آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » هرباً من المسؤولية .. آباء يرمون أطفالهم على قارعة الحياة

هرباً من المسؤولية .. آباء يرمون أطفالهم على قارعة الحياة

 رنا بدري سلوم:

لم تكن المرة الأولى التي نُفجع بأبٍ فقد صوابه ورمى أطفاله عرضة للضياع على قارعة الحياة، ذريعة الفقر والعوز والحاجة! سلوك غير سويّ تفشى في الآونة الأخيرة ” رمي الأطفال في الشارع تهرباً من المسؤولية”، منهم قد وجه أصابع الاتهام إلى الظروف الاقتصادية القاسية ومنهم إلى قسوة الأم والأب وفشل علاقتهما في الاحتضان، فمن المسؤول في تفشي هذه الجريمة الاجتماعية وكيف يمكن معالجتها ومعاقبتها؟ وهل يوجد قانون رادع لتلك الجرائم؟ وما رأي علم الاجتماع والنفس فيها ولاسيما أن الأطفال في عمر صغير لا يمكنهم استيعاب تفاصيل الفقر أو جوهر القناعة بالأشياء الموجودة؟ وأننا في حالة حرب وحصار جائر قد قلبَ موازين الحياة رأساً على عقب وأدخل حالات سلوكية اضطرابية لم نكن نسمعها إلا في الحكايات؟!
إن حالة تهرّب الآباء من مسؤولية الأبناء لم تكن وليدة العصر الحالي وليس في بلادنا العربية وحسب بل في سائر بقاع العالم خاصة منذ نشأة الحروب الأولى، وفقاً لما بينته الاختصاصية الاجتماعية النفسية باتريسيا هاكوب كورونيليان مديرة حالة GBV ” مشيرة إلى أننا نعاني الكثير من القضايا المشابهة التي خلفتها الظروف المعيشية ولكنها لم تكن السبب الرئيسي فيها، قائلة: من خلال احتكاكي المباشر في تعديل سلوك الأطفال والنساء المعنفات أجد أن هناك عوامل نفسية اجتماعية مرافقة ورئيسة في تلك الحالات كوجود خلل نفسي اضطرابي في شخصية الأب وعوامل البطالة والإدمان وفشل العلاقة الزوجية، عوامل قد تؤدي إلى الهروب من الواقع المرير الذي تعيشه الأسرة بعدم محافظتها على أدنى مقوماتها وأركانها وهي الاحتضان وبناء بيئة سليمة يعيش فيها الأطفال بعيداً عن الشارع ليصبحوا فيما بعد ضحايا مجتمع. مؤكدة الاختصاصية كورونيليان أن الحالة التي يتربى بها الطفل بعيداً عن أسرته أصعب بكثير من الفقر والعوز اللذين يهددانه في ظلّ أبويه مهما حاول “الكفلاء” تأمين متطلبات العيش الرغيد له، وهو ما ينعكس على شخصيته في المستقبل القريب، لينشأ فاقد الانتماء والاستقرار في التشرد، وبينت الاختصاصية الاجتماعية أن معظم الدراسات عن الأحداث ومرتكبي جرائم نشؤوا في أسر مفككة، فكان نصيبهم من الشارع جرائم السرقة، النشل، عمالة الأطفال، والبغاء والمخدرات والاتجار بالأعضاء البشرية ، وهي نسبة لا يستهان بها حيث تستطيع تدمير المجتمع بأكمله من خلال استخدام الحرية بشكلها السلبي دون رقيب نتيجة الاضطرابات والدوافع التي اكتسبها الطفل المرمي في الشارع.

n18.jpg

حملات مكثفة

تدعو وتناشد مديرة حالة GBVالاختصاصية الاجتماعية النفسية باتريسيا هاكوب كورونيليان الجهات المعنية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والشؤون الاقتصادية والقانونية الاستنفار من أجل الحد من تفشي هذه الظاهرة، كوضع برامج لتمكين المرأة وإعادة تأهيلها، القيام بحملات توعوية ولاسيما في القرى النائية التي يكثر فيها إنجاب الأطفال دون أدنى مسؤولية تذكر حتى يصل بهم الحال لوضع الأطفال في حاويات القمامة دون أي رقيب أو حسيب، فرغم الجهود الحثيثة من الجمعيات التي تعنى بالأسرة بنشر ثقافة التباعد بين الحمول وإعطاء حبوب منع الحمل للحالات المرضية والتي تستدعي ذلك، لابد من الرادع القانوني لمثل تلك الحالات كي لا يصبح أطفالنا عرضة للإهانة على قارعة الطريق ذريعة الحرب والظروف الاقتصادية وما إلى ذلك من حجج لا يقبلها عقل ولا ضمير. خاتمة بالقول: إن غريزة الأمومة تقوى على كل الظروف في تحمل مصاعب الحياة لتأمين حياة كريمة وهنيئة لأطفالٍ هم أمانة في أعناقنا.

العقاب الغائب في الرمي
يرمي الآباء أطفالهم بطريقة بشعة، دون ذكر أي شيء عنهم وبالتالي ستصفهم الجهات المعنية سواءً بدور الأيتام أو الجمعيات الاجتماعية بصفة “مكتوم القيد ومجهول النسب”، وهو ما يؤثر سلباً في شخصية الطفل حين يعي واقعه ونشأته بين أقرانه فيما بعد، فأين عين القانون من هذه الجريمة الإنسانية التي يرتكبها الآباء؟ يجيب المحامي أحمد سعدية مؤكداً أنه لا يوجد في قانون الأحوال الشخصية رادع إلزامي لحالات رمي الأطفال في الشارع من قبل الآباء، بينما في القانون الجزائي والمدني يترتب على الأب وحده مسؤولية التقصير ويجرم ويعاقب قانونياً ولاسيما إن كان مسؤولاً عن حضانة أطفاله تحت السن القانونية، ذاكراً /قانون 18 لعام 1974 قانون الأحداث الجانحين السوري، المادة 14، القانون المدني م173 المعدلة بالمادة 25 من القانون 34 لعام 1975/، ففي قانون الأحداث وكما نوه سعدية إلى أنه في المادة 9 من قانون الأحداث يعاقب بغرامة من مئة إلى خمسمائة ليرة سورية ولي الحدث أو الشخص الذي سلم إليه تطبيقاً لأحكام القانون إذا أهمل واجباته القانونية، أما المادة 14 منه تفرض المحكمة من 100 إلى 300 ليرة سورية على ولي الحدث إذا تبين أن جنوح الحدث ناجم عن إهماله.

n19.jpg

وبرأي المحامي سعدية أن هناك خللا قانونيا وثغرة في النص التشريعي لابد من التوقف عنده وخاصة بعد تفشي حالات الترك والرمي التي لا مبرر لها ولا يعاقب عليها القانون وقد يكون سبباً في دفع الآباء لارتكاب هذه الجريمة النكراء بحق الطفولة.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...