بعد تهديدها سواحل المحيط الهادئ
ضرب زلزل وُصف بأنه أحد أقوى الزلازل المسجلة عالمياً على الإطلاق حتى الآن إحدى مناطق شرق روسيا، فجر الأربعاء، متسبباً في حدوث موجات مد عالٍ (تسونامي) اجتاحت اليابان وهاواي عبر المحيط الهادي.
وقال خبراء الزلازل اليابانيون والأميركيون في تصريحات إعلامية إن الزلزال الذي بلغت قوته 8.8 درجة تبعته هزات ارتدادية عديدة بلغت قوتها 6.9 درجة.
وسُجِّل ارتفاع تسونامي يتراوح بين 3 و4 أمتار (10 إلى 13 قدماً) في كامتشاتكا، و60 سنتيمتراً (قدمين) في جزيرة هوكايدو شمال اليابان، ورُصد ارتفاع يصل إلى 1.4 قدم (أقل من 30 سنتيمتراً) فوق مستوى المد في جزر ألوشيان في ولاية ألاسكا الأميركية.

وقال ديف سنيدر، منسق التحذيرات من تسونامي في المركز الوطني بولاية ألاسكا، إن تأثير تسونامي قد يستمر لساعات أو ربما لأكثر من يوم.
وأضاف في بيان صادر صحافي الأربعاء: «التسونامي ليس مجرد موجة واحدة، بل سلسلة من الأمواج القوية تمتد على مدى فترة طويلة. وتعبر أمواج تسونامي المحيط بسرعة مئات الأميال في الساعة – بسرعة طائرة نفاثة – في المياه العميقة. ولكن عندما تقترب من الشاطئ تتباطأ سرعتها وتبدأ بالتراكم. وهنا تصبح مشكلة الفيضانات أكثر احتمالية».
وبسبب إرسال الأرض لهذه التموجات المائية الهائلة عبر المحيط، تستمر هذه التموجات في التحرك ذهاباً وإياباً لفترة طويلة، ولهذا السبب قد تشعر بعض المجتمعات بآثارها لفترة أطول.
وبسبب هذه التأثيرات المحتملة تساءل كثيرون عن مدى احتمالات وصول موجات التسونامي إلى المنطقة العربية؟
الدكتور محمد عز العرب، الأستاذ المساعد في الشبكة القومية لرصد الزلازل التابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يحدث التسونامي نتيجة وقوع زلزال أو أي هزات أرضية داخل البحار أو المحيطات بقوة لا تقل عن 6.5 درجة على مقياس ريختر، حيث يؤدي اندفاع الموجات السيزمية إلى توليد موجات المد البحرية والوصول إلى الشاطئ بسعة موجية كبيرة».

وأضاف أن زلزال اليوم وقع في منطقة نشطة زلزالياً تعرف بمنطقة (الحزام الناري)، إلا أنه شدد على أنها تبعد كثيراً جداً عن المنطقة العربية، نافياً أي تأثير لذلك التسونامي علينا.
وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن زلزال روسيا الذى وقع في المحيط الهادي تسبب في حدوث موجات تسونامي وصلت بالفعل إلى بعض الدول مثل اليابان، ومن المتوقع أن تصل إلى دول أخرى تطل على المحيط الهادي مثل إندونيسيا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة الأميركية وسواحل أميركا الجنوبية الغربية، ولكن من المستبعد أن يكون لذلك الحدث أي تأثير على مصر وباقي الدول العربية.
ووفق شراقي، يعد هذا الزلزال الأقوى على سطح الأرض منذ زلزال اليابان 11 مارس (آذار) 2011، عندما ضرب زلزال بقوة 9.0 درجة شمال شرق اليابان على عمق 24 كم، مما تسبب في حدوث تسونامي مدمر بارتفاع أمواج تعدى 40 متراً.

من جانبه، يستبعد الدكتور طه رابح، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، أي تأثير للزلزال وما نتج عنه من موجات تسونامي على المنطقة العربية، قائلاً إن تأثيره يقتصر على الدول الشاطئية المطلة على المحيط الهادي، مثل آلاسكا والأميركيتين واليابان.
وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «تحدث الزلازل على الفوالق الأرضية ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى التربة، وبالتالي حدوث الموجات البحرية التي تبدأ عادة بطيئة عند مركز الزلزال ثم تزيد قوتها تدريجياً لتصل إلى أقصى سرعة لها كلما اقتربت من الشواطئ».

وأوضح رابح أن زلزال اليوم وقع في منطقة ضحلة قريبة من السطح، ولا يتجاوز عمقها العشرين كيلومتراً، مما زاد من تأثير توليد موجات مد بحرية وصل ارتفاعها إلى نحو 4 أمتار، مؤكداً أنه فيما يتعلق بالمنطقة العربية فهي تقع في نطاق منطقة زلزالية أقل قليلاً من المتوسط العالمي. ولكنه أردف أن الزلازال ظواهر طبيعية، ويمكن أن تحدث في أي مكان، مشدداً على ضرورة تدعيم البنية التكنولوجية للبلدان العربية وزيادة تكنولوجيا محطات رصد ظواهر المد والجزر، وتطبيق الكود الزلزالي على المباني الجديدة.
وهو ما شدد عليه أيضاً عز العرب قائلاً: «الظواهر الطبيعية قابلة للحدوث في أي من مناطق العالم، وعلى متخذي القرار اتخاذ التدابير اللازمة لتقليل الضرر في حال حدوثها في أي وقت».
وزاد أنه لا بد وضع خطة للتجاوب مع مثل هذه الأحداث تتضمن ضرورة تخصيص أماكن للإخلاء وإيواء المتضررين في الوقت المناسب، وأن يسبق ذلك التوعية المستمرة بمثل هذه المخاطر، وكيفية التعامل الأمثل معها، مشدداً على ضرورة تدعيم البلاد بتقنيات الإنذار المبكر.