اتجهت كل المؤسسات الأردنية بوضوح سياسيا هذه الأيام نحو “تثبيت” تصوّر مشترك مع الدولة المصرية بخصوص كيفية التعاطي مع تطورات وتدحرج مسارات الأحداث في الحرب الإسرائيلية الجديدة على قطاع غزة.
ولم يعرف بعد ما إذا كانت عمان والقاهرة تفكران بالتفاصيل في نفس المسار ويخططان لنفس الهدف.
لكن ثمّة شعور وسط السياسيين الأردنيين بضرورة “مراقبة السلوك” المصري وإبقائه قدر الإمكان معنيا بقواعد الإشتباك الثنائية المتفق عليها بعدما صرح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بان بلاده ستعتبر “التهجير القسري” إعلان حرب.
لا يوجد لدى المؤسسات الأردنية أدلة وبراهين تثبت بأن مصر ورغم موقفها المتشدد المعلن بخصوص ترحيل سكان غزة تحتفظ بنفس الموقف الأردني خصوصا وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي فاجأ مؤسسات القرار الأردنية باقتراح نًظر له بارتيابٍ شديد في عمان عندما إقترح تحريك سكان غزة إلى صحراء النقب جنوبي إسرائيل ثم التفرّغ للقضاء على حماس.
تصريح السيسي خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أنتج قلقا واسعا وسط الأردنيين على أساس أنه لم يكن متفقا عليه وقد يسمح للإسرائيليين والأمريكيين بالتفكير بوجود “مُرونة” لدى الرئيس المصري تجاه ملف التهجير فيما الاختلاف على التفاصيل المكانية.
الانطباع الذي تشكل في عمّان أن السيسي وبعد تصريحه الصادم قد يكون في سياق التلميح لبحث مصر عن مكاسب إذا قررت قبول مبدأ اللجوء السكاني إليها، الأمر الذي أربك المؤسسة الأردنية ودفعها للاعتقاد بأن الأرضية المصرية بخصوص رفض التهجير القسري ليست صلبة ومبدئية للحد المطلوب فيما عمان بدأت تعاني من دفع كلفة إلغاء القمة الرباعية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن مبكرا.
وجب بهذه الحال وحسب مصادر أردنية رسمية الإستفسار من الجانب المصري، الأمر الذي يبرر الزيارة الخاطفة التي قام بها للقاهرة ظهر الخميس العاهل الملك عبدالله الثاني والتي وصفتها مصادر دبلوماسية بأنها “استطلاعية” واستكشافية بمعنى التوثق من الخطابين المصري والأردني ينطلقان من نفس الأسس ويسعيان لنفس الأهداف.
تلك الزيارة هي الأولى بعد إلغاء اللقاء الرباعي في عمان والتساؤلات تلتهم القرار السياسي في الأردن بسبب عدم فهم مسوغات ومبررات وجدية اقتراحات السيسي بخصوص “سيناريو النقب” خصوصا وأن عمان تقدمت إلى الأمام بمواقف قوية جدا بخصوص رفض التهجير القسري والملك عبدالله الثاني وفي قيادة القوات المسلحة توجه برسائل حادّة في هذا السياق.
يريد الأردن التأكد من أن السيسي لا يتجه يمين فيما يغمز إلى اليسار أيضا ليس فقط في ملف التهجير ولكن في ملف منعه عبر إستراتجية عمل موحدة تفتح معابر رفح لتوجيه الدعم الإنساني لأهالي غزة من باب “تعزيز صمودهم في أرضهم” وهي صيغة استعملها العاهل الأردني مباشرة وبوضوح.
ولذلك نظر المراقبون لزيارة عاهل الأردن الطارئة للقاهرة الخميس باعتبارها لجسّ النبض والتوثّق وزيادة رقعة التنسيق.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم