شملهم الاستطلاع لا يزالون يرون أن نقاط قوة ترامب تكمن في طريقة تعامله مع قضيتي الاقتصاد والهجرة، فيما تُعدّ سياسات هاريس، طبقاً لهؤلاء، أفضل في ما يتعلق بالإجهاض وحماية الديموقراطية، وهما النقطتان اللتان تطرقت إليهما هاريس أكثر من مرة في إجاباتها.
لن تؤثر المناظرة الأخيرة، بالضرورة، على خيار الناخبين في تشرين الثاني
وبعدما كان عدد من الناخبين قد أعربوا عن رغبتهم في «التعرف» أكثر إلى هاريس قبل «حسم» قرارهم، يبدو أن المناظرة شكلت فرصة مناسبة للأخيرة لـ«إثبات» نفسها، إذ ارتفعت نسبة تأييد الناخبين الذين يصنفون أنفسهم «مستقلين سياسياً» لها إلى 48%، بعدما كانت 30% فقط قبل المناظرة. وفي المقابل، لدى سؤاله عمّا إذا كان سيدعو إلى مناظرة ثانية، اعتبر ترامب أنه ما من حاجة إلى ذلك، لأنه «لم يخسر»، زاعماً أن استطلاعات الرأي حول المناظرة تصب في مصلحته. ورغم «ثقة» ترامب المعتادة، فقد تعرض الرئيس السابق للكثير من الانتقادات بسبب أدائه، ومن ضمنها الاتهامات بـ«التمسك» بالماضي – وهو ما ردت عليه هاريس بالقول مرة جديدة إنها «لن تقبل» أن تعود البلاد «إلى الوراء» -، والتكرار – علماً أن ما قالته هاريس، أثناء المناظرة، لم يكن بجديد أيضاً -، وعدم عرض أي سياسات واضحة، وعدم ترابط الأفكار حتى، في توصيفات تعدّ «حساسة»، ولا سيما أن ترامب أصبح، بعد انسحاب بايدن، أكبر مرشح للرئاسة في تاريخ الولايات المتحدة.
ودفع ذلك ببعض المراقبين إلى الحديث عن أنه بعدما أدى أداء بايدن الكارثي، في مناظرة شهر حزيران، إلى مغادرته السباق الرئاسي، فعلى مؤيدي ترامب أن «يتحسسوا» الخطر بفعل أداء الأخير، معتبرين أن وضع ترامب لم يكن أفضل في حزيران عمّا هو الآن، إنّما وضع بايدن «الكارثي» طغى على نقاط ضعف منافسه آنذاك. على أنه طبقاً لاستطلاع الشبكة الأميركية نفسه، فإن المناظرة الأخيرة لن تؤثر بالضرورة على خيارهم الانتخابي، وهو ما أكده 82% من الناخبين المسجلين الذين شاهدوا المناظرة. وأكد 14% من هؤلاء أن مشاهدتهم للمناظرة جعلتهم «يعيدون النظر»، لكنهم لم يغيروا رأيهم، فيما قال 4% منهم إنهم «غيروا رأيهم» حول خيارهم الانتخابي.
غزة
ولدى حديثهما عن العدوان الإسرائيلي على غزة، أصرّ كل من هاريس وترامب على إثبات «التزامهما» تجاه إسرائيل، وتمسّكهما بـ«أمنها». وروت هاريس تفاصيل الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر، «والذي أشعل فتيل الحرب»، على حدّ تعبيرها، متحدثة مرة جديدة عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، ومؤكدةً أنها «ستمنحها دائماً القدرة» على القيام بذلك، ضدّ «إيران ووكلائها في المنطقة». وبهذا، تكون هاريس قد أكدت، مجدداً، أنها ستتجاهل الدعوات الموجهة إليها في الداخل، على الصعيدين الشعبي والرسمي، لوقف تدفق المساعدات الأميركية إلى إسرائيل، مكتفيةً بالقول، مرة جديدة، إنّ «طبيعة دفاع إسرائيل عن نفسها» مهمّة أيضاً، نظراً إلى أن «عدداً كبيراً من الفلسطينيين الأبرياء قتلوا»، ومكرّرةً دعمها «لحل الدولتين وحق الفلسطينين في الأمن وتقرير المصير». بمعنى آخر، لم يطرأ على خطاب هاريس أي تغيير يُذكر، إذ جاء الأخير متّسقاً إلى حدّ كبير مع ما قالته في «المؤتمر العام» للحزب الديموقراطي.
ولدى طرح سؤال حول القضية نفسها عليه، لم يقدم ترامب أي تفاصيل حول الطريقة التي سيفاوض بها إسرائيل و«حماس»، أو كيفية مقاربته المحتملة للوضع الإنساني في غزة، مكتفياً، بدلاً من ذلك، بتكرار أنه لو كان هو رئيساً، لما بدأت الحرب «أبداً». وفي محاولة لاستفزازها، زعم ترامب أن منافسته «تكره» إسرائيل والعرب، لافتاً إلى أنها رفضت حتى لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عندما ذهب ليلقي «خطاباً مهماً جداً» في الكونغرس الأميركي، علماً أن هاريس لم تحضر الخطاب بسبب التزام مسبق فقط، والتقت بنتنياهو في اليوم التالي. وتابع ترامب: «في حال أصبحت هاريس رئيسة للبلاد، أعتقد أن إسرائيل لن تكون موجودة في غضون عامين من الآن»، متعهداً في حال انتخابه بتسوية النزاعات، بما فيها بين أوكرانيا وروسيا، «قبل تنصيبه» حتى، من دون تقديم أي تفاصيل حول كيفية قيامه بهذا.
سيرياهوم نيوز١_الأخبار