ميسم رزق
بعيداً عن الفولكلور اللبناني الذي يحيط بزيارة أي مسؤول أجنبي لبيروت، ومع رغبة الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين بتقديم نفسه «منقذاً» للبنان من ورطاته، فإن الجولة الأخيرة له بين بيروت وتل أبيب لم تقفل النقاش الذي انتقل إلى مرحلة جديدة.وعلمت «الأخبار» أن الموفد الأميركي الذي غادر ليل أول أمس إلى قبرص، وانتقل منها أمس إلى كيان العدو، أبقى أحد مساعديه البارزين في بيروت لمواصلة الاجتماعات مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ومن خلالهما مع حزب الله. وقالت المصادر إن هوكشتين قال لبعض من التقوه إنه سيضعهم في أجواء اتصالاته مع القيادة الإسرائيلية، وإنّ لديه ثقة كبيرة بقرب الإعلان عن الهدنة في غزة، ويريد استغلالها لإطلاق مفاوضات مع لبنان لتثبيت الهدنة التي ستقوم حتماً بعد وقف إطلاق النار في غزة. فيما أعلن الرئيس ميقاتي أمس أن المفاوضات لتثبيت التهدئة في لبنان، في حال حصلت الهدنة في غزة، ستنطلق خلال شهر رمضان المقبل، وأن الاتصالات ستنتقل إلى مستوى جديد.
وعُلم أن بيروت تنتظر أن يعود هوكشتين لاحقاً (في حال إعلان الهدنة في غزة) بتفاصيل خطته لتثبيت هدوء مستدام على الجبهة اللبنانية، وأن لبنان ينتظر منه خطوات تلتزم بها إسرائيل على أكثر من صعيد ليكون بالإمكان الحديث عن ضمانات لبنانية بالتهدئة. وأفادت المصادر بأن المسؤولين في بيروت أبلغوا الموفد الأميركي بأن لبنان ينتظر «ورقة عملية مقنعة».
ما أحاط بزيارة هوكشتين، هي الثالثة له إلى بيروت منذ اندلاع «طوفان الأقصى»، عكسَ محوريتها في سعيه إلى «احتواء» التطورات التي تتسابق فيها الدبلوماسية مع الوقائع الميدانية على ضفتَي الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
ومع أن تفسيرات كثيرة أُعطيت لمضمون البيان المكتوب الذي تلاه بعد اجتماعه مع الرئيس نبيه بري، تمّ التوقف عند إشارته إلى عدم انسحاب هدنة غزة تلقائياً على جبهة الجنوب اللبناني، ما فُهم بأنه «تهديد» ضمني لدفع المقاومة إلى وقف عملياتها ضد العدو الإسرائيلي. لكنّ تفاصيل ما قاله في الكواليس، أكّدت محاولته تأطير مرحلة المفاوضات بخطوط عريضة، طالباً من لبنان ضمانات بعدم لجوء حزب الله إلى التصعيد في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات حول غزة. وكان لافتاً أنه أسقط من سلّته هذ المرة بعض الشروط الصِّدامية كتحديد كيلومترات لانسحاب حزب الله بعيداً من الحدود.
وبحسب معلومات «الأخبار» فإن الاجتماع الأساسي لهوكشتين كان مع الرئيس بري، وقد استمر نحو ساعة ونصف ساعة، بدأه المبعوث الأميركي بتقدير «بدا فيه جازماً»، يؤكّد أن المفاوضات في شأن غزة ستؤدي إلى هدنة قريباً، من دون تحديد موعد لذلك. لكنّ سؤاله الأساسي هدف إلى محاولة استكشاف سلوك حزب الله ولبنان الرسمي في حال لم يتم التوصل إلى هدنة، مشيراً إلى أنه يعرف أن موقف حزب الله محسوم لجهة بقاء الجبهة الجنوبية مفتوحة للإسناد طالما استمر العدوان على غزة. وقال هوكشتين إن «إسرائيل لا تريد الحرب، لكنها تعتبر أنها تعرّضت لاعتداء غير مبرّر من لبنان، كما تعرّضت لاعتداء في 7 تشرين، وهي تعتبر نفسها معنيّة بضمان عدم تكرار ذلك من الجنوب، كما تفعل مع غزة». وأكّد أن «الولايات المتحدة تفضّل الخيار السياسي»، زاعماً أن «المناخ التصعيدي في إسرائيل يُمكن احتواؤه من خلال صيغة تؤدي إلى خفض التوتر»، ما يعني ضمناً طلباً بأن «يخفّف الحزب عملياته فيؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط بما يتيح للمستوطنين العودة إلى منازلهم في الشمال وللنازحين من الجنوب بالعودة إلى قراهم». وقال هوكشتين لبري إنه سيقرأ بياناً مكتوباً، «وما سأقدّمه هو صيغة هدفها الوصول إلى حل يمنع إسرائيل من شنّ الحرب»، مكرّراً أن «إسرائيل معتدى عليها، لكن كما نجحنا في التوصل إلى اتفاق بحري رغم كل العقبات والضغوط، نحن حريصون على إيجاد تسوية تجنّبنا الصدام».
وهنا أجابه بري: «كرئيس لمجلس النواب ومسؤول رسمي، أقول إن إسرائيل هي المعتدية، وهذا الكيان لم يكن يوماً يحتاج إلى ذريعة أو عذر لشنّ حرب على لبنان، وكابن للجنوب أؤكد أن المقاومة تنفذ عمليات عسكرية ضد مواقع وجنود، بينما يردّ العدو علينا باستهداف المدنيين وتدمير البيوت من دون سبب وهو من يرغب بالتصعيد». وأضاف: «إما إذا أردت الحديث بوصفي أعرف المقاومة، فأنا أجزم بأن المقاومة ستوقف العمليات بمجرد إعلان الهدنة في غزة، وأنا أعرف ومسؤول عن القول إن المقاومة كما كل لبنان، لم تكن يوماً ضد القرار 1701، وبالتالي، فإن النقاش حول القرار وكيفية تنفيذه وكل الأمور الأخرى يصبح قابلاً للبحث متى توقّفت الحرب في غزة». وهنا، حاول هوكشتين «جسّ نبض» بري عما إذا كانت هناك إمكانية للحصول على «ضمانات» من المقاومة لـ«إقناع المسؤولين في تل أبيب»، إلا أنه لم يسمع جواباً.
حرص هوكشتين في محادثاته على توضيح أن كلامه العلني لم يحمل أي تهديد
وكشفت مصادر بارزة أن «هوكشتين كان في كل محادثاته حريصاً على توضيح أن كلامه العلني لم يحمل أي تهديد»، مكرّراً أنه «سبق أن طرحت أفكاراً للحل، واليوم أعرض خطوات لتنفيذ الآلية في حال حصول هدنة في غزة». وهذه الخطوات، وفقَ ما تقول المصادر تقوم على: أولاً، التثبّت من وقف إطلاق النار، وثانياً تفعيل خطة نشر قوات كبيرة للجيش اللبناني في كل المنطقة الحدودية (من دون أن يحدد أي عمق)، وثالثاً الالتزام بعدم الظهور المسلّح لغير الجيش (لم يشر إلى انسحاب حزب الله من القرى الحدودية)».
وبحسب خطة أو «أفكار» هوكشتين، بعد إقرار هذه الخطوات، سيبدأ جولات تفاوضية لتسوية النزاعات على الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، وسيسعى إلى وجود ضمانات سياسية بعدم تكرار المواجهات على جانبَي الحدود.
وفي لقاءاته الأخرى، ناقش هوكشتين أفكاره مع الرئيس ميقاتي، وقال إنه سمع تصوّرات من رئيس الحكومة تخصّ مرحلة ما بعد توقف إطلاق النار، وإن ذلك سيساعده على وضع خطة تفصيلية في المرحلة اللاحقة. وفي الاجتماعات الأخرى، كان لافتاً عدم تورط هوكشتين في الحديث عن تنفيذ كامل وحرفي للقرار 1701. ونُقل عنه أن «الوقت حالياً لا يسمح بالحديث عن التطبيق الحرفي للقرار 1701، خصوصاً أن إسرائيل قد لا تلتزم بوقف الخروقات الجوية التي تعتبرها ضرورية لأمنها».
