قد يصلح الحديث عن خسائر شهرية بمعدل 200 مليون دينار على الاقل للقطاع السياحي الأردني كأساس لخطاب حكومي جديد يسترسل في التحذير من الإضرابات وإستمرار المقاطعة للمنتجات على خلفية القصف الاسرائيلي الهمجي ضد أهل قطاع غزة واقتحامات الضفة الغربية بعد الآن.
اجتهدت الحكومة في التحديث عن خسائر القطاع السياحي تحديدا لكن التحذيرات على لسان وزراء من بينهم وزيري الإتصال والسياحة مكرم القيسي و مهند مبيضين يمكن إعتبارها مقدمة لإظهار درجة أكبر من الحساسية الاقتصادية يعايشها ويعاينها الوضع العام الداخلي، الأمر الذي قد لا يسمح بعد الان بمواقف ناعمة في مواجهة بعض الإجتهادات التي يمكن ان تؤثر على ما تبقى من دورة اقتصادية.
الحديث هنا عن تحذير كل القوى السياسية من تبنى اي طروحات لها علاقة بإضراب الجديد يمكن ان ينتهي بالمزيد من العاطلين عن العمل والركود الاقتصادي.
وأغلب التقدير ان الأزمه في بعدها الإقتصادي بدأت مفتوحة على كل الاحتمالات ما دام العدوان الاسرائيلي مستمرا على قطاع غزة ويمكن إعتبار خسائر القطاع السياحي بمثابة “إنذارمبكر” قد يؤدي الى خطوات بيروقراطية وحكومية “خشنة” بعد الان تجاه اي محاولة لتأسيس فعاليات يمكن ان تلحق ضررا بالاقتصاد الوطني.
وهو اصلا اقتصاد يتعافى بصعوبة من مرحلة الفيروس كورونا وان كان لا يزال صلبا وسط قناعة السلطات الرسمية بان الفرصة متاحة للتعامل مع الحالة الطارئة ونتائج وتداعيات الحرب الاسرائيلية التي اخلت بامن واستقرار المنطقة.
صلابة الخطط الاقتصادية وجاهزية الدولة الاردنية أمر سبق ان اختبر ولا اساس للقول بعدم وجود اطار او خطاب لإحتواء الاثار الاقتصادية السلبية للحرب.
لكن الوجع يزيد في اقتصاد يتعافى بصعوبة ووضع معيشي اصلا كان في حال ضيق قبل 7 اكتوبر خلافا لتحديات اساسية في مسار التمكين الاقتصادي كان عنوانها الأبرز والطموح البحث عن مليون وظيفة جديدة خلال عشر سنوات وهو أمر اصبح بعيد المنال.
الاهم اقتصاديا ان جزءا من دخل الخزينة بالتأكيد تم الإعلان عن تخصيصه بعد الان لحماية الموقف السياسي الإعتراضي الاردني ضد الحرب الإسرائيلية.
وهو موقف يعلم الجميع بانه قد يجر عقوبات إقتصادية على الاردن وبعض أنماط الحصار الاقتصادي خصوصا من جهة الكونجرس الأمريكي المناصر لإسرائيل ومن جهة اسرائيل نفسها وحماية وتأطير الموقف السياسي الذي يتوحد اليوم مع الموقف الشعبي للبلاد مهمة قد تكلف مالا في القريب العاجل لان جزء كبير من المخصصات المالية زادت باتجاهات الأمن والدفاع وهو أمر في تعبير وصفه وزير المالية محمد العسعس في خطاب نقاش الموازنة مع البرلمان بانه بات ملحا لحماية موقف المملكة السياسي وثوابتها في القضية الفلسطينية وهي ثوابت تطالب بوقف العدوان ومنع التحريك الديموغرافي والتهجير وحل الدولتين في النهاية.
بكل حال سبق ان ألمح رئيس مجلس الأعيان فيصل الفائز بان بلاده تعاقب اقتصايا بسبب موقفها المبدئي والاخلاقي في القضية الفلسطينية وهي مسألة لا ينكرها حتى المراقبون والمختصون والخبراء الاقتصاديون المعارضون او اصحاب الرأي المستقل وان كانت طبيعية في سياق معركة وجودية تتلاعب فيها اسرائيل في بعض المصادر والاوساط المختصة بمصير أمن واستقرار المنطقة برمتها.
المخاوف زادت في الأونة الأخيرة من ان يتحول الوضع الاقتصادي الضيق والذي يواجه تحديات قبل الحرب اصلا زادت بعدها مدعاة او مسوغا لتبرير سياسات خشنة او مرتبطة بالقبضه الأمنية بعد الان خصوصا مع تكرار المظاهرات والمسيرات والسماح بحريات التعبير وهي حجج وذرائع قد يتخذها او يستند اليها بعض البيروقراطيين في هجمة مضادة على حريات التعبير في البلاد.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم