الرئيسية » ثقافة وفن » هكذا فضح المفكّر الراحل أحمد غانم “العنصرية الغربية و التطرف الإسلامي”

هكذا فضح المفكّر الراحل أحمد غانم “العنصرية الغربية و التطرف الإسلامي”

 

بقلم:مالك صقور

..”من يظن أنه يستطيع أن يمتلك الحقيقة فهو يسعى إلى وهم..
أما من يظن أنه امتلك الحقيقة كاملة فقد قرر أن يتخلى عن حريته ليعيش في هذا الوهم،
أما من يعتقد أنه وحده يمتلك الحقيقة فهو إنسان خطر على البشرية ،
من هذه المقولة ، ينطلق الأستاذ أحمد غانم مصدراً كتابه الهام :” العنصرية الغربية والتطرف الإسلامي”
ففي رأيه، ما دام العلم يتقدم ،والحياة مستمرة،لا بد أن يخلق الجديد، ويوجد نتيجة موضوعية لهذا التغيير،وينطبق هذا على العلم كما ينطبق على الدول والسياسات والأفكار فالقول : بامتلاك الحقيقة المطلقة _من وجهة نظره_هو موت علمي وفكري ..وهذا بدوره موت وجودي في النهاية.
وكون الأستاذ أحمد غانم متخصصاً في الفلسفة وأستاذاً متمكناً من اختصاصه، فقد استوعب الفلسفة قديما وحديثا، منذ نشوء الفلسفة وتطورها حتى يومنا هذا ولهذا، يستهل كتابه بمقدمة في المنهج الفلسفي مؤكداً أن الحقيقة ليست ثابتة ،بل خاضعة للتغير وفق قوانينها الموضوعية ومنطقها الداخلي،وأن النسبية تتبدى في إدراكنا لموضوعات العلم ،وفي حدود المعرفة البشرية، وأنه من العبث التعامل مع جميع الموضوعات في منهج البحث نفسه دون مراعاة النسبية.
استناداً لمنهجه هذا باشر أحمد غانم دراسته هذه والتي لم يضع فيها النقاط على الحروف فحسب ،بل كبس الجرح بالملح فاضحاً العنصرية الغربية، والتطرف الإسلامي.
*****
لاأبالغ إن قلت: إن الأستاذ أحمد غانم يتناول في دراسته هذه قضية تقض مضجع البشرية ،ألا وهي العنصرية الغربية التي تتمثل بالاستعمار القديم والحديث والامبريالية ،والغزو واحتلال أراضي الغير ونهب ثروات الشعوب واضطهادها أو بالمقابل جماعات متطرفة تقنعت بقناع التدين والإسلام ،والإسلام والدين منهما براء.
في المقدمة لكتابه هذا ،يبدأ بمأساة فلسطين ،ونكبة 1948،وهزيمة حزيران1967،وما سبق ذلك من استعمار غربي لبلادنا “ثم يطرح الأسئلة التالية :
1_لماذا يكرهنا الغرب ويريد تحطيمنا؟
2 – هل العدوان من طبيعة الإنسان؟
3 – أم الظروف تنتج مثل هذه الحالات المشوهة في علاقة الإنسان بالإنسان؟
وإن كانت هذه الأسئلة تلح عليه وعلى الكثيرين من أبناء جيله فإنّ سؤالاً مهماً آخر أوقعه في حيرة كما يقول هو؛ والسؤال هو: بعد أن اطلع على الفلسفات الغربية وما تحمله من مضامين إنسانية سامية كيف لهذه المبادئ الاجتماعية والأسس الأخلاقية التي تضج بها آراء جان جاك روسو ، وديكارت ، وكانط ،وهيغل.والأفكار الإنسانية لدى الاشتراكيين الفرنسيين وماركس وغيرهم كثير أن تجد ترجمتها استعماراً لا يرحم ،واستيطاناً إلى حد إلغاء الآخر كلياً؟ وكيف يبرر هؤلاء الظلم الذي يلحقونه بالشعوب المستعمرة وهم يرفعون شعار الحرية والعدالة والمساواة؟
هذا الانفصام بين المبادئ والممارسة الذي هو انفصام الذات الاجتماعية ،جعل الباحث أن يبحث في عوامل نشوء مثل هذه السلوكيات ،وكيف سيطرت على مجتمعات بكاملها.
يعرّف الكاتب “العنصرية”التي تقسّم البشر إلى أعراق مختلفة ،باللون والشكل والدم ،والموقف العنصري يرفض الاعتراف بالعروق الأخرى ،ولذلك هو مضطر لتزييف حقائق التاريخ والجغرافيا والعلم.
يشير الباحث إلى أن اليهود هم أول من مارس العنصرية قديماً،وأما المجتمع الذي اعتمد العنصرية في العصر الحديث ،فهو المجتمع الغربي.
مورست العنصرية ضد السكان الأصليين للقارة الأمريكية فأيدوا الشعب له ثقافته ومقاوماته وهويته .وقد استمرت هذه العنصرية والنخاسة عبر الأطلسي حيث تحولت إلى أكثر أنواع التجارة ربحاً، ومورست العنصرية ضد الزنوج السود بأبشع مظاهرها ،كما مورست العنصرية في روديسيا، وجنوب أفريقيا، بصور بشعة وشنيعة ويعجز الخيال عن تصور الإرهاب والتحقير والاذلال التي يمارسها الكيان الصهيوني العنصري في فلسطين. ثمة حقيقة هامة يؤكدها أحمد غانم ألا وهي إن الفكر العنصري الغربي القائم على نظرية العروق قد قام على أساس فكرة المركزية الأوربية، ولهذا , فأن الكثير من المؤرخين المستشرقين الغربين ينفون حضارات الشعوب ويهمشون دور الشعوب الأخرى في الحضارة الإنسانية .وإذا وجدوا حضارة لا يستطيعون نكرانها، نسبوها للعرق الأوروبي أو الآري.
يحدد الباحث المتحولات التي كان لها أكبر الأثر في انتشار الاتجاه العنصري في الفكر الغربي.
أولاً: المتحول الديني (ويقصد العنصرية التوارثية التلمودية):”كل اليهود مقدسون ، كل اليهود أمراء، لم تُخلق الدنيا إلا لجماعة إسرائيل، لا يُحبّ الإله أحداً إلا جماعة إسرائيل. وأن العربي الصالح ،هو العربي المدفون في القبر أو الميت. والإسلام هرطقة .
ثانياً:المتحول المعرفي _الاقتصادي_(الاستشراق_الفلسفة الاجتماعية فالعربي في نظرهم _بدوي يسكن الخيمة وفضاؤه الثقافي لا يتجاوز التعامل مع الماشية والصحراء.
ثالثاً:المتحول العلمي _التكنولوجي(فلسفة العلم)
استغل الفكر العنصري التفوق العلمي والتكنولوجي في الغرب، ورأى فيه مصداقية جديدة لصحة توجهاته ، حيث أكدت صحة فكرة المركزية الأوروبية.
رابعاً: المتحول الفلسفي: (الفلسفة العنصرية)_إذ لم تولد فكرة العنصرية من فراغ ،ودفعة واحدة، بل مرت بمراحل، لقد أسهم التطور الصناعي والتفوق التكنلوجي للغرب الأوروبي في الاعتقاد بأن الأوروبيين هم صناع الحضارة بين الأمم، وهم يبدؤون باليونان ويقفزون إلى عصر النهضة في إيطاليا، فالثورة الصناعية في إنكلترا وهولندا ثم الثورة الفرنسية ،والثورة الأمريكية وبهذا تمّ تغييب حضارات الشعوب الأخرى، والتضحية بعشرة آلاف سنة عمر الحضارة قبل الاغريق، ويمثل نيتشة الفيلسوف الأكثر حماسة لفكرة العرق المتفوق.
وعلى الرغم من المواقف العملية التي تؤكد عنصرية الأنظمة الغربية في انحيازها الواضح للصهيونية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل فقد صدر في العاشر من تشرين الثاني عام 1975 قرار الأمم المتحدة رقم(3379) الذي ينص على أن “الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”.
وفيما بعد عملت الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية على إلغاء هذا القرار لاحقاً بتاريخ 16/ كانون أول 1991 .
*****
أما التطرف الإسلامي في رأي الأستاذ أحمد غانم فإنه يشكل اليوم المبرر الموضوعي والغطاء الأيديولوجي للغزو العنصري الغربي ،إذ تعمل الدوائر الغربية المالية والعسكرية والاستخباراتية على تغذيته لقيام التيارات المتطرفة خاصة في وجود حكومات وأنظمة تتعامل مع الغربي وتستمد وجودها من دعمه وليس من شرعيتها الديمقراطية أو المدنية ، وفي الوقت نفسه ،عاجزة عن تحقيق أي تنمية اقتصادية أو عسكرية أو علمية تمكّن من مواجهة هذا الغزو.
