آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » هل يشكّل ترامب خيبة أمل لإسرائيل؟

هل يشكّل ترامب خيبة أمل لإسرائيل؟

 

رأي بدر الإبراهيم

 

 

يدعم اليمين الإسرائيلي دونالد ترامب بشكل صريح في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية. يقول وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، إنه يجب تأجيل صفقة الرهائن إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، كي لا تكون صفعةً لترامب وانتصاراً لبايدن (قبل إعلان انسحاب الأخير من السباق الانتخابي لمصلحة نائبته). ينطلق هذا الموقف من تجربة ترامب في ولايته الأولى، حيث قام بعدد من الأعمال التي يعدّها اليمين الإسرائيلي عظيمة، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، واتفاقات أبراهام، وعملية اغتيال اللواء قاسم سليماني، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، بالإضافة بالطبع إلى إطلاق العنان لعملية الاستيطان المتعاظمة منذ أوسلو في الضفة الغربية.في المقابل، ينزعج اليمين الإسرائيلي من بايدن رغم صهيونيته الفاقعة، لأنها تترجم محاولةً للجم اندفاعة اليمين الصهيوني، حماية لإسرائيل من عواقب ما يراه هو والمعسكر الليبرالي الصهيوني في الغرب، تصرفات غير عقلانية تضر بمستقبل إسرائيل في المنطقة. في حال وصول ترامب للبيت الأبيض من جديد، يتوقع اليمين الإسرائيلي عودة الدعم الأميركي الخالي من الضغوطات التي يمارسها بايدن في بعض القضايا (وإن كان ضغطاً ناعماً غير ذي وزن)، ما يجعل حكومة اليمين الإسرائيلية قادرة على مواصلة حربها الإبادية في غزة بارتياح أكبر، ودعم سياسي وديبلوماسي وعسكري غير محدود.

قبل تعيينه مرشّحاً لمنصب نائب الرئيس في حملة ترامب الانتخابية، تحدّث السيناتور جي دي فانس في معهد كوينسي عن رؤيته للسياسة الخارجية الأميركية، وهاجم صنّاع هذه السياسة في واشنطن، لأنها لا تراعي، من وجهة نظره، لا الحسّ الأخلاقي ولا المصالح الحقيقية للمواطن الأميركي. تطرّق فانس إلى الفارق بين دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا وإسرائيل، في رأيه، فأكد أن دعم الأولى عبء لا يجب استمراره، أمّا الثانية، فدعمها ضرورة. يشير فانس إلى أسباب دينية عند الغالبية المسيحية الأميركية تشكّل دافعاً لدعم إسرائيل، ولكنه يشدّد أيضاً على البعد الإستراتيجي والمصلحة من هذا الدعم، إذ يعتقد أن إسرائيل يمكنها الاعتماد على نفسها، وإفادة الولايات المتحدة بتشكيل تعاون مثمر في تطوير أنظمة الدفاع الصاروخي، وفي تشكيل تحالف إقليمي مع دول عربية ضدّ أعدائهما في المنطقة، تفرّغ الولايات المتحدة لمهمّتها في شرق آسيا. في حالة أوكرانيا، لا يتحمّل الأوكرانيون ولا الأوروبيون أي عبء، ويعتمدون بشكل كلّي على الولايات المتحدة.

فرادة إسرائيل بالنسبة إلى النخبة السياسية الأميركية على اختلاف تلاوينها ليس جديداً، ورغم كل الإشارات الإيجابية الداعمة لإسرائيل من ترامب وفانس، إلا أن حصول اليمين الإسرائيلي على كل ما يأمله من ترامب ليس مضموناً. فانس يبدو في حديثه وفياً للأفكار الانكفائية التي يتبنّاها ترامب، وهو يعارض نهج المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري في ما يخصّ التدخّلية في السياسة الخارجية، وهو ما يفسّر عداء جمهوريين مثل جورج بوش الابن وليز تشيني وجون بولتون لترامب ونهجه، باعتبار سياساته الانكفائية خطراً على هيمنة أميركا في العالم.

حصل انقلاب في خطاب الحزب الجمهوري، فبعد سيطرة المحافظين الجدد منذ عهد ريغان على هذا الخطاب وتوجيهه لمصلحة مجابهة أعداء أميركا في العالم، من الشيوعية إلى الأنظمة المارقة والجماعات الإرهابية، صار خطاب الحزب، إثر سيطرة ترامب، يعيد تعريف أعداء أميركا ليصبحوا المهاجرين غير الشرعيين. وبعد أن كان خطاب الجمهوريين معنيّاً بخوض المعركة في الخارج مع أعداء أميركا، بات مع التيار الانكفائي يريد خوض معركة الداخل في وجه الصين، لاسترداد المصانع الأميركية، وإنصاف الطبقة العاملة البيضاء من سياسات العولمة.

التسليم باستثنائية إسرائيل، مقابل ازدراء الأوروبيين و«الناتو»، لا يكفي للثقة باندفاع ترامب لدعم وتغطية طموح اليمين الإسرائيلي ومغامراته المأمولة ضدّ إيران وحلفائها، خاصّة إذا كان هذا يورّط الأميركيين في حرب إقليمية. يريد التيار الانكفائي – كما يكرّر فانس – عدم إشعال حروب في العالم، وقد يشكّل هذا خيبة أمل لنتنياهو وأعضاء حكومته. كذلك، يمكن لترامب (بفعل عقليّته كرجل أعمال محبّ لعقد الصفقات) أن يتّجه إلى عقد صفقة مع إيران، وهو كان قد صرّح بهذا التوجّه أثناء حملته الانتخابية عام 2020.

من المهم أيضاً تذكّر عدم تطابق كلام فانس عن قدرات إسرائيل واعتمادها على نفسها مع الواقع الإسرائيلي ما بعد السابع من أكتوبر. صورة إسرائيل التي تفيد أميركا بتطويرها لأنظمة دفاع صاروخي لا علاقة لها بواقع إسرائيل المعتمدة على «تحالف دولي» لصدّ الهجوم الصاروخي الإيراني، والمحتاجة باستمرار إلى تدفّق السلاح الأميركي إليها. أصبحت إسرائيل أقلّ اعتماداً على نفسها، وأقلّ قدرة على أداء وظائفها الاستعمارية، وأكثر اتكالية على الولايات المتحدة. لا ينهي هذا أسباب دعم فانس والانكفائيين لإسرائيل، ولكنه يضع منطق الانكفائيين أمام أزمة، وقد يجعلهم أكثر ميلاً إلى إيجاد سقف محدّد لهذا الدعم.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

التنّين الجديد: الصهيونية المسيحية تحت المجهر

عادل بشارة   الصهيونية المسيحية هي لاهوت سياسي تعود جذوره إلى القرن التاسع عشر. وقد اتخذت شكلها الكامل بعد ولادة الكيان الإسرائيلي عام 1948. إنها ...