آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » هل تصمد الليرة السورية أمام الدولار مع استمرار العقوبات والمضاربات؟

هل تصمد الليرة السورية أمام الدولار مع استمرار العقوبات والمضاربات؟

محللون: انفلات محتمل في سعر العملة يتطلب التعاون مع المؤسسات المالية الدولية من دون إغراق البلاد بالديون وحان الوقت لتغيير طريقة إدارة “المركزي”

 

 

تؤثر العقوبات بصورة سلبية في مجمل الوضع الاقتصادي في سوريا، إذ تعمل على تقييد التجارة الدولية وزيادة عوائق التصدير والاستيراد وخفض الاحتياطات، إضافة إلى منع تدفق الاستثمارات بصورة تؤثر في قيمة الليرة السورية وتؤدي إلى ارتفاع منسوب الفقر لدى غالبية السكان.

شهدت الليرة السوريا ارتفاعاً كبيراً أمام الدولار مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وتراجع سعر صرف الدولار من 15 ألفاً إلى 7500 ليرة، قبل أن يعاود الارتفاع إلى 10 آلاف ليرة حالياً.
المتخصصون في الشأن الاقتصادي في سوريا يرون أن التحسن في سعر الليرة جاء مدفوعاً بسياسات البنك المركزي السوري التي تتخذ من تثبيت سعر الصرف هدفاً لها عبر تقييد المسحوبات من المصارف وتجفيف السيولة في الأسواق، مما استغله تجار ومضاربون حولوا الشوارع إلى منصات لتصريف العملات عبر شبكات تضم المئات من الأفراد الذين يمارسون مهنة الصرافة مستغلين حاجة الناس إلى تصريف جزء من مدخراتهم لتلبية استحقاقات ومتطلبات معيشتهم.

ويحذر اقتصاديون من أثر السياسات الهادفة إلى ضبط سعر الصرف على حساب الإنتاج والاقتصاد الوطني، خصوصاً أن التوقعات تشير إلى أن الدولار سيتجه نحو الارتفاع أمام الليرة مع بدء مرحلة جني الأرباح واستمرار توقف النشاط الاقتصادي وعدم رفع العقوبات حتى الآن بما يسمح بانطلاق عجلة النمو في سوريا التي يعاني 90 في المئة من سكانها من الفقر، وتسببت الحرب في خسائر لاقتصادها تجاوزت الـ800 مليار دولار وفقاً لإحصاءات أممية.

الليرة ستتجه حيث يتجه الاقتصادي

“اندبندنت عربية “تحدثت إلى الوزيرة السابقة والمتخصصة الاقتصادية السورية الدكتورة لمياء عاصي التي ترى أن العملة المحلية هي التعبير المادي عن النشاط الاقتصادي، ومن ثم فإن الليرة السورية ستتجه حيث يتجه الاقتصاد السوري، إضافة الاستقرار السياسي والأمني.

وأوضحت “في الأعوام السابقة تدهورت قيمة العملة بسبب تردي الوضع الاقتصادي، لا سيما الإنتاج وعدم الاستقرار السياسي والأمني، إضافة إلى العقوبات الغربية، فإذا استقرت الظروف الأمنية والسياسية في البلاد ورفعت العقوبات وتمكن الاقتصاد السوري من التعافي والنهوض وارتفاع مستوى الإنتاج الزراعي والصناعي مجدداً فإن ذلك سيؤدي إلى تحسن حقيقي في قيمة وسعر صرف الليرة السورية وستشهد الثبات والاستقرار وهو أهم مؤشر لأي عملة”.

وأشارت إلى أن اعتبار تحسن سعر صرف الليرة السورية الهدف الأساسي من السياسة النقدية والاقتصادية هو فكرة خطأ بالمجمل، موضحة “من المعروف أن عوامل عديدة تحدد سعر صرف أي عملة، ومنها حجم الكتلة النقدية المتداولة وإجمالي العمليات التجارية والإنتاجية الموجودة في الاقتصادي وحجم الناتج المحلي الإجمالي وعوامل أخرى”.

واستدركت “لكن بصورة موقتة وغير حقيقية وغير مستدامة أيضاً”، مؤكدة “بل إن تأثيره سيكون سلبياً على النشاطات الاقتصادية سواء التجارية أو الإنتاجية والخدمية ويوقف النمو الاقتصادي”.

وأوضحت أن “الظروف التي مر بها السوريون والتي أثرت بصورة عميقة على حالهم الاقتصادية أدت إلى استنزاف مدخراتهم من الحلي الذهبية أو العملات الأجنبية أو بيع الأصول التي يمتلكونها لتغطية الحاجات الضرورية مثل الغذاء والدواء، مما يعني انعدام الأمن الغذائي للأسر، الذي استمر فترة الأعوام السابقة وأكل معظم مدخراتهم ومقتنياتهم، واليوم نشهد ظاهرة غريبة، هي وجود بسطات لتصريف العملات، وهذه البسطات تشي بأن خلف هؤلاء الباعة يوجد شبكات للمضاربة غير رسمية ضمن سوق سوداء نشطة تقوم بالتحكم بالسوق وتجري عمليات الصرافة لمصلحتهم، ولكن هذا كله غير قانوني وله تأثير سيئ جداً على الاقتصاد الوطني”.

 تراجع الإنتاج واستمرار المضاربة

لمياء عاصي قالت، “يحدد سعر صرف الليرة السورية بناء على عوامل عدة”، موضحة “أولها الكتلة النقدية المتداولة في الأسواق منسوبة لحجم السلع والخدمات والعمليات التجارية، ومن المعروف أنها تقلصت بصورة كبيرة اليوم بفعل سياسة تقييد السيولة، وخصوصاً ما يتعلق بتحديد سقف منخفض جداً للسحب النقدي من البنوك”.

وحول ثاني العوامل أضافت، “حجم الإنتاج المحلي للسلع في الأراضي السورية، والمضاربة على سعر الليرة السورية التي تلعب دوراً مهماً في تحديد سعر الصرف”.

وأشارت “لذلك إذا ما حدث أي تعديل على حجم الكتلة النقدية المتداولة من خلال سياسة تقييد السيولة أو تغير أدوار المضاربة سواء لجهة البيع أو الشراء، فإن ذلك سيؤثر في سعر الصرف ارتفاعاً أو انخفاضاً، ومن ثم إذا ارتفع سعر الصرف (انخفاض قيمة الليرة السورية) نتيجة استمرار حال التدهور والتراجع في القطاعات الإنتاجية أو نتيجة عمليات المضاربة، وفي حال جني الأرباح، فإن هذا سيفاقم حال الفقر وستنخفض القدرة الشرائية لعموم السوريين وهذا الانخفاض هو نفسه عامل محبط لعملية الإنتاج والنمو الاقتصادي وهذا ما يسمى مصيدة الفقر، إذ يكون الفقر وانخفاض القوة الشرائية سبباً قوياً لفقر أشد منه”.

التعاون مع المؤسسات الدولية

وعن المطلوب اتخاذه من قرارات لإنقاذ الاقتصاد السوري قالت لمياء عاصي، “عادة تتخذ في الأزمات عدد من السياسات النقدية، أهمها تعزيز الاحتياطات من العملات الأجنبية لدى المركزي، وهذا غير ممكن إلا باتباع سياسة لتحفيز الإنتاج المحلي بكل أنواعه وتشجيع التصدير الذي يأتي بالعملات الصعبة، مع البدء باستعادة وتشغيل قطاع الطاقة كأهم مقومات وعوامل الإنتاج، ولمقاومة انفلات محتمل في سعر الصرف، قد يستلزم التعاون مع المؤسسات المالية الدولية مع الحذر من إغراق البلاد بالديون سواء من صندوق النقد الدولي وغيره، ومما سبق يجب أن يترافق بالسيطرة على السوق السوداء واتخاذ إجراءات صارمة للحد من استخدام العملات الأجنبية بدل العملة المحلية في التعاملات التجارية”.
وشددت على ضرورة رفع العقوبات عن سوريا نظراً إلى تأثيرها بصورة سلبية على مجمل الوضع الاقتصادي في البلاد، فهي تعمل على تقييد التجارة الدولية وزيادة عوائق التصدير والاستيراد، لا سيما المواد الأساسية، وتؤدي إلى خفض الاحتياطات من العملات الصعبة في المصرف المركزي، إضافة إلى منع تدفق الاستثمارات، فكل ما سبق يؤثر في قيمة الليرة السورية ويؤدي إلى ارتفاع منسوب الفقر لدى غالبية السكان، والقرارات التي صدرت حالياً بتخفيف لبعض العقوبات الأوروبية وتعليق لبعض العقوبات الأميركية بصورة موقتة هو خطوة جيدة ولكنها ليست كافية، وهناك وعود برفع أكبر للعقوبات لكنها مشروطة بخطوات سياسية معينة”.

تحسن الليرة لا يعكس الواقع الاقتصادي

من جانبه، يرى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق والمدير السابق لمكتب الإحصاء في سوريا الدكتور شفيق عربش في حديث إلى “اندبندنت عربية”، أن “تراجع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية مع سقوط النظام يثير كثيراً من الاستغراب والتساؤل”، متسائلاً “ما الذي حدث حتى يتراجع سعر الصرف إلى أكثر من النصف؟ إذ سجل في بعض المراحل 7500 ليرة”.

وأشار إلى أن “التحسن في سعر الليرة جاء في ظروف غير طبيعية أقلها توقف الإنتاج والتصدير وتراجع الإنفاق العام”، مستدركاً “لكنه حدث مدعوماً بسياسات المركزي السوري القائمة على تجفيف السيولة من الأسواق وتقييد السحوبات من المصارف وتحديد المبالغ المتاح سحبها بـ500 ألف ليرة يومياً وصلت في بعض الفترات إلى 200 ألف ليرة وبما لا يتجاوز مليون ليرة أسبوعياً، ومع تجميد حسابات كثير من الشركات والقطاعات قبل البدء بالإفراج عنها أخيراً يتأكد أن السوق خضعت لممارسات التجار المحتكرين والمضاربين الذين استغلوا الوضع لتحقيق مكاسب آنية وسريعة عبر خلق جيش من الصرافة ملأوا بهم الشوارع في مختلف مدن ومناطق البلاد، وكان لافتاً أنهم يعرضون كميات كبيرة من الأموال السورية الجديدة يقال إن مصدرها المناطق التي كانت تعد خارج سيطرة الدولة قبل التحرير، عندما كان النظام يلجأ إلى معالجة أزماته عبر وكلاء له لشراء الدولار مقابل أموال بالعملة السورية ترسل مباشرة من البنك المركزي إلى تلك المناطق”.

أخبار سوريا الوطن ٢-إندبندنت عربية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تأسيس تحالف مصري لإعادة الإعمار… طفرة مُرتقبة لمضاعفة الصادرات المصرية وتدفقات النقد الأجنبي

  إسلام محمد   في خطوة تهدف إلى التكامل الاقتصادي بين الشركات المصرية وتعزيز حضورها في الأسواق العربية، أعلنت 41 شركة خاصة في مصر عن ...