آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » هل حان الوقت للتخلي عن نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي في سورية؟ بخلاف التجارب المشابهة.. الحكومة السورية لم تستبدل اقتصاد السوق الاجتماعي المعمول به سابقاً بنموذج «اقتصاد الحرب»

هل حان الوقت للتخلي عن نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي في سورية؟ بخلاف التجارب المشابهة.. الحكومة السورية لم تستبدل اقتصاد السوق الاجتماعي المعمول به سابقاً بنموذج «اقتصاد الحرب»

جوليان بدور

 

بدأت بكتابة هذا المقال من منتصف شهر تموز الماضي. لم يطلب مني أحد كتابة هذا المقال عن الحالة الاقتصادية في بلدنا سورية. لكن واجبي الوطني وتعلقي بجذور قريتي وبلدي والعرفان بالجميل على ما قدمه لي أهلي وبلادي من تربية وأخلاق وعلم وخبرة بالحياة قررت كتابة هذا البحث الذي تطلب مني جهداً ووقتاً كبيراً جداً راجياً من اللـه أن يفيد أصحاب الشأن في بلدنا. عملاً بالمثل الكونفوشيوسي «أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام».

 

بعد انهيار منظومة الدول الاشتراكية في بداية التسعينيات من القرن الماضي وتسارع وتيرة العولمة الاقتصادية خلال العقدين الماضيين، اكتسح تيار الليبرالية الجديدة جميع دول العالم الغنية منها والنامية. سورية لم تسلم من الحملة المنادية بتبني نظام الاقتصاد الليبرالي كإستراتيجية وطنية للتنمية. الإصلاحات الليبرالية أصبح لها مؤيدوها وبمرور الوقت تضاعفت أعدادهم وتعاظمت سيطرتهم على اقتصاد البلاد بحيث أصبح هناك مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال يستمدون جزءاً كبيراً من ثروتهم في مقدرتهم على الاستمرار في تطبيق الإصلاحات الليبرالية.

 

في مثل هذه الظروف، تبنت سورية في عام ٢٠٠٥ نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي كنظام اقتصادي رأسمالي، ظناً منها بأن هذا النموذج سيمكنها مبدئياً من تجاوز المشاكل والعقبات المتوارثة من اقتصاد التخطيط المركزي وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

 

هذا البحث يهدف إلى الإجابة على السؤال التالي: بعد ٢٠ عاماً من تبني نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي أي حكم يمكن أن نطلقه على هذه التجربة؟ هل سمح هذا النموذج بالارتقاء بالنمو الاقتصادي وتحقيق تنمية اقتصادية قوية ومستدامة في سورية، أم إنه شكّل عائقاً رئيسياً في وجه الانطلاقة الحقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا وكان سبباً من أسباب تردي الأوضاع المعيشية في بلدنا؟

 

١- اقتصاد السوق الاجتماعي بين النظرية والتطبيق: خصخصة وليبرلة الاقتصاد السوري من دون أي مراعاة للجانب الاجتماعي، (تطبيق قوانين الليبرالية الجديدة).

 

خصخصة الاقتصاد

 

بعد تبني القيادة السياسية لنموذج اقتصاد السوق في عام ٢٠٠٥، باشر الدردري وفريقه فوراً بتطبيق الإجراءات الإصلاحية التي أدت إلى خصخصة الاقتصاد وتحرير التجارة والأسعار وحركة رؤوس الأموال وخفض الدعم والإنفاق الحكومي… أي جميع الإجراءات التي نص عليها إجماع واشنطن (١٩٨٩). النواحي الاجتماعية والثقافية لم تسلم أيضاً من عملية الخصخصة كما ثبت ظهور الجامعات والمشافي الخاصة للمرة الأولى في سورية في ذلك الوقت.

 

الجانب الآخر والمهم الذي ميز تطبيق هذه الإجراءات الليبرالية هو أنها اتخذت ونُفذت من دون أن تكون مصحوبة بخطوات وتدابير جدية وكافية لحماية المجتمع السوري من صدمات قوية وللتخفيف من آثارها على المواطنين (عابد فضلية ٢٠٢٣)، لكن لا الانتقادات الحادة الموجهة للنظام النيوليبرالي بسبب الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي في ٢٠٠٨، ولا تسلط التجار ورجال الأعمال القادمين من تركيا والخليج على الاقتصاد الوطني ولا انهيار الخدمات الاجتماعية وتزايد عدد الفقراء في سورية كانت كافية لمنع الدردري وفريقه من مواصلة الجهود في سبيل اتخاذ التدابير والخطوات التي تصب في مصلحة القطاع الخاص وتقوي من سلطته.

 

في هذا السياق أقامت الجمعية السورية البريطانية في ٩/٣ /٢٠٠٩ مؤتمراً خاصاً في دمشق شرح فيه الدردري ما تنوي الحكومة السورية القيام به من مشاريع في المستقبل القريب (عابد فضلية ٢٠١٠): تدرك الحكومة السورية أن من ضرورات مواجهة العولمة هو القيام بتغيير بنيوي لخطط التنمية الاقتصادية تسمح بإدماج القطاع الخاص وإعطائه دوراً أكبر في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك مبدأ التشاركية بين القطاعين العام والخاص. كما تدرك الحكومة السورية أن استدامة النمو وتحسن القدرة التنافسية للاقتصاد يتطلبان جذب استثمارات ضخمة تتجاوز ٥٠ مليار دولار في عام ٢٠١٥ ما يشكل تحدياً كبيراً للموازنة العامة. لهذا السبب تخطط الحكومة السورية لإعداد وتنفيذ برنامج طموح لمشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص. لكن جميع هذه الجهود والإجراءات توقفت مع بدء الحرب الكونية على بلدنا في عام ٢٠١١.

 

بالمحصلة وخلال فترة زمنية قصيرة جداً (٢٠٠٥-٢٠١٠) استطاع الدردري وفريقه تحويل الاقتصاد السوري من اقتصاد إنتاجي قوي ومتوازن (لكن ضعيف النمو) إلى اقتصاد هش ومفكك وغير متزن تغلب عليه سمات الاقتصاد النيوليبرالي: سيطرة القطاع الخاص على ثلثي الناتج المحلي الإجمالي ( 68 بالمئة في عام ٢٠١٠)، ووصول حصة الأرباح والفوائد من الناتج المحلي الإجمالي إلى (75 بالمئة مقابل ٢٥ بالمئة فقط للرواتب والأجور)، وانتشار واسع النطاق للفقر والفساد في أوساط المجتمع السوري.

 

٢- تمسك الحكومة السورية بنموذج اقتصاد السوق الاجتماعي واعتماد قانون التشاركية الوطنية على الرغم من إعلان الحرب الكونية على البلاد في عام ٢٠١١ ( رحل الدردري ولكن نهجه الليبرالي لم يرحل معه!).

 

تاريخ الدول التي خاضت الحروب الكبرى يذكرنا بأن دور الدولة في زمن السلم يختلف عنه في زمن الحرب. في وقت السلم بعض الوظائف التقليدية مثل الدفاع والأمن والدبلوماسية لا يمكن اختزال دور الدولة فيها على عكس الوظائف الأخرى. لكن في وقت الحرب يضاف إلى الوظائف التقليدية السابقة للدولة وظيفة جديدة هي السيطرة على اقتصاد البلد وإدارته وفقاً للمعطيات الجديدة التي تفرزها ظروف الحرب. الوظيفة الاقتصادية الجديدة للدولة هي من الأهمية بمكان لدرجة أن نجاحها في تأدية وظائفها التقليدية الأخرى يعتمد بشكل كبير على أدائها ونجاحها في وظيفتها الجديدة. لهذا السبب تقوم الدول عادة باستبدال النموذج المعمول به قبل الحرب، (مهما كانت طبيعته ليبرالي أو اشتراكي) بنموذج ما يسمى «اقتصاد الحرب»، أي النموذج الذي يتيح للحكومة اتخاذ مجموعة من الإجراءات الطارئة بهدف حشد وتعبئة جميع الموارد والإمكانات المتاحة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، تأمين السلم الأهلي ودعم المجهود الحربي. في كل الأحوال هذا ما فعلته الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي وكل الدول الأخرى المشاركة بالحربين العالميتين الأولى والثانية وغيرها من الحروب (ويكيبيديا).

 

اقتصاد الحرب

 

بالرغم من ضراوة الحرب الكونية على سورية وطول مدتها، الحكومة السورية لم تفعل ما فعلته الدول الأخرى في أوقات الحرب أي استبدال نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي المعمول به قبل الحرب، والذي يمنح القطاع الخاص دوراً قيادياً قوياً وهاماً في الاقتصاد، بنموذج «اقتصاد الحرب»، أي النموذج الذي من المفروض أن يسمح للدولة بقيادة الاقتصاد وإدارته وفقًا للمصلحة العامة. أن يُترك لممثلي القطاع الخاص قيادة دفة الاقتصاد السوري في وقت الحرب وتخصيص الموارد الوطنية حسب رؤيتهم واهتماماتهم فهذه حالة ربما تكون فريدة من نوعها في العالم. لذلك لم يكن من المستغرب أبداً أن تتبنى الحكومة السورية، في ذروة الحرب على البلاد، قانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص في عام ٢٠١٦ والذي يهدف إلى إدماج أكبر للقطاع الخاص ومنحه دوراً أعمق وأوسع في الخطط التنموية والاقتصادية للبلاد.

 

الأمر المثير للدهشة والإعجاب هو أن تقوم الحكومة السورية بتبني قانون التشاركية كنهج اقتصادي جديد في الوقت الذي بدأت تظهر فيه علامات إخفاقه في انكلترا (le monde 2016) وأوروبا الغربية. حسب محكمة مراجعي الحسابات الأوروبية (le monde 2018) فإن نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي يتكون من تمويل وبناء وصيانة وتشغيل المرافق العامة من قبل شركة خاصة، أصبح غير مجد وعالي التكلفة ولا يمكن اعتباره خياراً اقتصادياً مجدياً لتوفير البنية التحتية العامة. وتختتم محكمة مراجعي الحسابات الأوروبية تقريرها، وبالاستناد خاصة إلى تجارب فرنسا واليونان وإسبانيا وايرلندا…) بالقول إن الشراكات بين القطاعين العام والخاص هي في معظمها عديمة الفائدة وغير فعالة وغير مجدية وقبل كل شيء مكلفة للغاية بالنسبة للشريك العام.

 

تجربة التشاركية في سورية لم يكن أفضل منها في أوروبا. فحسب نبيل سكر (٢٠٢٣) أحد الخبراء المختصين والمروجين لنظام التشاركية في سورية «لم يتم قيام أي مشروع في ظل قانون التشاركية منذ صدوره في عام ٢٠١٦ حتى اليوم». بدورها الدكتورة رشا سيروب (٢٠٢٣)، الخبيرة الاقتصادية تؤكد من طرفها بأنه: «لا يوجد إلى الآن أي مشروع طبق على أساس تشاركي بالشكل الصحيح وفقًا لقانون عام ٢٠١٦».

 

إخفاق التشاركية

 

لكن على الرغم من إخفاق نظام التشاركية الوطنية في سورية فإن الحكومات السورية المتعاقبة، بحسب علي عبود (٢٠٢٣)، ما زالت تعتبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص «الأسلوب الوحيد الفعال اقتصادياً لاستثمار منشآت الدولة…وبأن استثمار القطاع الخاص في منشآت الدولة هو وسيلة لتحفيز القطاع الخاص لضخ الأموال والتكنولوجيا المتطورة في شركات القطاع العام القديمة والمهترئة».

 

بدورهم الخبراء نبيل سكر (٢٠٢٣) وفادي عياش (٢٠٢٣) ما زالوا متمسكين، مثل الحكومة السورية، بفكرة أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تبقى حلاً جيداً ومناسباً لمواجهة تحديات المرحلة الحالية في سورية. وإذا أخفق مشروع التشاركية الوطنية في تحقيق أهدافه في سورية فإن ذالك يعود إلى قصور في قانون التشاركية الوطنية، وليس إلى ماهية وطبيعة فكرة ومبادئ هذا المشروع. لهذا هم يقترحون ضرورة تعديل قانون التشاركية في سورية لكي يتضمن المزيد من الحوافز والتسهيلات والإعفاءات للقطاع الخاص.

