احمد ضوا انتهت مؤقتاً معركة مجلس الأمن حول إدخال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سورية باتفاق أميركي وروسي، يقضي بالإبقاء على معبر باب الهوى غير الشرعي فقط أمام هذه المساعدات على الرغم من سيطرة التنظيمات الإرهابية الدولية والنظام التركي عليه وتحكمهم بحركة وسير القوافل الداخلة والخارجة منه. الرفض السوري للقرار لم يأخذ في الاعتبار الاتفاق الروسي الأميركي على تبنيه واستند على الجوانب السلبية لهذه الآلية التي تخالف شرعة الأمم المتحدة وتشكل انتهاكاً لسيادة ووحدة الأراضي السورية ولا تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها وتحقق مكاسب متعددة للنظام التركي الداعم لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي والكيانات المرتبطة فيه بإدلب. من الواضح أن الولايات المتحدة اتبعت سلوكاً خبيثاً ضللت فيه روسيا عبر تطبيقها لقاعدة اطلب الكثير لتحصل على القليل، حيث رفعت إدارة بايدن سقف مطالبها الى فتح ثلاثة معابر لتوافق في نهاية المطاف على إبقاء معبر باب الهوى وهو سقف الطموح الذي كانت تبتغيه. لا شك أن حسابات موسكو في سورية تختلف كليا عن حسابات واشطن، فالأولى تسعى الى ترسيخ الاستقرار في البلاد أما الثانية فتعمل لتجميد الوضع الحالي بما يحمل مخاطر كبيرة على وحدة الأراضي السورية ولذلك سعى الوفد الروسي في مجلس الأمن للوصول إلى قواسم مشتركة تفتح الباب أمام النقاش الأميركي الروسي حول سورية في المرحلة القادمة ويفهم الإصرار الروسي على إعادة تجديد القرار بعد ستة أشهر على أنه اختبار للرئيس الأميركي جون بايدن الذي ربط أي نقاش مستقبلي بين البلدين حول سورية بموافقة روسيا على تجديد آلية ادخال المساعدات الإنسانية عبر المعابر غير الشرعية. لم يكن النظام التركي بعيداً عن صلب النقاش الأميركي حول تجديد الآلية المسيسة للمساعدات الإنسانية، وكان همه الوحيد معبر باب الهوى لما يوفره من ميزات تكتيكية ولوجستية تضمن له الاستفادة والتأثير على الكيانات الإرهابية في محافظة إدلب، وهذا الأمر سيؤثر سلباً على الجهود السورية والروسية لتطهير المحافظة من الإرهاب وبالتالي إطالة أمد حالة عدم الاستقرار في تلك المنطقة وافساح المزيد من الوقت أمامه لفرض المزيد من الإجراءات التتريكية على السكان في تلك المنطقة. لن يمر وقت طويل حتى تتكشف خفايا ولواحق القرار الأخير لمجلس الأمن، فالبلع الروسي للطعم الأميركي لن يكون دون ثمن إلا إذا تراجعت واشنطن عن مواقفها وهنا ستفتح المعركة من جديد بعد ستة أشهر وهو ما تستبعده الدوائر الأميركية والغربية التي تتحدث عن حوار استراتيجي أميركي يتخطى الوضع في سورية الى عموم أزمات المنطقة وتبلور قناعة لدى الجانب الأميركي باستحالة تجاهل روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا. إن المناقشات التي سبقت اصدار القرار خلال الأيام الماضية وفي جلسة إصداره كشفت أن الجانب الأميركي كان يركز على الاحتفاظ بالآلية المنتهية الصلاحية ولم يكن لديه أدنى شك بعدم موافقة الجانب الروسي على فتح معابر غير شرعية جديدة، ويتبين ذلك من تعمد عدم تشاور ما يسمى حاملو القلم الإنساني (إيرلندا والنرويج) مع الوفد السوري بشأن المشروع خلافاً لمسؤولياتهما وهذا يعكس ارتهانهما للهيمنة الأميركية وعدم اكتراثهما بالشأن الإنساني الذي خلفته الحرب الإرهابية والإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية على الشعب السوري. تفرض التشابكات الروسية الأميركية في سورية على البلدين فتح قنوات للحوار والكرة الآن باتت في ملعب واشنطن بعد أن مهدت موسكو الطريق له بقبولها تجديد الآلية القديمة للمساعدات الإنسانية لمدة ستة أشهر إضافية التي سيكون تجديدها مرهون بكيفية فهم وتفسير إدارة بايدن للموقف الروسي الذي لم يستجب لرغبة الحكومة السورية برفض هذه الآلية المسيسة (سيرياهوم نيوز-الثورة١٠-٧-٢٠٢١)