الرئيسية » يومياً ... 100% » هذا ماينتظرنا بعد خصخصة القطاع الصحي!

هذا ماينتظرنا بعد خصخصة القطاع الصحي!

 

 

علي عبود

 

تستعد الحكومة للإعلان عن طرح عدد من مشافي الدولة الـ 43 التابعة لوزارة الصحة للإستثمار بأسلوب التشاركية، وهو من الأشكال الحديثة للخصخصة غير المستفزة!

وسواء كان هذا مقدمة لإلغاء جزئي لمجانية الخدمات الصحية في الأمد المنظور، أوإلغائها على نطاق واسع في حال تمكنت الحكومات القادمة من إقناع القطاع الخاص بمشاركتها أو بمنحها صلاحيات واسعة واستقلالية كبيرة في إدارة واستثمار أكبر عدد من المشافي الحكومية.. فإن السؤال: ماذا ينتظر السوريين بعد خصخصة المشافي الحكومية جزئيا أو كليا؟

إذا استندنا إلى تجربة إلغاء الدعم لعدد من السلع الأساسية، ولتجربة تحرير أسعار المحروقات ومستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي.. فإن مستقبلنا الصحي مرعب جدا، على الرغم من أن عدم تأمين الطبابة المجانية للسوريين هي مخالفة دستورية بامتياز!

ويمكن أن نأخد شركات الأدوية الخاصة كمثال، فمع اقتصار معمل الدولة الحكومي على إنتاج أنواع قليلة ومحددة من الزمر الدوائية، وعدم إقامة معامل أدوية حكومية جديدة، فإن فاتورة الأدوية التي تحتاجها الكثير من الأسر السورية باتت باهظة جدا لايقوى عليها سوى المقتدر أو الذي يتلقى حوالات خارجية!

طبعا، شركات الأدوية، مثل المشافي الخاصة ليست جمعيات خيرية، فأسعار منتجاتها وخدماتها لايمكن أن تقل عن التكاليف مع هامش ربح غير بسيط!

ونكرر السؤال: ماذا ينتظرنا بعد تطبيق التشاركية أيّ الخصخصة على الطريقة العصرية غير المستفزة؟

يمكن أن نطلع على تجربة لبنان بالخصخصة وبرفع أو بتخفيض الدعم عن المشافي الحكومية والأدوية ، وتحديدا المتعلقة بالأمراض السرطانية والمزمنة..

كانت أسعار الأدوية سابقا مقبولة جدا قبل انهيار العملة اللبنانية، فتكلفة دواء علاج سرطان الثدي الهرموني (في حال لم توفره وزارة الصحة) ارتفع من 33 دولارا إلى 1400 دولار.

وبفعل انقطاع الدواء فإن الاف المرضى تراجعت حالاتهم وازدادت مضاعفاتهم الصحية وصولا إلى الوفاة وكل ذلك نتيجة تعذر تأمين الأموال الكافية لمتابعة العلاج واستكماله في المشافي الحكومية!

وبالرّغم من صرخة الأطباء السرطان والجهات المعنيّة حول الوضع الكارثيّ لمرضى السرطان، وانقطاع الأدوية أو عدم توافرها بشكل دائم، أو رواج تجارة “الشنطة” والأدوية المزوّرة والمهرّبة، فإنّ لا أرقام موثقة موجودة عند وزارة الصحة اللبنانية ولا الجامعات الطبيّة حول مدى تأثير الأزمة الاقتصادية على مرضى السرطان ونسبة وفيات الأشخاص، الذين حُرموا من العلاج أو انقطعوا عن العلاج لفترات، بسبب التكلفة، أو التشخيص المتأخّر، الذي أدّى إلى تفاقم الحالات السرطانيّة.

وتزداد صعوبة المعالجة، ابتداءً من غياب التمويل وتخفيض الإنفاق، مروراً بأزمة انقطاع الأدوية وتخزينها وتهريبها، وصولاً إلى الأدوية المزوّرة، لتنتهي بانقطاع بعض مرضى السرطان عن علاجاتهم وأدويتهم، نتيجة تعذّر دفع التكاليف والتشخيص المتأخّر لحالاتهم الصحيّة… وهنا الكارثة.

ويبدو واضحا الإرتفاع الصادم في تكلفة بض الأدوية السرطانية بما يفسر عجز الكثير من المرضى تحمل أعباء فاتورتها فبعض الأدوية انخفض سعرها من 270 دولارا إلى 218 دولارا لكنه بات باهظا بعد انهيار العملة، وهناك اتجاه لمرحلة الرفع الكلي للدعم عن الأدوية السرطانية والمستعصية واستبداله بدعم نقدي للمريض.

وقد انخفضت موازنة وزارة الصحة من 330 مليون دولارا عام 2019 إلى 20 مليون دولار فقط، وموازنة الدواء من135 مليون إلى 25 مليون دولار.

وتعود المشكلة إلى تخفيض الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة من 4 مليارات دولار إلى 2.4 مليار دولار.

وبعد أن كان الدعم متحققا بنسبة 100 % وكانت الفاتورة الدوائية السنوية 1.4 مليار دولار انخفضت ليقتصر الدعم على أدوية الأمراض المستعصية ومن ضمنها السرطانية حيث لايتجاوز الدعم حاليا 35 مليون دولار فقط.

ويضطر عدد كبير من المرضى إلى اللجوء إلى السوق السوداء أو إلى الأسواق الخارجية لتأمين أدويتهم المقطوعة والقسم الأكبر منها مزورة.

وفي ظل غياب الجهات الضامنة، يواجه مرضى السرطان مشكلة كبيرة في تحمل تكاليف العلاجات السرطانية المرتفعة الثمن.

والمشكلة في الأدوية المدعومة للسرطان التي تؤخذ في المنزل فكلفتها باهظة فالعلبة الواحدة تتراوح بين 3000 ـ 6000 دولار وقد لاتتوفر بشكل دائم.

 

وبات أكثر من نصف الأدوية غير مؤمنة بسبب غياب أموال الدعم مما يعني أن نصف مرضى السرطان لايجدون أدويتهم أو يتأخر وصولها مما يؤدي إلى تفاقم حالاتهم الصحية.

الخلاصة: نحذر من تخصيص المشافي العامة، ومن إعادة هيكلة دعم الأدوية النوعية والسرطانية بذريعة إيصال دعمها لمستحقيها، وإذا كان الأمر يتعلق فعلا بنقص في الأموال فيمكن تخصيص أجنحة مأجورة في المشافي الحكومية سواء كانت عامة أم في خدمة السياحة الطبية كعمليات التجميل وزراعة الأسنان..الخ تخصص عائداتها لتطوير وتحديث مستوى الخدمات الصحية سواء كانت مجانية أو مقابل أجور رمزية!

(موقع سيرياهوم نيوز-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وماذا عن تراجع القيمة الشرائية للدولار؟

  علي عبود يُروّج بعض (المنظّرين) إلى دولرة الاقتصاد، وهو مالم تجرؤ على طلبه مباشرة المؤسسات المالية المدارة من أمريكا من أي بلد في العالم ...