آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » هل يصبح الإعلامُ شريكاً في بناء الاقتصاد الوطني؟

هل يصبح الإعلامُ شريكاً في بناء الاقتصاد الوطني؟

هلال عون:

 

مع دخول سوريا مرحلة الاقتصاد التنافسي الحر بعد عقود من الاقتصاد المركزي، برز الإعلام كأحد المحركات الأساسية في تشكيل الوعي الاقتصادي والاجتماعي، ولم يعد دوره يقتصر على نقل الأخبار، بل أصبح منصة للتحليل، وكشف التحديات، وطرح الحلول.

 

السؤال الملح اليوم: كيف يمكن للإعلام أن يواكب هذا التحول؟ وما المطلوب منه ليصبح شريكاً حقيقياً في إعادة بناء الاقتصاد الوطني؟.

 

بين الماضي والحاضر

لطالما كان الإعلام السوري مقيَّداً بتوجهات السلطة، يُستخدم كأداة للدعاية أكثر من كونه وسيلة لنقل الواقع.

 

اليوم، ومع تغير المشهد الاقتصادي، أصبح الإعلام أمام اختبار جديد.. هل سيتمكن من التحول إلى قوة فاعلة ومستقلة تدعم التنمية الاقتصادية، أم سيظل حبيس القوالب القديمة؟

 

يرى الخبير والاستشاري في الإدارة والاقتصاد وإعادة هيكلة الشركات، والمختص بالإدارة العامة والتنفيذية الدكتور عبد المعين مفتاح، أن الإعلام يجب أن يلعب دوراً جوهرياً في هذه المرحلة، وأن يكون قادراً على تفسير التغيرات الاقتصادية بلغة مبسطة يفهمها الجميع، من المستثمر إلى المواطن العادي.

 

 

 

ويصف د. مفتاح الإعلام بأنه “بوصلة التنمية”، إذ يمكنه أن يؤثر في قرارات المستثمرين، ويوجه الرأي العام نحو دعم المشاريع الناشئة، ويسلط الضوء على القطاعات الواعدة، كما أنه أداة لتعزيز الشفافية ومنع الاحتكار، وهو ما تحتاجه سوريا اليوم أكثر من أي وقت مضى.

 

والنهوض بالاقتصاد- بحسب مفتاح- لا يعتمد فقط على الحكومة أو الشركات، بل يحتاج إلى وعي شعبي، وهنا يأتي دور الإعلام في تبسيط المفاهيم الاقتصادية، وشرح آليات السوق الحر، وتثقيف المواطنين حول دورهم في التنمية”.

 

ويستشهد بالتجربة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، إذ لعب الإعلام دوراً حاسماً في نشر ثقافة الإنتاجية والاستثمار المحلي، ما ساهم في تحقيق “المعجزة الاقتصادية الألمانية” خلال أقل من عقدين، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 23 مليار دولار عام 1950 إلى أكثر من 850 مليار دولار عام 1980.

 

وكذلك الأمر في سنغافورة، فقد ساهم الإعلام في دعم تحول البلاد من دولة صغيرة تعاني من البطالة إلى واحدة من أكبر المراكز المالية في العالم، حيث ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 500 دولار عام 1965 إلى أكثر من 72,000 دولار في 2023.

 

 

 

آراء أهل الكار

يحتاج الإعلام حتى يواكب التحول الاقتصادي ويواجه التحديات- برأي الصحفي جهاد الزعبي- إلى توفير المعلومات المدعمة بالأرقام والإحصائيات من قبل المؤسسات الاقتصادية وإلى تمكين الإعلاميين من أدوات التحليل والخبرات العلمية عبر الدورات والورشات التدريبية، ومنح هامش واسع من المرونة والحرية في النقد البنّاء من أجل تصحيح الأخطاء في حال وجودها وتعزيز الإيجابيات والمبادرات الهادفة لبناء اقتصاد وطني متين يلبي طموحات الشعب.

 

 

 

أما الصحفية علا محمد فترى أنه يمكن للإعلام أن يواكب هذا التحول عبر تبني دور أكثر تفاعلاً في التوعية والتثقيف الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تقديم محتوى مبسط وملموس، يشرح مفاهيم السوق التنافسية ودور القطاع الخاص لرفع مستوى الوعي لدى المجتمع حول أهمية الاقتصاد التنافسي، بالإضافة لتقديم تحليلات شفافة تعتمد على البيانات والأحداث الحقيقية.

 

ودعتْ إلى فتح منصات للحوار مع المجتمع والقطاع الخاص والسلطات لتعزيز المشاركة الفعالة، كما شدّدتْ على وجوب “تعزيز الثقة بعمليات الإصلاح الاقتصادي، في حال تحققت، من خلال تغطية إيجابية ومتوازنة، والأهم هو تطوير مهارات الإعلاميين بحيث يكون لديهم فهم أعمق للمفاهيم الاقتصادية والكفاءات التحليلية لمواكبة المتغيرات- بحسب رأيها.

 

الصحفي حسين صقر قال: “أياً كان المجال الذي يتم الحديث عنه، سواء أكان سياسياً أم اقتصادياً أم اجتماعياً وثقافياً، فهو بحاجة للإعلام، لكوننا بتنا في عصر المحتوى الرقمي، وسرعة انتشار المعلومات.

 

 

 

ويرى أن الإعلام هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها جميع وسائل الاتصال وتعمل في محيطه وتسبح في فضائه، حيث يلعب دوراً مهماً في تشكيل الوعي الاقتصادي للمجتمع، وذلك من خلال توفير المعلومات الصحيحة والأرقام والإحصائيات والإمكانات والقدرات، وعلى عاتق العاملين فيه تقع مسؤولية تحليل الأحداث، وتشكيل الرأي العام حول القضايا الاقتصادية ذات الصلة.