 

٤- حان الوقت للتخلي عن اقتصاد السوق الاجتماعي والتشاركية الوطنية (أي الليبرالية الجديدة) في سورية

 

لا يمر أسبوع أو يوم في هذه الأيام من دون أن يظهر مقال في الصحف والجرائد السورية يتكلم عن الحالة الكارثية للأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سورية. على سبيل المثال وليس الحصر تم حديثاً رصد عناوين مثل «حكومة الرفع والإفقار» «إفقار إلى حد الإذلال»، تضخم مفرط وإفقار متزايد، «المجتمع المتعب»…. الجميع يتكلم عما يعاني منه السوريون الآن من أزمات اقتصادية ومعيشية. فما الأسباب الرئيسية التي أدت إلى حدوث هذا الكم الهائل من المشاكل والصعاب المعيشية في بلدنا.

 

قولاً واحداً يجب الاعتراف بأن ما يعاني منه السوريون الآن من أزمات اقتصادية ومعيشية هو نتاج مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية. وإذا كنا نؤكد ونجزم من دون أي التباس بأن العوامل الخارجية (مثل الحرب الكونية والعقوبات المتعددة والأزمة المالية في لبنان وأزمة كورونا والزلازل وبقاء جزء مهم وغني بالموارد النفطية والغذائية من أراضي بلدنا خارج سيطرة الدولة…) هي التي لعبت الدور الرئيسي في اختلاق الأزمة المعيشية والاقتصادية الحالية في بلدنا. لكن من الواجب علينا التذكير أيضاً، من باب المسؤولية والاحترافية، بأن اعتماد النهج الليبرالي لاقتصاد السوق الاجتماعي منذ عام ٢٠٠٥، وما أحدثه من تشوهات وضعف وخلل في هيكل وبنية الاقتصاد الوطني وانحسار وتراجع لدور الدولة والقطاع العام، كان من أحد الأسباب التي لا يمكن إغفالها في تردي الوضع المعيشي في سورية. لماذا لأن كل ما يعانيه السوريون الآن من غلاء وفقر وبطالة وفساد وعدم مساواة وهجرة وتدن بالخدمات الاجتماعية …عانت منه وعاشته وذاقت مرارته شعوب كل البلاد التي انتهجت وجربت حكوماتها الليبرالية الجديدة (شيلي، المكسيك، الأرجنتين، وروسيا الاتحادية في حقبة التسعينيات، واليونان حديثاً.

 

من وجهة نظرنا ما تحتاجه سورية الآن هو حرية اقتصادية ودولة قوية قادرة على أداء وظائفها بكفاءة وفعالية وتوفيرها البنية التحتية للمرافق العامة والاقتصادية والاجتماعية. وكما برهنت التجربة الروسية بقيادة الرئيس يلتسين، في كل مرة كانت الدولة ضعيفة على مستوى القوانين أو جرى إضعافها بفعل تطبيق سياسات متشددة وقصيرة النظر، تكون النتائج الاقتصادية أسوأ مما ينبغي بكثير. في مثل هذه البلدان كما في بلدنا سورية، بات ضعف الدولة يشكل حاجزاً يعوق التنمية الاقتصادية أكثر من كونه نقصاً في تطور السوق. هذا دليل على حاجة السوق إلى دولة قوية لأنه لا يمكن الاستغناء عن الدولة فيما يتعلق بتلبية الحاجات الاجتماعية وصياغة أهداف التنمية. دور الدولة إذاً ضروري من أجل اقتصاد فعال ونمو مطرد ومتوازن على أن يكون هذا النمو متوافقًا مع قوانين السوق. الصين أصبحت المثال الأروع في مضمار الإصلاح الاقتصادي والتنمية الاقتصادية لأن الصين انتهجت الطريقة الصينية، أي إنها نبذت فكرها الشيوعي السابق وعقيدة الليبرالية الجديدة الأجنبية على حد سواء. تجنب الحكومة الصينية سياسة الليبرالية الأجنبية ودور الدولة النشط والقيادي في السياسة الاقتصادية الصينية كان وراء نجاح الصين المبهر في تجربتها الاصلاحية.

