| نوار هيفا
لا شك أن لقطاع التأمين دوراً مهماً في المرحلة الراهنة، إضافة لدوره الكبير في النمو الاقتصادي. ومن الطبيعي خلال الكوارث الكبرى أن تتوجه الأنظار إلى قطاع التأمين وشركاته لتعويض المتضررين جهات وأفراداً، فأين مؤسساتنا التأمينية؟
مدير المؤسسة السورية للتأمين أحمد ملحم بين أنه لابد من التفريق بين عقود تأمين تغطي منفردة أضرار الكوارث الطبيعية وهي غير موجودة كعقود منفردة، وبين البند المنفرد وهو من شروط مختلفة كالحريق والهندسة وتغطية الكوارث وأَضرار الزلازل.
وأكد ملحم في تصريح خاص لـ«الوطن» وجود عقود تأمين مع المؤسسة سواء القطاع الخاص كفنادق ومطاعم أم العام كمؤسسات اقتصادية متعاقدة مع السورية للتأمين ضد خطر الكوارث الطبيعية وأحدها الزلزال.
وأوضح أن المؤسسة تجمع ضمن فروعها خاصة في المحافظات المتضررة بيانات عن حجم الضرر، وهناك بعض القطاعات المشمولة بالتأمين قيد الكشف وإجراء اللازم وهو ما يتطلب بعض الوقت.
وأشار ملحم إلى عدم اكتمال الإحصائية النهائية لحجم هذه الأضرار لوجود هزات ارتدادية حتى اللحظة وبعض البيوت المتصدعة التي لم تنتهِ اللجان الفنية بعد من الكشف عليها، إضافة لتمكن المتعاقد مع المؤسسة من إخبارنا بقيم الضرر وحدوثه.
وعن نسب المتضررين والمؤمنين فعلياً ضمن المؤسسة، أكد ملحم أن هذه النسب والإحصائيات تحتاج لوقت وتراسل مع كل الفروع لمعرفة الجهات أو القطاعات المستفيدة من تغطية مخاطر الزلزال، وهو متروك لرغبة المتعاقد سواء القطاع العام أم الخاص فهو بند اختياري في الرغبة بالاستفادة من عقد التأمين وحجمه، إذ من الممكن ان يكون هناك متعاقد كان قد أمن على بنائه خلال عام، لكن هذا العام لم يستطع تحمل نفقات التأمين لارتفاع البدل وتم استبعاد بند التأمين على الزلازل.
وعن نسب تغطية الأضرار بالزلازل من المؤسسة، كشف ملحم أنها متفاوتة ومتعلقة بالقيمة التأمينية ضمن عقد التأمين، وعليه تعود نسب التعويض حسب القيمة التأمينية والعلاقة العقدية بين المؤسسة والمتعاقد، ولا يمكن تجاوز القيمة فقد يكون مثلا حجم الضرر 200 مليون والقيمة العقدية 100 مليون، وقد يحدث العكس فيكون حجم الضرر بقيمة 50 مليوناً والقيمة التأمينية 100 مليون هنا يتم التعويض بقيمة الضرر فقط.
وأشار ملحم إلى وجود دراسة وفكرة قُدمت عبر مختصين وخبراء وشركات تأمين خاصة وعامة فحواها تقديم مشروع بإلزامية التأمين لكن يصعب حالياً التكهن بنتائجه حاليا فهو مازال فكرة قيد الدراسة.
عميد كلية الاقتصاد الدكتور عمار آغا بين أن هناك قراراً صادراً عن رئاسة مجلس الوزراء رقم «49» لعام 2009، يلزم القطاع العام كله بالتأمين ضمن المؤسسة السورية للتأمين ضد الزلازل، كمبان ومدارس ومشاف بالقطاعين العام والخاص ضمن المؤسسة السورية للتأمين، لكن هذا القرار لم يُفعل.
وأكد آغا في تصريح خاص «للوطن» أن صعوبة تفعيله تكمن في حاجته لأموال هائلة فوق طاقة المؤسسة السورية للتأمين، إضافة إلى أن العقوبات والمقاطعة حالت دون موضع إعادة التأمين مع شركات التأمين العالمية.
وأشار آغا إلى أن إمكانية إعادة التأمين ضمن شركات صديقة عربية وغربية، مبيناً أنه لا يمكن استغلال فترة تجميد العقوبات المفروضة على سورية بما يخص الشق التأميني لقصر الفترة وعجزها عن استكمال عملية التأمين خلالها.
وحول مشاركة رجال أعمال سوريين بفتح شركات تأمين خارج القطر والمساهمة بإعادة الإعمار ضمن عملية التأمين أكد آغا أنه مقترح ضعيف جداً بسبب صعوبات التحويل المرتبط بالعقوبات المفروضة على سورية.
ولفت آغا إلى مقترح يمكن تطبيقه في المرحلة الراهنة يساهم بتفعيل قطاع التأمين ومشاركته بإعادة الإعمار ألا وهو إنشاء مجمع تأميني تشترك فيه جميع الشركات الخاصة والعامة إضافة إلى إلزامية التأمين على المساكن والمباني في سورية.
وحول توافق نسب التأمين مع الرواتب والأجور وإمكانية تطبيق إلزاميته أكد آغا على توافق هذه النسب ونجاحها وفعاليتها، مستشهداً بالتجربة التركية خاصة مع التشابه بالوضع الكارثي الحاصل وما عمدت إليه في الشق التأميني عبر إلزامية التأمين لديهم من عام 2002، بعد زلزال مرمرة الذي وقع عام 1999، فعدد المباني التركية 20 مليوناً و32 ألف مبنى، المؤمن عليهم 11 مليون مبنى أي 54 بالمئة مؤمن عليهم ضمن شركات التأمين، بالتالي إعادة الإعمار لديهم فعلياً تتم بأقل من سنة عبر هذه الشركات، كما أنها أنشأت مجمع إعادة التأمين ضد الكوارث والزلازل وهذا المجمع تُستثمر أمواله من عام 2000 حتى الوقت الحالي.
كما شدد آغا على ضرورة نشر سياسة التأمين وتفعيلها بين المواطنين للمس أهميتها وإمكانية تطبيقها بدءاً من الوقت الحالي والإسراع فيها قدر الإمكان.
من جهته الدكتور في كلية الاقتصاد شفيق عربش بين أننا اليوم أمام ضرورة ملحة تتجلى بحصر خسائر هذه الكارثة، وضرورة تأمين السكن البديل وبالسرعة المناسبة لمن تهدمت منازلهم وتقديم الدعم اللازم الفني والمادي للمتضررين، إضافة لتمكين من فقد عمله وتأمين فرص عمل جديدة وهذا العمل يتطلب إطلاق العملية الاقتصادية بالشكل المناسب أي تخفيف القيود والإجراءات التي تفرضها الحكومة على قطاع الأعمال بشكل عام لتأمين انطلاق العملية الإنتاجية.
وأشار عربش إلى أن السياسات المتبعة اليوم لم تعطِ القطاع الخاص أبعاده فهي ما زالت تمارس دور الوصاية على أساس أنها هي الجهة المنوط بها إدارة كل العملية الاقتصادية والخدمية في بلدنا وهو يؤثر سلباً في واقع الحياة المعيشية والواقع الاقتصادي.
ولفت عربش إلى أنه من الواجب تأمين انسياب السلع بشكل مناسب ريثما يستطيع الاقتصاد المحلي إنتاج كل ما نحتاجه من سلع وخدمات، إضافة إلى الأسعار المنفلتة التي تقف الحكومة عاجزة أمامها، أو تغض الطرف عنها، والواقع المعيشي الآن ما قبل كارثة الزلزال الأخير كان صعباً وازداد بعد الكارثة.
وأشار عربش إلى غياب الثقافة التأمينية في سورية وقطاع التأمين كغيره من القطاعات بحالة شلل نتيجة لتدخلات من جهات لا علاقة لها مباشرة بسياسة هذا القطاع، مبيناً أن الحكومة أيضاً ترغب بأن تكون وصية على هذا القطاع وتدفع بالمقدمة بالمؤسسة السورية للتأمين على حساب جميع الشركات الخاصة وهي أيضاً تعتقد أن الشركات الخاصة يجب أن تدار وتعمل وفقاً لرؤية وزارة المالية وهيئة الإشراف على التأمين التي يتبع لها هذا القطاع.
وتمنى عربش نشر الثقافة التأمينية في ضوء ما يحل بنا ونحن بحاجة إلى أن ندرك أهمية التأمين بحياتنا ونبادر إلى إجراءات بحيث يكون عند المواطن رغبة وقناعة بالتأمين على ممتلكاته ضد الأخطار والزلازل والكوارث.
سيرياهوم نيوز1-الوطن