الدكتورة حسناء نصر الحسين
في ظل المتغيرات الدولية والاقليمية المتسارعة، تحافظ الدولة السورية على مكتسبات السنوات العشر لترسم خلاصات هذا العدوان بعنوان النصر الكبير ، وهذا ما رأيناه في الاسابيع القليلة الماضية من انفتاح عربي واقليمي ودولي عليها ، اخذ الضوء الاخضر من السيد الامريكي بالاستدارة تجاه دمشق في تصريح صريح من سيد البيت الابيض جو بايدن بأنه لن يعاقب الدول المطبعة مع الدولة السورية ، ليكتمل مشهد النصر السوري من خلال مشهدية الانقسام الذي تجلى في تصريحات رعاة الارهاب العالمي المتمثل بأمريكا وتركيا في سورية ليصبح صديق الامس عدو اليوم ، من خلال تراشق الاتهامات بين واشنطن وانقرة بتهمة دعم الارهاب في سورية ، ومشاريع تقسيمها لتتحول الامم المتحدة ومن على منبر الجمعية العمومية منصة يحاول من خلالها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاعلان عن دور واشنطن في العدوان على سورية من خلال احتلالها للاراضي السورية ودعمها للارهاب بهدف تقسيمها ، وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو عندما طالب واشنطن بسحب قواتها المحتلة من الاراضي السورية وان هذه القوات الامريكية ستخرج عاجلا أم آجلا ، لتنقسم القوى الارهابية على نفسها بينما الدولة السورية تمضي قدما في مسار تحرير التراب السوري من رجس الارهاب الامريكي والتركي من على اراضيها حتى اخر ذرة تراب .
حالة الانقسام هذه قطعا ستفرض على قوى الارهاب المزيد من حالات التنحار والاقتتال الذي هو موجود لجهة تجدد الولاءات وتنوع الممولين ، وهذا ما يعنيه تآكل متسارع لكل قوى ومجاميع الارهاب في سوريا ، وتسريع لنهاية هذه القوى الارهابية والاجرامية وهو في ذات الوقت تسريع للنصر السوري على كل قوى الاحتلال والارهاب.
تحاول تركيا تقديم نفسها بصورة مغايرة عن سيدها الامريكي محاولة شرعنة تواجد قواتها النظامية الاحتلالية للأراضي السورية عبر اطلاق التصريحات التي تشير باصابع الاتهام لواشنطن بدعم الارهاب في سورية ومحاولة تقسيمها وكأن تركيا ليست دولة ارهابية وتدعم وتستثمر في ورقة الارهاب الدولي على الاراضي السورية وتسعى الى تكريس واقع الاحتلال عبر ادواتها الارهابية وقواتها النظامية مشرعنة عدوانها ودعمها للمجاميع الارهابية بحجة وجود الحدود المشتركة مع سورية وقلقها من الوجود الكردي على حدودها .
تركيا اردوغان تحاول أن تفرض نفسها بنمط يعطيها الحق بالتدخل والاحتلال ودخول الحدود السورية، وتضع كل هذا تحت ذريعة امتلاكها لحدود مع الدولة السورية بعد أن كانت تتذرع بالحديث عن مخاطر من جهة الأكراد في سوريا، وبالطبع جاء هذا الحديث التركي المغطي لجرائم اردوغان في سوريا ومسلك الاحتلال الذي وصل الى حد تتريك كل شيء سوري في العديد من مناطق الحدود السورية يأتي بعد لقاء اردوغان مع الرئيس الروسي بوتين وتأكيد الأخير ولأكثر من مرة على ضرورة خروج كل أجنبي تواجده غير شرعي من الاراضي السورية .
الدعوات الروسية المطالبة بخروج كل القوات الاجنبية المتواجدة بطريقة غير شرعية في سوريا تزامن معه دعوات دول أخرى عربية وازنه وذات مواقف حديه تجاه تركيا، فتصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري جاء مباشرة بعد خيبات تركية ناجمة عن ما أفزه لقاء اردوغان بوتين ، لتكون تركيا أمام مطلب لا يختلف بالمطلق عن ما ينطبق على القوات الأمريكية المحتلة ، وهذا ما يضع أردوغان في مأزق حرج فيما لو تم خروج القوات الامريكية المحتلة من الاراضي السورية ، فهل محاولات فصل تركيا نفسها عن المحرك الرئيسي وهو الأمريكي حاجة تركية ملحة لتجاوز فرضية الخروج من الاراضي السورية كنتاج لضغوط دولية تبدأ من روسيا ولا تنتهي عند مصر ؟.
المشهد يشي بتحولات قادمة تضع هذه الأطراف المحتلة في خانة اللاخيار سوى خيار الخروج من الاراضي السورية، لتعبر المرحلة عن عناوين جديدة تبدأ بخروج المحتلين ولا تنتهي عند تطبيع الاوضاع في مناطق التطهير وإعادة التعافي وتفعيل المنظومة المؤسسية للدولة ، لتعود سوريا كما كانت قطبا عربيا وفاعلا مهما على الصعيد الاقليمي والدولي والعالمي.
سيرياهوم يوز 6 – رأي اليوم