 

العقوبات والأزمات

 

الجميع يعرف بأن الاقتصاد السوري ليس في وضع طبيعي منذ إعلان الحرب على بلادنا في عام ٢٠١١. لقد سببت الحروب والعقوبات والأزمات المختلفة أضراراً وخسائر واسعة النطاق وخلفت وراءها اقتصاداً هشاً غير متوازن وضعيفًا للغاية وأزمات اقتصادية ومعيشية لا مثيل لها بالتاريخ الحديث. ألا يكفي ما حلّ بشعبنا من تشرد وفقر ومآسٍ ودمار وأزمات منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً حتى نحتفظ بنماذج اقتصادية لا تُسمن ولا تغني بل ما زالت تنخر وتنهش في جسم سوريتنا المنهك والمتعب منذ سنوات طويلة؟ ألم يحن الوقت للتخلي عن الإستراتيجية الليبرالية المعتمدة منذ عام ٢٠٠٥ والتشاركية الوطنية المقررة في عام ٢٠١٦، التي أثبتت تجربة العقدين الماضيين، وتجارب دول العالم كله، بأنها لا تخدم إلا مصلحة فئة قليلة من الأثرياء على حساب الأغلبية العظمى من الشعب؟ ألم يحن الوقت للبحث عن نهج اقتصادي مغاير تماماً يتيح للدولة الفرصة بإعادة الحياة إلى الاقتصاد الوطني ويوقف الانزلاق السريع إلى القاع ويبث الأمل والتفاؤل من جديد في روح شعب قاوم وصمد وانتصر ودحر أكبر حرب كونية في التاريخ الحديث.

 

إن الاستمرار بتطبيق النهج الليبرالي في بلد فقد الكثير من موارده وإمكاناته وما ينتجه من أزمات متتالية قد يملي على الحكومة، من أجل الحفاظ على التوازن الاقتصادي المالي والنقدي، اتخاذ إجراءات تقشفية أكثر حدة وأثراً ما قد تؤدي إلى تراجع إضافي في المستوى المعيشي للمواطنين نحن في غنىً عنه، كما بينت سياسة «العلاج بالصدمة» التي اتخذتها الحكومة السورية في منتصف شهر تموز الماضي. وكما يقول ج. كوودكو (٢٠٠٩): «لا بد أن ينتهي السباق نحو القاع يوماً ما، لكنها لن تكون نهاية سعيدة للجميع، ولاسيما أولئك الذين يصطدمون بالقاع. سيكون من الأفضل أن يتوقف السباق قبل أن يصبح الخلل الوظيفي للدولة لا يطاق. فكل أزمة تقريباً -وبما فيها تلك التي أدت إلى سباق نحو القاع- تمثل فرصة لإعادة التفكير بالأمر، ولإجراء التغييرات اللازمة».

 

لقد أكرمنا اللـه بشعب لا مثيل له بالصبر والصمود والقدرة على التحمل وبمؤسستين دستوريتين مميزتين، وهما مؤسسة رئاسة الجمهورية ومؤسسة الجيش العربي السوري، حيث أبهروا العالم بمواقفهم وشجاعتهم وثباتهم ودفاعهم الأسطوري عن الوطن. ونأمل أن تستلهم مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء أو السلطة التنفيذية ما قامت به وحققته المؤسستان السابقتان الذكر من إنجازات وانتصارات في صمودهما ودفاعهما عن الوطن. وكلنا ثقة ويقين بأننا سننتصر في معركتنا الاقتصادية كما انتصرنا في معركتنا العسكرية والدبلوماسية.

 

باحث وأكاديمي في جامعة ريونيون الفرنسية

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الذهب يتجه للانخفاض للأسبوع الثاني

    تتجه أسعار الذهب للانخفاض للأسبوع الثاني على التوالي رغم استقرار الأسعار اليوم وسط ترقب المستثمرين لبيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة التي ...