من يزيل هذا الخنجر من خاصرة الوطن؟ ويخلع قيد الفساد عن سوريا و يقضي على هذه الآفة الاقتصادية التي تأكل خبز الفقير ولحمه وترمي سوريا المتوجة على عرش الحضارات منذ عشرة آلاف سنة الى درك المرتبة العاشرة للفساد العالمي، بحسب مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية لعام 2024.
مشى السوريون على دمائهم في الثورة 14 عاما لإسقاط الفساد ونظامه الذي أنهك اقتصادهم وفتت ودمر حتى البنية الاجتماعية والأخلاقية التي تميز بها السوريون، فالفساد ليس مجرد سرقة للمال العام، بل هو سرقة لأحلام الناس، كما يقول نيلسون مانديلا ولذلك وأكثر تأتي أهمية أن تدرك الحكومة الجديدة في دمشق ضرورة تفكيك منظومة الفساد التي أثقل بها النظام المخلوع كاهل البلاد ومعالجة تداعيات هذا الفساد الاجتماعية والاقتصادية، والقضاء على الشبكات الفاسدة المتغلغلة في كلّ مؤسسات الدولة وقطاعاتها وفعالياتها والتي سرقت ونهبت اقتصاد الدولة، وثروة شعب كامل، الأمر الذي يضع الحكومة السورية الجديدة تحت مجهر الاختبار الشعبي والترقب الدولي.
لذلك تلحظ وسائل الإعلام كل خطوة من خطوات الحكومة السورية نحو تحسين وضع البلاد وتنشر التقارير عن كلّ قرار واجراء أو حتى كلمة وتوجيه يأتي من رأس الهرم في الدولة.
وقد سجلت الأشهر القليلة الماضية من عمر سوريا الجديدة الكثير من المؤشرات والدلائل على نية الحكومة في اقتلاع جذور الفساد، وقد بدأ المواطن يلمس هذه النية في سلوك الموظفين والادارات في الحكومة الجديدة، فعلى سبيل المثال يرى القادم إلى سوريا عبر المنافذ الحدودية، كيف اختفت سلوكيات الإتاوات لعناصر الجمارك الحدودية، وكذلك المواطن الذي يتنقل بين مؤسسات الدولة لم يعد مضطراً لدفع الرشوة مع كلّ توقيع لمدير أو موظف، وغير ذلك الكثير من مظاهر التعافي، ومع ذلك لايزال هذا الفساد -حجمه- كبيراً ومهددا لاقتصاد البلد واستقراره.
ومن الواضح أن الحكومة وعلى رأسها السيد الرئيس أحمد الشرع تدرك أن نهوض البلاد يبدأ من محاربة الفساد بجندي نظيف، لذلك نرى أن الرئيس الشرع لا يوفر مناسبة إلا ويوجه بضرورة التمسك بمبادىء وأخلاقيات الثورة، وهو مانشرته وكالة رويترز ووسائل إعلام محلية وعالمية تؤكد أن الشرع يقود معركته مع الفساد ويؤكد على ضرورة نزاهة المسؤول وخاصة القائمين على اقتصاد البلد وأمنه.
ففي تشرين الأول المنصرم قالت وسائل الإعلام الرسمية: إن الرئيس الشرع وجه المسؤولين بضرورة الكشف عن استثماراتهم الحالية، ووجههم بعدم الدخول في مشاريع خاصة جديدة، ودعا كذلك إلى تجنب العلاقات الشخصية مع رجال الأعمال، محذراً إياهم من تكرار النموذج الذي ساد في حقبة نظام الاسد المخلوع.
ونشرت وكالة رويترز أمس الجمعة تقريراً مفصلاً لها أكدت فيه أن الرئيس أحمد الشرع ترأس بنفسه اجتماعاً لعدد من المسؤولين في الدولة في إدلب، حيث يبدو المكان متعمداً لتذكير المجتمعين بمبادىء وأخلاقيات الثورة، وبحسب رويترز، أمر الشرع موظفي الدولة الذين يملكون سيارات فارهة بتسليم مفاتيحها مشدداً على ضرورة نظافة المسؤول وبأن لا غنائم حرب في سوريا.
تقرير رويترز، تطرق الى العديد من التفاصيل التي تبدو مهمة وايجابية وتعكس نية حقيقية للقيادة السورية في مكافحة الفساد، الا أن القوالب الروائية التي تسكب فيها المعلومات تبدو مبالغ فيها، ربما لأن الوضع في سوريا معقد وصعب مما يجعله خصباً للشائعات والروايات الإعلامية الخيالية خاصة عالمياً، فسوريا لطالما كانت قلب الحدث الدولي والاحتمالات فيها متعددة لكن الأكيد حتى اللحظة ان الفساد لا يزال موجوداً في سوريا وإن ضاق نطاقه، وأن هناك بعض الممارسات الفاسدة من قبل بعض الشخصيات المسؤولة أو حتى المتوارية خلف وجوه اقتصادية جديدة أو حتى شبكات قديمة للفساد، وجدت لها مكاناً مخفيا في الاقتصاد السوري الجديد، وهذا طبيعي في كل بلدان العالم فالفساد آفة عالمية، لكن على الأقل علينا كسوريين الخروج من هوة المرتبة العاشرة للفساد العالمي التي سببتها عصابة اندحرت بعد أن خنقت المواطن السوري، واليوم يبدو الرهان كبيرا على الحكومة السورية خاصة أنه إذا صلح القائد فمن يجرؤ على الفساد؟
من هذا المنطلق يبدو أمل السوريين في العيش بدولة نظيفة من مظاهر الفساد والمحسوبية كبيراً جداً.
هل ينقذ الشرع سوريا من الفساد؟
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الثورة
syriahomenews أخبار سورية الوطن