 

والإعلام أيضاً يساهم في توعية الجمهور، وتعريفه بالقضايا الاقتصادية والمجالات التي ينضوي عليها، والعقبات التي تواجهه كالتضخم، والبطالة، والنمو الاقتصادي، لكونه يساعدهم على فهم تأثير هذه القضايا على حياة الناس اليومية، ويلعب دوراً في تشكيل الوعي الاقتصادي، حيث يسهم في تشجيع المشاركة المجتمعية في التنمية الاقتصادية من خلال تسليط الضوء على الفرص والمشاريع والخسائر والأرباح، وذلك من خلال البرامج التي يصورها ويذيعها وينقلها عبر وسائله، ويبحث في المخاطر

 

الاقتصادية، ويساعد بتغطية القضايا الاقتصادية بشكل كامل، ويعمل من خلال الشفافية المتبعة على كشف الفساد المالي والإداري.

 

 

 

نظام حوكمة

الإعلام الرسمي بدأ يخطو باتجاه إعادة الهيكلة ونظام المؤسسة وبناء استراتيجية قد نجدها قريباً لا تقل أهمية عن أي من المؤسسات الإعلامية العربية وربما العالمية، هذا رأي الصحفية عبير القزاز، لكن من دون ذلك تحديات كبيرة، كما تقول، أهمها بناء كوادر قادرة على مواكبة الحدث والتطورات، بجانب توفير التقنيات وبناء مؤسسات تعمل على التكنوقراط (الرجل المناسب في المكان المناسب) وإيحاد نظام حوكمة يضاهي المؤسسات الكبرى العالمية.

 

وأشارت إلى أهمية مواكبة التشاركية الجماهيرية في صناعة الحدث، ومعرفة الآراء التي قد تطور العمل الإعلامي في الشارع السوري، وهذا كله يعمل ضمن منظومة نراها تتحقق ولو بشكل خجول.

 

 

 

تحديات تواجه إعلامنا

وبالعودة إلى الخبير، الدكتور عبد المعين مفتاح، للحديث عن التحديات التي تواجه الإعلام والتي عليه تخطيها ليصبح ” بوصلة الاقتصاد، وأبرزها:

 

أولاً: ضعف الاستقلالية، إذ لا تزال العديد من وسائل الإعلام متأثرة بجهات سياسية أو اقتصادية، ما يحد من قدرتها على تقديم محتوى موضوعي يخدم المصلحة العامة.

 

ثانياً: نقص الكوادر المتخصصة، فالصحافة الاقتصادية تحتاج إلى خبرات قادرة على تحليل البيانات المالية والاقتصادية بلغة مبسطة يفهمها الجميع.

 

ثالثاً: انتشار الأخبار المضللة مع ازدهار وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت الأخبار الزائفة تشكل خطراً على استقرار الأسواق، ما يتطلب تعزيز الصحافة الاستقصائية.

 

رابعاً: ضعف التمويل، فغياب الاستثمارات الإعلامية المستدامة يؤثر على جودة المحتوى ويقلل من فرص تطوير وسائل إعلام مستقلة وذات مصداقية.

 

المطلوب من الإعلام حالياً لكي يكون الإعلام السوري فاعلاً في الاقتصاد الجديد، يرى مفتاح أنه يجب العمل على عدة محاور رئيسية، أهمها:

 

أولاً: إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية لضمان استقلاليتها وتعزيز قدرتها على تقديم تحليلات اقتصادية موضوعية.

 

ثانياً: تعزيز الشفافية والمصداقية عبر تقديم معلومات دقيقة وموثوقة، خاصة حول القوانين والسياسات الاقتصادية الجديدة.

 

ثالثاً: تدريب الصحفيين على الصحافة الاقتصادية، ما يساعدهم على تقديم محتوى مفهوم وعلمي بنفس الوقت.

 

رابعاً: استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الصحافة البيانية والمنصات الرقمية التفاعلية لمواكبة التطورات العالمية في الإعلام الاقتصادي.

 

خامساً: توفير دعم مالي مستدام للإعلام المستقل، لضمان جودة المحتوى وخلق بيئة إعلامية تنافسية.

 

 

 

الإعلام والرقابة على الاقتصاد

مع نضوج التجربة الاقتصادية الجديدة في سوريا، من المتوقع أن يلعب الإعلام دوراً أكبر في الرقابة على الأداء الاقتصادي- بحسب د. مفتاح- كما هو الحال في الدول المتقدمة، إذ يمكن للإعلام أن يكون “سلطة اقتصادية خامسة” تراقب أداء الشركات الكبرى، وتكشف الممارسات غير العادلة، وتعزز بيئة تنافسية صحية.

 

ويشير الدكتور مفتاح إلى تجربة كوريا الجنوبية، كان الإعلام الاقتصادي شريكاً في النهضة الاقتصادية، فكشف العديد من قضايا الفساد التي كادت أن تضرّ بالاقتصاد، ما ساهم في بناء بيئة استثمارية أكثر شفافية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

 

اليوم، تحتل كوريا الجنوبية المرتبة العاشرة عالمياً في الناتج المحلي الإجمالي، الذي بلغ 1.7 تريليون دولار في عام 2023، وهو دليل على الدور الفعال للإعلام في التنمية الاقتصادية.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير الزراعة السوري يتابع امتحانات طلاب دمشق الزراعية

أجرى وزير الزراعة السوري الدكتور أمجد بدر جولة تفقدية على مركز الامتحانات في ثانوية دمشق الزراعية والبيطرية بدوار البيطرة، للاطلاع على سير الامتحانات، مؤكداً انتظام الأجواء ...