نورمان العباس
أكد الباحث الاقتصادي الدكتور هيثم عيسى لـ«الوطن» أهمية القانون رقم 3، الخاص بإحداث وحوكمة وإدارة الشركات المساهمة العمومية والمشتركة، واعتبر أن القانون لا يعتبر تخلياً عن مؤسسة حكومية أثبتت نجاحها ولا تمسكاً بمؤسسة خاسرة.
وقال: القضية ليست في شكل الملكية وإنما في معيار الانتقال هل هو فقط من أجل رمي أعباء الفشل في إدارة المؤسسة الحكومية؟ مضيفاً: هنا يكون الانتقال خاطئ، أو أن القانون جاء بعد تجربة طرق منطقية لم تصل إلى نتيجة، ولكون القطاع الخاص لديه خبرة أكبر في هذا الموضوع وأن الوقت الحالي يقتضي الشراكة مع القطاع الخاص.
وتابع عيسى: إذا كانت «المؤسسة الحكومية» في فترة معينة هي الصيغة الأمثل للعمل الزراعي والصناعي والتجاري فهذا لا يعني أن يبقى القطاع العام هو الأنسب في كل زمان ومكان، والمنطق الاقتصادي يقول إذا كانت هناك مؤسسة حكومية خاسرة ووجدنا طريقة جديدة لإدارتها سواء وحدنا أو بالتشاركية مع القطاع الخاص أو القطاع الخاص وحده وإذا كان الانتقال يحل مشكلة ويؤدي إلى التحول من الخسارة إلى الربح فهذا لن يكون قراراً خاطئاً؟
ولفت عيسى إلى أنه لا توجد دولة في العالم الملكية العامة فيها هي الأفضل بشكل مطلق أو الشركة الخاصة، معتبراً أن هذا يعود للوضع الاقتصادي والحاجة الاجتماعية التي تحتم الأنسب وفقاً للتوقيت.
وفيما يخص وضع العمال في حال الانتقال أو مشاركة القطاع الخاص تساءل عيسى عن سبب خوف العمال من الانتقال إلى القطاع الخاص إذا كانت الرواتب والأجور فيه أفضل والدليل على ذلك أن معظم العاملين في القطاع العام يبحثون عن فرص عمل في القطاع الخاص.
بدوره رأى الخبير الاقتصادي الدكتور غسان إبراهيم في حديثه لـ«الوطن» أن هناك طرقاً عديدة لإعادة هيكلة الشركات الحكومية التي تعاني من سوء الإدارة وانخفاض الربحية وآخر هذه الطرق هو الاتجاه نحو «الخصخصة» على الرغم من أن هناك عشرات الأشكال للخصخصة، ورأى أن البقاء على الملكية العامة أمر مهم ويجب أن نحافظ على الشركات الحكومية لكن بشرط أن تدار بعقلية السوق الحرة من حيث الرواتب والأجور والصلاحيات الممنوحة للإدارة ومن خلال نظام الحوافز.
وأكد إبراهيم أنه إذا أعطيت الصلاحيات لإدارة هذه المنشآت بما يتناسب مع عقلية السوق فإنّها ستعود ناجحة والدليل على ذلك إدارة القطاع العام في الدول الصناعية المتقدمة مثل إيطاليا الذي ينتج فيها القطاع العام ثلثي الدخل القومي و٣٠ بالمئة في بلد كإسبانيا وفرنسا.
ويرى إبراهيم أن الملكية ليست عائقاً أمام التطور الاقتصادي سواء عامة أم خاصة وإنما من تجارب الدول النامية يتبين أن سوء الإدارة هو السبب بتراجع القطاع العام وأضاف: هناك مثال ذو مغزى على ذلك شركة زيت النخيل الماليزية كانت من الشركات الحكومية الخاسرة فقامت الحكومة بتغيير هيكلية الشركة ومنحت الإدارة صلاحيات واسعة كما لو كانت شركة خاصة فتحولت في فترة قصيرة إلى أهم شركة حكومية في ماليزيا وهذا يثبت بالدليل المنطقي أن نوع الملكية ليس له علاقة بخسارة المنشأة وإنما الإدارة.
وأكد إبراهيم ضرورة استنفاذ كل الطرق الحكومية قبل الاتجاه نحو الخصخصة لتحويل القطاع العام إلى شركات رابحة وإذا استنفدت كل الأشكال نلجأ إلى الخصخصة بأشكال لا تتعلق بنقل الملكية مثل التأجير أو الاستثمار للقطاع الخاص لفترة زمنية معينة ومن ثمّ تعود الملكية للقطاع العام مع تحديث كامل للمنشأة.
وفيما يتعلق بالتشاركية بين القطاع العام والخاص رأى إبراهيم أنها تؤدي إلى قوة اقتصادية هائلة إذا بنيت بشكل صحيح أما إذا لم تكن مدروسة بشكل علمي واقعي ومنطقي فستكون تداعياتها على المستهلك سلبية لأن اجتماع قوتين في قوة واحدة تأثيره كبير وخطير.
وأخيراً شدد إبراهيم على أهمية الاستفادة من تجارب الدول التي خرجت من الحروب والكوارث ونهضت وعاد الوضع فيها أفضل من قبل، مضيفاً: يجب علينا دراسة هذه التجارب التاريخية للاستفادة من كيفية خروجها من أزماتها والنماذج عديدة اليابان وألمانيا وغيرها من الدول، وتابع إبراهيم: صحيح أن هذه الدول تلقت دعماً كبيراً من الدول الأوروبية ولكن قد تكون خصوصيتنا في سورية أنه لم تقدم لنا أي دولة الدعم للنهوض من الأزمة.
سيرياهوم نيوز1-الوطن