شفيق طبارة
«ليُسمع صوت هند رجب» هكذا اختتمت المخرجة التونسية كوثر بن هنية بيانها عبر صفحتها على فايسبوك، فور صدور خبر مشاركة فيلمها الجديد «صوت هند رجب» في المسابقة الرسمية لـ «مهرجان البندقية السينمائي الدولي» (27 آب/أغسطس – 6 أيلول/ سبتمبر 2025).
الفيلم الذي يؤدي بطولته عامر حليحل وكلارا خوري، ومعتز ملحّيس، وسجى كيلاني، يروي تفاصيل استشهاد الطفلة الفلسطينية هند رجب، التي بقيت محاصرة لساعات داخل سيارة تعرضت لإطلاق نار أثناء فرار عائلتها من القصف في غزّة في 29 كانون الثاني (يناير) 2024، ما أسفر عن مقتل عمّها وعمّتها وثلاثة من أبناء عمومتها.
هند، الناجية الوحيدة آنذاك، ظلت تتواصل مع الهلال الأحمر الفلسطيني عبر الهاتف طلباً للنجدة، بينما حاول المسعفون الوصول إليها وسط وجود مكثف لقوات الاحتلال.
بُني الفيلم على أقرباء
الطفلة الشهيدة، مع
استخدام صوتها الحقيقي
وفي 10 شباط (فبراير)، وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية، عُثر على جثة هند إلى جانب عائلتها والمسعفين الذين قُتلوا أثناء محاولتهم إنقاذها. ورغم نفي إسرائيل مسؤوليتها، كشفت تحقيقات مستقلة من منظمات دولية وصحف عالمية، أنّ دبابات إسرائيلية كانت في المنطقة، وأطلقت النار على السيارة وعلى سيارة الإسعاف التي جاءت لإنقاذ الطفلة.
تعدّ كوثر بن هنية، إحدى أبرز المخرجات العربيات، اشتهرت بأفلامها الاجتماعية المقتبسة من أحداث حقيقية، بما في ذلك فيلم «على كف عفريت» (2017)، الذي مثّل تونس رسمياً في جوائز الأوسكار، وفيلم «الرجل الذي باع ظهره» (2020)، الذي رُشّح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي، وفيلم «بنات ألفة» (2024)، الذي رُشّح لجائزة أفضل فيلم وثائقي في احتفال توزيع جوائز الأوسكار.
وأكملت المخرجة في بيانها: «في هذا المشروع طاقة هائلة وسرعة غير مألوفة. طوال مسيرتي كمخرجة، لم أتخيل أن يُنجز فيلم من البداية إلى النهاية خلال 12 شهراً فقط. كنت آنذاك في خضم حملة الأوسكار لفيلم «بنات ألفة»، وأستعد لفيلم جديد أعمل عليه منذ عشر سنوات.
لكن أثناء توقف في مطار لوس أنجليس، سمعت تسجيلاً صوتياً لهند رجب تطلب النجدة. شعرت بصدمة عاطفية عميقة، وقررت فوراً أن أتخلى عن مشاريعي الأخرى وأصنع هذا الفيلم.
استمعت إلى التسجيل كاملاً، تحدثت مع والدة هند وأشخاص حاولوا مساعدتها، وبنيت الفيلم على شهاداتهم، مستخدمة صوت هند الحقيقي، من دون عرض مباشر للعنف.
أردت تسليط الضوء على الخوف والانتظار، على ما لا نراه عادةً. في قلب الفيلم فكرة بسيطة ومؤلمة: لا يمكنني تقبّل عالم يستغيث فيه طفل ولا أحد يستجيب.
هذه القصة تتجاوز غزة، إنّها عن ألم مشترك، عن مسؤولية إنسانية. أؤمن أنّ الخيال المستند إلى الحقيقة هو أداة السينما الأقوى في مواجهة النسيان.
وأعتقد أن الخيال (خاصةً عندما يستمدّ من أحداث حقيقية موثّقة ومؤلمة) هو أقوى أدوات السينما. أقوى من ضجيج الأخبار العاجلة. السينما قادرة على حفظ الذاكرة، قادرة على مقاومة النسيان».
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار