في خطاب لم يدُم لأكثر من أربعين دقيقة، قبلت كمالا هاريس ترشيح الحزب الديموقراطي لها لخوض السباق الرئاسي، وسردت قصة حياتها كفتاة لأم هندية مهاجرة، كما هاجمت منافسها الجمهوري، دونالد ترامب، قبل أن تخصّص الشق الأخير من الكلمة لسياسة بلادها الخارجية في حال وصولها إلى البيت الأبيض. وبالحديث عن الأخيرة، بدا لافتاً إصرار هاريس على تأكيد دعمها الكبير لإسرائيل، إلى حدّ بدا معه وكأنّها تساوي بين المجازر الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة منذ ما يزيد على عشرة أشهر، وبين عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر، مؤكدة، في ما يمثل مفارقة حتى من منظور «الازدواجية» الأميركية، أن ما فعلته «حماس» يرقى إلى مستوى «الإرهاب»، بينما يمكن الاكتفاء بوصف ما تفعله إسرائيل بـ«المدمر» و«اللاإنساني».ورغم أنها أعلنت، مرة جديدة، أنها تعمل مع الرئيس الحالي، جو بايدن، «على مدار الساعة»، لتأمين اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، إلا أنها قالت: «دعوني أوضح أمراً. سأقف دائماً دفاعاً عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وسأضمن أن تكون لديها» هذه القدرة. وتابعت: «لا يجب على الشعب الإسرائيلي أن يعيش الرعب الذي سببته منظمة إرهابية تُدعى (حماس) في السابع من أكتوبر»، مكررة المزاعم حول «الاعتداءات الجنسية، والمذبحة التي طاولت شباناً في حفلة موسيقية». وهكذا، بدا أن هاريس ستستمر في «إحباط» من يدعونها إلى تغيير نهج بايدن إزاء الحرب الدائرة في غزة، ولا سيما عبر فرض حظر على الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل، باعتبار أنّ تلك السياسة أضرّت بالولايات المتحدة عسكرياً ومعنوياً.
كذلك، أكدت المرشحة الديموقرطية للرئاسة أنها «لن تتردّد» في اتخاذ الإجراءات الضرورية لـ«حماية قواتنا ومصالحنا ضد إيران والإرهابيين المدعومين منها»، مضيفةً أنّها لن تتودّد إلى «الديكتاتوريين أمثال كيم جونغ أونغ الذي يدعم ترامب»، وأن ترامب «لن يحاسب الديكتاتوريين، لأنه يريد أن يكون واحداً منهم». وبشكل مقتضب، تعهدت هاريس بالتفوق في معركة الفضاء والذكاء الاصطناعي على الصين في القرن الواحد والعشرين، وتَباهت بأنها حشدت الدعم الدولي لأوكرانيا، بعدما حذرت الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، من أن روسيا ستشنّ هجوماً على بلاده. وفي ما يتعلق بالسياسة الداخلية، سعت هاريس إلى «استمالة» المواطنين الأميركيين عبر سرد «قصة حياتها»، وتصوير نفسها على أنّها «من الشعب»، وعاشت قصصه، وستعمل، بالتالي، «لأجله». وفي السياق، وصفت كيف تنقّلت هي وعائلتها من مدينة إلى أخرى، وعاشت في أحياء يسكنها عمال الطبقى الوسطى، قبل أن تصبح مدعية عامة تعمل «لأجل الشعب».
ومن هنا، بدأت نائبة الرئيس «رحلة» الهجوم على ترامب في خطابها، محاولةً تصوير نفسها على أنها المدافعة عن سلطة القانون، بينما هو متهم في أكثر من قضية، وشجع أنصاره على اقتحام «الكابيتول» بعد خسارته في الانتخابات. أيضاً، اتهمت هاريس منافسها بمحاولة إعادة البلاد «إلى الوراء»، مؤكدةً أنّها وحزبها «لن يسمحا بذلك». وقالت: «نحن نعلم كيف ستبدو عليه الولاية الثانية لترامب، فكل شيء منصوص عليه في مشروع 2025 الذي كتبه أقرب مستشاريه»، مضيفةً أنها لن تسمح لترامب بتهديد الرعاية الطبية وتمويل التعليم الرسمي وغيرهما. وفي حين اتهمت الرئيس السابق بأنه يعمل في خدمة «أصدقائه» المليارديريين، أكدت أنها تعتزم تمرير تخفيض ضريبي يهدف إلى دعم الطبقة المتوسطة، التي اعتبرت أن ترامب يريد «زيادة الضرائب» عليها. ومن جملة القضايا التي أشارت إليها هاريس كذلك، بشكل مقتضب نسبياً، الحق في الإجهاض الذي يعارضه ترامب، وحقوق المثليين، والحد من السلاح المتفلت، ومكافحة تغير المناخ.
وفي حين اعتبر بعض المراقبين أن قضية الهجرة شكلت «نقطة ضعف» رئيسية في ولاية بايدن وهاريس، ذكّرت الأخيرة بأنّها توصّلت مع الرئيس الحالي إلى مشروع قانون نال موافقة الحزبين، كان «الأقوى» في ما يتعلق بالوضع على الحدود، إلا أنّ ترامب جعل «حلفاءه في الكونغرس يقتلون المشروع»، اعتقاداً منه أن أي اتفاق من هذا النوع سيضرّ بحظوظه الانتخابية، متعهدةً بأنّها فور وصولها إلى البيت الأبيض، ستوقّع على مشروع القانون المشار إليه. ومن جهته، كان المرشح الجمهوري يتابع الكلمة، ويرد بسلسلة من التعليقات المتتالية على منصته «تروث سوشيل»، قبل أن يرفع الهاتف ويتصل بشبكة «فوكس نيوز» الأميركية، التي أوردت مداخلته أثناء بث الكلمة، لمدة 10 دقائق، حيث بدا أنه لا يستمع إلى أسئلة المذيعين. وجادل ترامب خلال إطلالته القصيرة بأن هاريس «لم تفعل أياً من الأمور التي تقول إنه يجب فعلها»، رغم أنها كانت نائبة الرئيس طوال السنوات الماضية، فيما وصف فريق حملته خطابها بـ«الأسوأ على الإطلاق».
سيرياهوم نيوز١_الاخبار