فيما يتّهم الرئيس الأمريكي السّابق دونالد ترامب، رئيس أمريكا الحالي جو بايدن، بمُحاولة مُحاكمته، لمنعه من الوصول للبيت الأبيض، يبدو أن الجمهوريين يُريدون رد الصّاع صاعين، عن طريق إجراء تحقيقات في وجود أسباب مُوجبة لعزل الرئيس الأمريكي بايدن.
وأعلن زعيم الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي، كيفن مكارثي بالفعل، في مبنى الكابيتول، الثلاثاء، توجيه اللجان في مجلس النواب ببدء تحقيقات رسمية في وجود أسباب موجبة لعزل” بايدن، مشيرًا إلى أن الرئيس الديمقراطي “كذب” على الشعب الأميركي بشأن أعمال ابنه المُثيرة للجدل في الخارج.
الدستور الأمريكي يسمح وفقاً للمادة الثانية بعزل الرئيس ونائب الرئيس وجميع الموظفين الفيدراليين في الولايات المتحدة من مناصبهم، وذلك في حالة إدانتهم بالخيانة أو الرشوة أو غيرها من الجرائم الكبرى والجرائم الأخرى”.
السّؤال المطروح الآن، هل يستطيع الجمهوريون إدانة بايدن ضمن بند الرشوة، حيث التعاملات التجاريّة التي قام بها هانتر، نجل بايدن، عندما كان والده نائبًا للرئيس في عهد باراك أوباما، هدفًا دائمًا للجمهوريين.
البيت الأبيض يقول من جهته بأن الرئيس بايدن غير مُتورّط في أي شي غير قانوني، وفي حال رصد تعاملات غير قانونيّة، تحتاج إجراءات العزل لخطوتين: الأولى بدء إجراءات العزل، والسّلطة المُخوّلة لذلك هي مجلس النواب، فتبدأ التحقيق لجمع أدلّة مُوجبة لعزل الرئيس، ثم بطرح مواد (اتهامات) لإقالته.
ومن بعد خطوة العزل، يحتاج مجلس النواب إلى “أغلبيّة بسيطة، وفي حال تحقّقها يعقد مجلس الشيوخ محاكمة العزل، وإذا ثبتت إدانة الرئيس في محكمة مجلس الشيوخ، يتم عزله من منصبه، وقد لا يتمكّن أبدًا من شغل مناصب منتخبة مرة أخرى.
ولم يسبق أن نجحت إجراءات العزل، حيث سبق أن واجهها رؤساء أمريكيين، مثل أندرو جونسون، بيل كلينتون، ودونالد ترامب، وبقي الثلاثة في منصبهم، بعد تبرئتهم من التهم المُوجّهة إليهم.
هل يتمكّن الجمهوريون من عزل بايدن، هذه قد تكون سابقة، تماماً كما حصل مع الرئيس السابق ترامب، حيث كانت سابقة أن يجري التقاط صورة لرئيس أمريكي، من داخل السجن، بل وسيقف أمام المحكمة لاحقاً العام المًقبل، في مُحاكمة علنيّة، والذي يُواجه 4 لوائح اتهام جنائيّة تتزامن مع حملته للسباق الرئاسي المُقبل.
بايدن مُتّهم من قِبَل الجمهوريين أثناء شغله منصب نائب الرئيس من عام 2009 إلى عام 2017 وذلك من خلال المشاريع التجاريّة الخارجيّة لابنه هانتر، لكنّهم لم يُقدّموا أدلّة تُثبت ذلك حتى الآن على الأقل وفقاً للديمقراطيين.
وهانتر نجل بايدن مُستهدفٌ بتحقيق يقوده مُدّعٍ خاص في وزارة العدل بشُبهة التهرّب الضريبي، ويتوقع أن يُوجّه إليه الاتهام بنهاية الشهر الحالي في قضية انتهاك قوانين حيازة الأسلحة، لكن أيّ اتّهامٍ مع هذا لم يوجّه إليه على صلة بتعاملاته التجاريّة الخارجيّة، كما لم يبرز أي دليل على ضُلوع الرئيس بايدن في أي مُخالفة وفقاً للديمقراطيين.
النائب الجمهوري سكوت بيري أجاب على سؤال مُراسلة يتعلّق بامتلاكهم أدلّة لإدانة بايدن وعزله قائلاً: “لدينا السجلات البنكية، يمكنك أن ترى المنازل التي يملكها آل بايدن والتي لا يمكن أن يتحمل تكاليفها راتب عضو في مجلس الشيوخ، ليس من الطبيعي أيضًا أن يتلقى أفراد أسرة بايدن ملايين الدولارات من كيانات خارجية، هذه الأشياء ليست طبيعية، ليس من الطبيعي أن يكونوا مرتبطين بـ 20 شركة وهمية، هذه الأمور ليست طبيعية وهي لا تشير فقط إلى الفساد واسع النطاق فحسب، بل إلى غسيل الأموال، إن لم يكن إلى استغلال النفوذ والسلطة في حد ذاته”.
هذه التحقيقات قد لا تنجح في عزل بايدن، ولكن الأخير قد يخسر الانتخابات الرئاسيّة جرّاء توقيت هذه التحقيقات، حيث تتراجع شعبيته، وبحسب استطلاع جديد لجامعة “كوينيبياك”، أظهر أن نصف الناخبين يعتقدون أن بايدن مُتورّطٌ في تعاملات هانتر التجاريّة مع الصين وأوكرانيا، بينما يعتقد 35 في المئة أن الرئيس ارتكب مُخالفةً ما، ما يعني أن الشعب الأمريكي قد يعزل الرئيس الحالي عن ولاية ثانية عند طريق صناديق الاقتراع في انتخابات الرئاسة.
وانتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن، مُحاولة الجمهوريين بمجلس النواب عزله، قائلًا إن لديه “أعمالاً أهم” من تلك المساعي.
من جهته كتب ترامب عبر منصة “سوشيال تروث” الخميس، ساخراً من بايدن: “أظهر استطلاع للرأي أن الجميع تقريباً يعتقدون أن المحتال جو بايدن كبير في السن، لكنهم لا يعتقدون أنني كبير في السن وأنا لست كذلك”، وتابع “بايدن ليس كبيراً في السن، هو غير كفؤ، وأسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة”.
بكُل حال يُدرك الجمهوريّون بأن توجّههم نحو التحقيق لعزل بايدن، لن ينتهي بعزله، وبفرض تصويت كل الجمهوريين (49 عضوًا مُقابل 51 للديمقراطيين) لصالح قرار العزل، لا يُمكن التغاضي عن الحاجة لأصوات أكثر من 20 سيناتورًا ديمقراطيًّا لتمرير القرار الذي يتطلّب أغلبية الثلثين، وهذا سيناريو غير وارد، وهُنا تنتهي إجراءات العزل بالإخفاق، ولكنّ سيناريو العزل، يُعيد توجيه الأضواء نحو بايدن، ويُخفّف الضّغط عن ترامب الذي يُواجه مُحاكمات، ومُحاولة لرد اعتباره، وإهانة بايدن بتهم فساد.
حادثة يتيمة يُذكر كادت أن تعزل الرئيس الأمريكي من منصبه، في العام 1973 نتيجة لفضيحة ووترغيت، واختار الرئيس ريتشارد نيكسون الاستقالة عندما أيقن أن الأغلبيّة الديمقراطيّة تستطيع تمرير قرار عزله.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم