آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » هل نستطيع جعل الفطر القادم سعيداً؟

هل نستطيع جعل الفطر القادم سعيداً؟

 

بقلم د. حسن أحمد حسن

مع كل عيد يأتي نكرر عبارة: كل عام وأنتم بخير، أو عيد سعيد، وتمر السويعات والأيام والأسابيع والشهور ويأتي العام التالي لنعيد تكرار الكلمات نفسها، ونتبادل التهاني بالعيد بملصقات ورسومات وورود ورسائل صوتية وغير ذلك، لكن من حق الإنسان العادي أن يتساءل: هل نحن في هذا العيد لهذا العام أكثر سعادة مما كنا عليه في العام الماضي؟ … ولكي أتجاوز المراوحة في المكان ومحاربة طواحين الهواء، والتعويض بجلد الذات عن عدم الوصول إلى الأفضل سأستبدل السؤال السابق بسؤال آخر يقول: هل نستطيع أن نكون في الفطر القادم أفضل مما نحن عليه اليوم؟
الجواب وبلا تردد نعم معاً نستطيع، لكنها الاستطاعة المشروطة بتبديل المدخلات، أو تفاعلات الصهر قبل الوصول إلى المخرجات، أي تبديل آليات العمل والتعامل، وهذه مشروطة بتغيير طرائق التفكير لأنها هي التي تتحكم بطرائق السلوك، وتغيير طرائق التفكير لا تتم بالصدفة، أو انتظار السماء أن تمطر “إيديولوجيا” معدلة جينياً بأفكار جديدة صالحة للتطبيق بما يناسب المجتمع السوري، بل هذا الأمر محكوم باعتماد سياسات علمية تستند إلى الواقع القائم وتنطلق منه نحو المستقبل القريب المطلوب و الأقل وجعاً على أقل تقدير، وهذا يقودني تلقائياً إلى اللقاءات النوعية التي أجراها السيد الرئيس مع العديد من النخب الفكرية والثقافية والاقتصادية والمجتمعية على أمل أن تضطلع القيادة المركزية القادمة للبعث ـــ بصفته الحزب الحاكم ـــ بمسؤولياتها في وضع السياسة الشاملة للدولة وما ينبثق عنها من سياسات فرعية تخصصية تحكم عمل الوزارات والمؤسسات الحكومية الرسمية، والسؤال الذي يوجعني هنا، ولم أستطع كبت أنينه يقول: طالما أن السيد الرئيس الذي يحمل على منكبيه هموم الوطن والمواطنين جميعاً سواء أكانوا مسؤولين حكوميين أو بقية أبناء الشعب، ويواجه بحكمة واقتدار كل أعاصير الخارج وتداعيات الحرب المفروضة، وقد استطاع بعفو الله ولطفه أن يجنب البلد الكثير من المطبات القاتلة، وعلى الرغم من كل ذلك يجد الوقت المطلوب ويخصصه للقاء النخب الفكرية والمجتمعية، ويستمع إليهم بمنتهى الاحترام، ويناقشهم ويحاورهم ويجيب على تساؤلاتهم بصدق وشفافية ومنطق يحترم عقول الجميع وتعدد وجهات النظر، وطالما أن الجميع يعلنون محبتهم المطلقة للسيد الرئيس، واليقين بحكمته وسداد رأيه وصوابية نهجه أليس الأجدى بكل مسؤول أن يسارع لتمثل قيم السيد الرئيس وأخلاقه وسلوكه، وتبني توجيهاته بشكل عملي بدلاً من الاكتفاء بالحديث عن أهمية هذه اللقاءات والمطالة بالعمل على تنفيذها؟ والسؤال من المسؤول عن التنفيذ؟ أليس هذا المسؤول وذاك المحظي بهالة من الأهمية والدور الفاعل؟
تمنيت لو أننا قرأنا في إعلامنا الرسمي أو وسائل التواصل الاجتماعي عن قيام مسؤول ما في أية جهة قام بالمبادرة لدعوة عدد من أصحاب الخبرة المشهود لهم بالموضوعية وسعة المعرفة، وناقشهم بتحسين الأداء في المؤسسة التي يقودها تيمناً بما فعله ويفعله السيد الرئيس مع من يلقيهم على مستوى الوطن، ومن حق كل مواطن سوري رأى السيد الرئيس والسيدة الأولى قبل أيام بين أهليهم ومحبيهم في طرطوس أو غيرها من اللقاءات، واستمع إلى حديثهما المقنع الذي يخرج من القلب فيدخل القلوب أن يسأل: هل يجرؤ مسؤول سوري آخر على الحضور العفوي بين هكذا أعداد غفيرة ويتواصل معهم بمثل هذه الحميمية التي استطاعت المحافظة على أهم عامل قوة سورية والمتمثلة بثقة المواطن بقائده، وحرص القائد على مواطنيه؟ وكم عدد المواطنين الذي يتمنون أخذ صور “سيلفي” مع هذا المسؤول أو ذاك؟ وهناك عشرات التساؤلات التي تزيد الوجع ولا تحسن الواقع، ولذا قد يكون من الأجدى والأكثر فائدة الإشارة إلى بعض النقاط التي قد تساعد على توضيح الصورة وتساهم في أن نكون في الفطر القادم أفضل، ومنها:
• من الطبيعي أن تفرز أية حرب عدداً من الأزمات والتداعيات في أي مجتمع، وسورية ليست استثناء، وفي الوقت نفسه من المسلم به أن الشعوب الحية قادرة على النهوض رغم الجراح النازفة، والشعب السوري من أكثر شعوب العالم قدرة على النهوض، وما طائر الفينيق الذي ينهض من تحت الرماد إلا الشاهد على ذلك.
• بقدر ما يكون نهوضنا سريعا لا متسرعاً بقدر ما نخفف الكثير من الأوجاع، وقد أوضح السيد الرئيس في أكثر من لقاء من لقاءاته وأحاديثه أنه وعلى الرغم من الآثار التي خلفها ما يسمى “قانون قيصر” استطاعت سورية تفادي الكثير من ضغوطه وأحكامه الجائرة، والمعارك الكبرى على الصعيد العسكري قد انتهت، وإن بقيت فصول الحرب مستمرة بأشكال أخرى، وهذا يرتب على الجميع دونما استثناء الاضطلاع بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية، والأهم كيفية توحيد الجهود الخيرة وتشجيعها وتوجيهها وفق بوصلة الوطن، وهذا واجب النخب الثقافية والفكرية والاقتصادية والدينية والمجتمعية، و لا يحق لأحد أن يقول: ما الذي أستطيع أن أفعله أنا؟
• النقطة الأهم في أي تغيير مأمول تتمثل بتوفر القناعة بالقدرة على التغيير معاً، والإيمان بضرورة التغيير وجدواه، وهذا ما يستطيع أن يفعله الجميع ممن هم في سدة المسؤولية أو خارجها، من دون الحاجة لانتظار قيادة مركزية جديدة قد تكون على مستوى التحديات، وقد لا تكون، فمتعة السلطة ومغريات المنصب قد تخفف الكثير من الحماسة، وهذا أول ما يجب العمل على تجاوزه لتحقيق الأمنية المشروعة في تلوين الصورة بدلاً من الاكتفاء بالأبيض والأسود، فما بينهما يتسع لاستيعاب الكثير من الطاقات واستقطاب الكفاءات وأصحاب الخبرات الصالحة للبناء عليها.
• قد يكون تغيير طرائق التفكير يتوقف في قسم كبير منه على نوعية القيادة البعثية القادمة بالتكامل مع المسؤولين الحكوميين، وهذا لا يلغي ولا يقلل من أهمية العامل الذاتي لدى الجميع للتقليل من الفساد الذي يكتوي بناره الجميع، فعندما تتضخم “الأنا” لتصبح أكبر من “النحن” فلا أمل يرتجى من الأنا و “النحن”، ومعاً نستطيع تحصين هذه النحن المعبرة عن المجتمع، والمجتمع أنا وانت وأخي وأخوك، وابني وابنك وأهلي وأهلك وجاري وجارك.
نعم معاً نستطيع أن نجعل الفطر القادم سعيداً، وأفضل مما هو عليه الآن، وعندها يحق لنا أن نتبادل التحية والتهنئة ونقول: كل عام وأنتم بخير ، فهل نفعل؟ آمل ذلك…
(موقع سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الحرب على الوعي والمثقف الوطني المشتبك

  بقلم :د. حسن أحمد حسن   عندما يطوي السوريون تحت أقدامهم ثلاثة عشر عاماً من أقذر حرب عرفتها البشرية، ويفلحون في الحفاظ على كيان ...