Ad
Unmute
البرجولات غير المباعة في المكسيك تكاد تكون مجانية! (فقط انظر)
البرجولات
غالانت: نلتزم بالحل السياسي
في زيارته لكيان الاحتلال أمس، ناقش الموفد الأميركي عاموس هوكشتين مع وزير الحرب يوآف غالانت «مسار التهدئة» الذي يسعى إليه بين حزب الله وإسرائيل. وأكّد غالانت أن «إسرائيل ملتزمة بالجهود السياسية للتوصل إلى اتفاق ينهي المواجهات الحدودية المتصاعدة مع حزب الله»، فيما حذّر من أن «عدوانية حزب الله تقرّبنا من نقطة الحسم بأنشطتنا العسكرية في لبنان» وذكر بيان صدر عن مكتب غالانت، أن «النقاش تناول التهديد المستمر الذي يشكله حزب الله، وضرورة تغيير الوضع الأمني من أجل إعادة النازحين الإسرائيليين بأمان إلى منازلهم في الشمال قرب الحدود مع لبنان». ولفت البيان إلى أن غالانت «أعرب عن التزام المؤسسة الأمنية بالعملية الجارية بقيادة هوكشتين للتوصل إلى تفاهمات، لكنه أكّد أن عدوان حزب الله يجرّ الأطراف إلى تصعيد خطير».
جونسون تقنع هوكشتين بمراضاة «الحلفاء»
لم تكن نتائج لقاء المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين مع النواب سامي الجميل وجورج عدوان وجورج عقيص والياس حنكش وميشال معوض على قدر ما كان يرتجيه هؤلاء. علماً أن الاجتماع عُقد بعد إلحاح من هؤلاء للقاء هوكشتين، وطلبات سابقة تعود إلى ما قبل اندلاع الحرب.
وعلمت «الأخبار» أن السفيرة الأميركية ليزا جونسون مارست ضغوطاً كبيرة لحثّ هوكشتين على لقاء نواب وشخصيات احتجوا على تجاهل المسؤولين الأميركيين الذين يزورون لبنان لهم، وخصوصاً هوكشتين الذي قالوا إنه «يستمع إلى وجهة نظر فريق واحد، ويتجاهل أن هناك صوتاً آخر يجب أن يُسمع». وقالت مصادر مطّلعة إن النائب ميشال معوض أجرى اتصالات بمسؤولين في الولايات المتحدة لهذا الغرض، مشيرة إلى أن السفيرة الأميركية السابقة في بيروت دوروثي شيا «كانت تعتبر أنْ لا داعي للقاءات معهم». وفي المعلومات أن النائب فؤاد مخزومي عبّر عن الاحتجاج لعدم دعوته إلى الاجتماع، رافضاً حجة أنه كان ممثّلاً من خلال حلفاء له.
وكشفت المصادر أن «هوكشتين كان صريحاً في القول لمن التقاهم بأنهم لا يملكون قراراً في ما يحصل في الجنوب»، لكنّه أكّد لهم أنه «يجب أن تواصلوا إطلاق تصريحات ترفض الحرب». وفي المعلومات «رفض هوكشتين الدخول في نقاش حول الانتخابات الرئاسية، لكنه أكّد على ضرورة انتخاب رئيس لأن الاستقرار السياسي ضروري لضمان أي اتفاق مقبل مع إسرائيل، والولايات المتحدة معنيّة بالوصول إلى تسوية»، كما عبّر عن استغرابه لرفضهم دعوة رئيس مجلس النواب إلى الحوار. واعتبرت المصادر أن زيارة هوكشتين حملت رسالة واضحة للفرنسيين بأنهم «خارج الملف اللبناني وأن الولايات المتحدة هي المعنيّة بكل الجوانب».
وفي اللقاء الذي جمع هوكشتين مع النائب السابق وليد جنبلاط، بناءً على طلب الأخير، استمع الموفد الأميركي إلى سيل من الأسئلة من جنبلاط الذي عبّر عن «القلق»، واستفسر حول مفاوضات القاهرة والسيناريوهات المفترضة في ما يتعلق بلبنان ورؤية الولايات المتحدة للمرحلة الراهنة.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية