آخر الأخبار
الرئيسية » هل تعلم » هل تعلم …..

هل تعلم …..

لماذا تتوحم المرأة؟

عندما يبدأ الحمل، لا يكتفي جسم المرأة بتوفير بيئة آمنة للجنين، بل يدخل في عملية إعادة ضبط شاملة تجعل من كل خلية تعمل بمنطق جديد تمامًا. وهنا يظهر “الوحم”، تلك الظاهرة التي تبدو غريبة، لكنها في الحقيقة إحدى أكثر الآليات البيولوجية دقة وذكاء. فمع ارتفاع هرمونات الحمل—خصوصًا البروجستيرون والإستروجين وhCG—يتغيّر عمل الدماغ، وتصبح حاستا الشم والتذوق أكثر حساسية بعشرات المرات، لتعمل كـ“نظام إنذار” يمنع الأم من تناول ما قد يشكل خطرًا على الجنين، حتى لو كان آمنًا قبل الحمل.

في المقابل، تظهر رغبات قوية تجاه أطعمة معيّنة لأن الجنين يرسل حاجاته عبر المشيمة والدم، فيترجمها الجسم على شكل شهيّة مفاجئة. نقص الحديد يجذبها للحوم والخضار الداكنة، نقص الكالسيوم يدفعها للألبان، وحتى الحاجة للطاقة تظهر كرغبة شديدة في السكريات. ليست تقلبات مزاجية… بل برمجة داخلية دقيقة تضمن وصول العناصر الضرورية في الوقت المناسب.

لكن الوجه الأعمق للإعجاز يحدث داخل جهاز المناعة. فحتى يتقبل الجسم الجنين—وهو في الحقيقة يحمل نصف جيناته من الأب—يبدأ الجهاز المناعي بخفض قوته بشكل محسوب كي لا يتعامل معه كجسم غريب. إنها عملية توازن معقدة: خفض المناعة بالقدر الكافي لحماية الجنين، دون أن تصبح الأم عرضة للأمراض. ومع ذلك، هناك حالات نادرة يحدث فيها خلل في هذه الآلية، فيتعامل جهاز المناعة مع الجنين كتهديد فعلي، فيهاجمه أو يسبب التهابات تؤثر على الحمل، وهو ما يفسّر بعض حالات الإجهاض المناعي أو تكرار فقدان الحمل دون سبب واضح.

حتى الغثيان الصباحي، رغم إزعاجه، هو جزء من الدفاعات الطبيعية؛ فقد أثبتت الدراسات أنه يقلل من تعرّض الجنين للسموم الطبيعية الموجودة في بعض الأطعمة خلال الأسابيع الأولى، وهي الفترة الأخطر في تكوين الأعضاء. وخلف كل ذلك، يزيد الجسم حجم الدم بنسبة قد تصل إلى 50%، ويعيد توزيع المعادن والطاقة والهرمونات بدقة مذهلة.

بهذه التفاصيل، يصبح واضحًا أن الوحم ليس حالة مزاجية عابرة، بل لغة بيولوجية معقدة يعمل بها جسد المرأة ليحمي حياة جديدة، ويغذيها، ويدافع عنها لحظة بلحظة. إنه نظام معجز، دقيق، صامت… لكنه أقوى من أي آلة أو هندسة عرفها الإنسان.

 

 

 

 

 

(اخبار سورية لوطن_ 2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل تعلم؟؟

هل تعلم أن النمل لا ينام أبدًا؟