يؤكد الأستاذ أحمد غانم أن التطرف الإسلامي يشكل المعادل الموضوعي للعنصرية الغربية، لكنه يرى أن ثمة فارق جوهري بين العنصرية الغربية التي قامت على التفوق العرقي وبين الجماعات المتطرفة في المجتمعات الإسلامية. ويضرب مثالاً على ألمانيا بعد هزيمتها في الحربين العالميتين إذ مارست التحدي الثقافي والعلمي والتقني في توجهها نحو المستقبل ووظفت إيديولوجيتها العرقية لتقدم ألمانيا وتفوقها التقني والعلمي ،في حين تأخذ الجماعات المتطرفة بلدانها في اتجاه واحد هو سيطرة العمى المعرفي ،بل العدمية المعرفية ،فبدلاً من الاتجاه نحو المستقبل تريد أخذ مجتمعاتها باتجاه الماضي ،عبر القضايا الدينية التي تحوّلت على أيدي هؤلاء إلى شعوذة.تنفّر كل ذي عقل سليم من الدين.
لقد شكل الإسلام ثقافة جديدة ووعياً كونياً لم تعهده قبائل بدو الجزيرة العربية ،وقبائل آسيا لاحقاً .ويرى الباحث أن التحوير حصل في الإسلام عبر محورين طبيعيين ، متفاعلين يتبادلان التأثير عمَلَا في الواقع جدلياً وقاداه إلى ما وصل إليه المجتمع والدولة والشريعة والفكر مجعمعين, وهما :
المحور الصمودي( الزمن والأستمرار)
المحور الأفقي (المكان والامتداد)
في المحور العمودي – كلما ابتعدت ثقافة عن زمن نشوئها زادت الإضافات إليها والذي لا شك فيه, أن عدم الفصل بين الدين والدولة, هو من العوامل التي ساعدت السلطات (الخلفاء) على تحويل الدين إلى خادم للسلطة.
وهذا اجبر الجميع على (رضوخ السلطة الخليفة باعتباره لا يمثل المسلمين فحسب, بل ويمثل إرادة الله فيهم ومن أجلهم وبالتالي, نشأت الجبرية في الفكر العربي الإسلامي, وأوقف الاجتهاد, باجتهاد فقهاء السلطة مع ابن تميمة, وهنا انتصر النقل على العقل.
وبهذا أغلقت كل فسحة أمام العقل أتاحها الدين الإسلامي منذ نشوئه.
أما المحور الثاني -الأفقي, فهو استغلال السلاطين عن الخلافة العباسية بدأ من الأطراف, وقد مورس الاستبداد بأشكال قبيحة من قبل طغاة حكموا باسم الإسلام كخلفاء أو ولاة, ومارسوا هذا الاستبداد على بني قومهم ودينهم.
يتوقف الباحث مفنداً حال الأنظمة العربية والإسلامية وهي تتقارب وتتشارك بالتالي :
1- الديكتاتورية
2- إضفاء القدسية والعصمة على الديكتاتور
3- جماعات الضغط الاقتصادي الاجتماعي
4- المجازر- قتل النفس بغير حق
5- التمثيل بالضحايا
6- الغدر والخداع
7- الترف والمجون والبغاء
8- تسخير الدين للمصلحة السلطة
ثمة تفاصيل مهمة جداً عن العنصرية الغربية والتطرف الإسلامي وعن الأحداث الراهنة إقليمياً وعربياً ومحلياً لا يسمح الحيز بالتوسع بها .
أحمد غانم المدرس والكاتب ناضل من أجل وطن حرّ وشعب سعيد.
(موقع سيرياهوم نيوز٣)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بعد غياب طويل.. دمشق تحتضن مهرجان المسرح الجامعي

تنطلق، مساء اليوم، فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان المسرح الجامعي الذي تستضيفه دمشق على مسرحَي الحمراء والقباني التابعين لمديرية المسارح والموسيقا، حيث تتنافس فرق ...