إلى ماذا تشير استطلاعات الرأي الأميركية الأخيرة حول الانتخابات الأميركية الرئاسية؟ وما حظوظ كل من الرئيس دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن في الفوز بالانتخابات؟
أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 19 حزيران/يونيو من العام الفائت رسمياً، حملته الانتخابية لخوض غمار الاستحاقاقات الرئاسية لعام 2020.
وفي كلمته آنذاك، هاجم ترامب أمام حشد من أنصاره في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا خصومه “الديمقراطيين”، واتهمهم بالسعي إلى “تدمير” الولايات المتحدة.
وقالت وسائل إعلام أميركية حينها إن ترامب يراهن على نتائج الاقتصاد الأميركي في إقناع مواطنيه للتصويت له في الانتخابات المقبلة.
ماذا حصل في عام 2020؟
لم يحالف الحظ الرئيس الأميركي منذ بداية عام 2020، فاجتاح فيروس كورونا بلاده لتحتل المرتبة الأولى في لائحة المصابين وضحايا الفيروس، وأسفر الأخير حتى اليوم عن إصابة أكثر من مليوني حالة، وأكثر من 120 ألف وفاة.
وتلقى ترامب موجة انتقادات واسعة حول تعامله مع هذه الأزمة، خاصة مع طرحه تناول عقار هيدروكسي كلوروكين كإجراء وقائي ضد الإصابة بفيروس كورونا، الذي لاقى جدلاً واسعاً من الشعب وخبراء صحة. هذا عدا عن موقفه من منظمة الصحة العالمية وإنهاء علاقة الولايات المتحدة وتمويلها للمنظمة.
ذلك بالإضافة إلى الأرقام المرتفعة التي سجلتها وزارة العمل الأميركية للعاطلين عن العمل، فارتفع العدد الإجمالي للأشخاص الذين تم تسريحهم من العمل، على الأقل مؤقتاً، بسبب جائحة كورونا إلى 45.7 مليون شخص.
جاءت هذه الضربة بالتزامن مع انخفاض تاريخي لأسعار النفط الأميركي، إذ انخفض سعر الخام الأميركي لأقل من صفر دولار للبرميل، وهو مستوى متدن جداً لم يشهد التاريح له مثيلاً، وقد أدّى ذلك إلى إفلاس العديد من شركات النفط.
كما أشارت تقارير إلى أن أرباح البنوك الأميركية شهدت انخفاضاً بنسبة تقارب 70% -لتصل إلى 18.5 مليار دولار في الربع الأول من 2020.
اليوم، تشهد الولايات المتحدة الأميركية احتجاجات عارمة في شوارعها، ضد العنصرية التي يتلقاها المواطنين الأميركيين الأفارقة منذ عقود. وكان مقتل “جورج فلويد” خنقاً في مينيابوليس، شرارة لاشتعال هذه التظاهرات، وأعاد توهجها مقتل مواطن أميركي أفريقي هو رايشارد بروكس في أتلانتا برصاص الشرطة الأميركية.
وتستمر الاحتجاجات إلى اليوم، وتصاعدت اليوم إحياءً لذكرى انتهاء العبودية يوم 19 حزيران/يونيو، ومجزرة “تولسا” التي ارتُكبت بحق الأميركيين الأفارقة قبل 99 عاماً.
ولاشك أنه كان لكل ذلك وأكثر، أثر على حظوظ ترامب في فوز الانتخابات الرئاسية القادمة المقرر اجراؤها يوم الثلاثاء 3 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الحالي.
بايدن أم ترامب؟
استطلاعات الرأي في أميركا عامة منحت في الأيام الأخيرة المرشح للرئاسة الأميركية جو بايدن تقدماً على المستوى الوطني.
مجلة “الإيكونومست” تنشر استطلاع رأي يجري تعديله يومياً، يشير إلى أن بايدن يمكن أن يفوز بـ86% من المجمع الانتخابي.
ويستخدم مصطلح “المجمع الانتخابي” للإشارة إلى هيئة من المسؤولين، أو “الناخبين”، يمثلون كل ولاية، وتشكل تلك الهيئات الانتخابية كل أربع سنوات، لاختيار رئيس الولايات المتحدة ونائب الرئيس.
استطلاع رأي آخر أجراه الموقع المتخصص، “Real Clear Politics”، من 28 أيار/ مايو إلى 16 حزيران/ يونيو، يشير إلى تقدم بايدن بـ 8.8 نقاط على ترامب.
حملة ترامب قلقة من النتائج في ولايات تشكل منعطفاً هاماً في مسار الانتخابات الرئاسية ودور أساسي فيها، إذ أظهرت النتائج تراجعاً لتأييد ترامب في ولايات فاز بها الأخير عام 2016 بشكل ساحق هي أوهايو، أيوا. ولذلك كرّست الحملة مواردها المالية والدعائية في هذه الولايات، إضافة إلى أريزونا وجورجيا. وقد تكون أريزونا، وبينسيلفانيا، ووسكونسين من الولايات المتأرجحة في انتخابات 2020.
ويعتري “الجمهوريون” القلق أيضاً من أن يستطيع ترامب تجاوز أزمته في الانتخابات، ويفوز بها في آخر لحظاتها كما حصل في الدورة السابقة مع منافسته هيلاري كلينتون.
يجري الأميركيون أيضاً استطلاعات رأي حول معدل موافقة الشعب الأميركي على أداء ترامب، وتشير هذه الاستطلاعات إلى أن 39% من الأميركيين موافقين على أداء الرئيس الحالي لأميركا، مقابل 57% غير موافقين عليه.
تاريخياً، لم تتغير معدلات القبول للرؤساء الأميركيين المرشحين بين شهري أيار/ مايو، وحزيران/ يونيو، ولذا من المستبعد أن تتحسن معدلات قبول ترامب قبل الانتخابات إلا بفارق بسيط. ولكن الجدير ذكره، أن هذه المعدلات لا تعكس السلوك الحقيقي للناخبين، ولكنها ترتبط بخيارهم التصويتي بشكل قوي.
أحداث 2020 كصوتٍ مؤثر
على هذا النحو، تدخل الأحداث التي حصلت خلال الأشهر الماضية، لا سيما بما يتعلق بتداعيات فيروس كورونا ومسألة العنصرية، كصوتٍ مؤثرٍ على مجرى الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وإذا كان ترامب يتعامل على قاعدة أن تلك التداعيات داعمة لفوزه في الانتخابات، فإن بايدن يحاول استغلال الهفوات التي باتت شبه يومية من قبل الرئيس الأميركي، إن كان في تصريحاته الموجهة للأميركيين، أو في ردة فعله على الأزمات الحالية التي تعصف بالبلاد.
وبانتظار شهر تشرين الثاني/نوفمبر، فإن استطلاعات الرأي التي تميل بكفتها إلى بايدن ليست حاسمة ولا يمكن التعويل عليها بشكلٍ كامل، لكنها بلا شك تشكل مخاوف حقيقية لترامب الساعي إلى الحصول على ولاية ثانية، يعتبر “الديمقراطيون” أنها “كارثة” بالنسبة لأميركا.
كيف يفوز مرشح بالانتخابات العامة؟
لا علاقة لأصوات ناخبي الشعب – أي عدد الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح – بتحديد الفائز في الانتخابات العامة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني في الولايات المتحدة.
ويرجع ذلك إلى أن الرئيس الأميركي لا يختاره الشعب مباشرة، ولكن تختاره مجموعة مسؤولين يعرفون باسم “المجمع الانتخابي”، بحسب ما نص عليه الدستور، ومجموعة قوانين اتحادية وقوانين محلية في كل ولاية.
ونظرياً يختار ممثلو الولاية المرشح الذي فاز بأغلبية الأصوات، ولكن هذا لا يحدث في كل الأحوال.
والفوز بسباق البيت الأبيض يحرزه من يحصل على 270 صوتا من بين 538، هم “المجمع الانتخابي”.
ويعني هذا النظام أن هناك أهمية لبعض الولايات دون غيرها بالنسبة للمرشحين، لأن الولايات التي تتمتع بعدد كبير من السكان، لها عدد أكبر من أصوات الممثلين لها.
متى سيواجه ترامب منافسه؟
يعقد الحزب “الديمقراطي” مؤتمره الوطني، الذي سيختار فيه مرشحيه لمنصبي الرئيس ولنائب الرئيس، بين 13 و16 يوليو/تموز المقبل.
أما المؤتمر الوطني للحزب “الجمهوري” فيعقد بعد ذلك، بين 24 و27 أغسطس/آب (ولا يعد الرئيس ترامب مرشح الجمهوريين الرسمي حتى يعلن ذلك في المؤتمر).
وبعد ذلك يتطلع الشعب الأميركي إلى إجراء 3 مناظرات، حينما يقف الرئيس ترامب ونائبه مايك بنس، في مواجهة متحديهما “الديمقراطيين”.
وتشرف على هذا المناظرات لجنة خاصة غير حزبية، شكلت في عام 1987، وهي التي ترعاها وتعقدها، وتعقد المناظرة الرئاسية الأولى في 29 أيلول/سبتمبر 2020 في نوتردام في ولاية إنديانا بشمال الولايات المتحدة.
ومن المقرر عقد المناظرة الثانية في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2020 في آن آربور في ولاية ميشيغن (شمال) التي باتت أساسية بعدما قلبت النتائج لصالح دونالد ترامب في انتخابات عام 2016. وتجري المناظرة الأخيرة بين المرشحين في ناشفيل في ولاية تينيسي (جنوب) في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
(سيرياهوم نيوز-الميادين)