د. بسام روبين
كلنا يعلم أن الفساد إنتشر بشكل واسع وأصبح مقونن ومؤسسي في ظل ضعف منظومة المراقبة والمسائلة والحوكمة و تفشى بشكل واسع بين المستويات المتوسطه والدنيا من الموظفين ،وأصبح الفساد أحد وسائل الاسترزاق عند غالبية الرسميين وعلى حساب تطوير القطاع العام وإدارة المال العام ،ومع ذلك كله نجد الحكومة عاجزة عن مواجهة هذه الحالة المجتمعية بالرغم من أنها وبين الحين والآخر تطلق شعارات عن تطوير القطاع العام ، في ظل تخبط الحكومات بين إلغاء وزارة تطوير القطاع العام واعادتها فهي وزارة غير فاعلة بهذا الخصوص بدليل أن ما يحصل يقع خارج أطر تطوير القطاع العام.
وأعتقد أن هنالك ضرورة وطنية ملحة للمباشرة بإجراءات التحول الرقمي أسوة بتلك النماذج العربية والدولية الناجحة، فالتحول الرقمي يفرض واقعا جديدا على موظفي الدولة، وينهي أمراض الواسطة والمحسوبية ومرونة الإجتهادات الطاردة للإستثمار و الممنوحة حاليا للموظفين ولنا في البنوك وشركات الإتصال خير مثل ،فلا يمتلك أي موظف حرية التصرف أو الإجتهاد خارج قواعد النظام الذي يدير جميع الأعمال ،لذلك نرى هذه القطاعات تحقق أرباحا خيالية من خلال تطبيق أنظمة رقمية وضعت بعناية لمصلحة هذه المواقع ولو أن الحكومة قررت السير قدما بالتحول الرقمي لنجحنا في وقف إنتشار الفساد ومعالجة آثاره تدريجيا وصولا إلى ملامح دولة عصرية عادلة تتناسب مع المرحلة القادمة والقاضية بضرورة حماية الإستثمار ومعالجة قضايا البطالة والفقر.
وقد تواجه الحكومه صعوبات في بداية تطبيق هذا المشروع الكبير لأن المتضررين منتشرين في كافة المواقع ولا يعنيهم أي تطوير بقدر إهتمامهم باستمرار مصالحهم الضيقة على حساب تطور الدولة.
لذلك أنا أنصح الحكومة إذا توفرت لديها الرغبة في إيجاد حل دائم ومناسب لمختلف أنواع المشاكل السائدة في القطاع العام والخاص أن تدرس بجدية موضوع التحول الرقمي ،وأن تفعل وزارة تطوير القطاع العام والتي ما زالت غائبة عن المشهد منذ زمن طويل ،وكأن الأمر لا يعنيها فمن يهمه الأمر ،وبالرغم من العقبات التي ستواجهه يكفيه فخرا أنه سيعلق جرس الإصلاح بطريقة حضارية تكنولوجية حديثة ،مما سينعكس بالخير الوفير على المجتمع وصورته الجديدة أمام العالم أجمع ،وبالتالي نخرج من عنق الزجاجة بشكل حقيقي.
وربما يأتي يوما نستغني فيه عن دواعي وجود دوائر لمكافحة الفساد بعد أن إنحرف بعضها عن الأهداف الذي وجد من أجلها، بالإضافة إلى توفير كلف تقديم الخدمات الحكومية ومعاناة الناس في المراجعات والواسطات والرشاوي لانجاز المعاملات بالاخص في الدوائر الخدمية ذات الأكثر طلباً عند الجمهور.
وهنا وبالتحول الرقمي الذي يعتبر الأداة الرئيسة بتطوير القطاع العام نصل إلى حكومة رشيقة منجزه تحقق اهدافها لخدمة الناس.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم