جهاد بزي
الوجه الإعلامي السابق في “فوكس”، والذي نال الحد الأدنى من الأصوات في الكونغرس التي أمنت له العبور إلى البنتاغون، كان شريكاً أساسياً في فضيحة “سيغنال” التي كشفها رئيس تحرير مجلة “أتلانتيك” جيفري غولدبرغ حين أدخله مستشار الأمن القومي مايك والتز بالخطأ إلى مجموعة دردشة في التطبيق التجاري فيها، حرفياً، معظم كبار مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب يتداولون خطط قصف الحوثيين في اليمن التي نفذت في 15 آذار/مارس الفائت.
الدور الذي لعبه هيغسيث في الفضيحة كاد يغطي على خطيئة ضم صحافي إلى مجموعة من المفترض أن تكون بالغة السرية وتحت رقابة وقائية شديدة. فقبل ساعتين من الضربة، شارك هيغسيث بالتفصيل جدول أعمال القوات المسلحة الأميركية والمواقع والأشخاص المستهدفين ومواعيد تحرك المقاتلات الأميركية وحتى أنواعها. خطأ فادح من المفترض ألا يقع فيه كبير وكالة بحجم البنتاغون، حتى لو لم يملك أي خبرة عسكرية، وكان يفترض بهذا الخطأ أن يضع نهاية لمسيرته على رأس المؤسسة العسكرية، لكنه نجا منها، لغاية في نفس ترامب الداعم الأكبر لهيغسيث حتى اللحظة.
يُعدّ ترامب من أكبر داعمي هيغسيث. (ا ف ب)
يُعدّ ترامب من أكبر داعمي هيغسيث. (ا ف ب)
الأحد، خرجت “نيويورك تايمز” بحلقة ثانية من الفضيحة، هيغسيث بطلها المطلق والوحيد هذه المرة. الصحيفة نقلت عن أربعة أشخاص أغفلت أسماءهم أن وزير الدفاع كان قد شارك تزامناً مع المجموعة الأولى، تفاصيل الخطة نفسها في مجموعة دردشة ثانية في “سيغنال”، أسسها من قبل أن يعيّن وزيراً للدفاع وتضمّ، في من تضمّ، زوجته جينيفر وشقيقه فيل ومحاميه الشخصي تيم بارلاتور.
الشقيق والمحامي يعملان في البنتاغون، بينما جينيفر ليست موظفة أصلاً في الوزارة. وليس مفهوماً لماذا ينبغي على الثلاثة، والباقين في المجموعة التي تضم نحو دزينة من دائرته الشخصية والمهنية، الاطلاع على خطة بهذه السرية والخطورة في آن، قبل تنفيذها بساعتين، وعبر تطبيق تجاري وبواسطة هاتف الوزير الخاص وليس الحكومي.
بحسب “نيويورك تايمز”، فقد أنشأ هيغسيث المجموعة لمناقشة المعلومات الإدارية والجدولة الروتينية ولم يستخدمها للتحدث عن عمليات عسكرية حساسة، كما أنها لم تضم مسؤولين آخرين على مستوى وزراء غيره. غير أنها ضمت هؤلاء المسؤولين الثلاثة: رئيس موظفي البنتاغون جو كاسبر ونائبه دارين سيلنك ورئيس موظفي نائب وزير الدفاع كولين كارول.
يوم الجمعة الفائت، كشفت مجلة “بوليتيكو” أن كاسبر انتقل إلى منصب جديد في البنتاغون بينما تم فصل كل من سيلنك وكارول من الوزارة، إضافة إلى المستشار دان كالدويل.
في اليوم التالي، السبت، أصدر كل من سينلك وكارول وكالدويل بياناً مشتركاً عبروا فيه عن خيبتهم الكبيرة إزاء الطريقة التي انهيت فيها خدماتهم. واتهموا مسؤولين في البنتاغون بتشويه سمعتهم بالتهجم عليهم خلال مغادرتهم، مضيفين أنهم لا يعرفون ما هو التحقيق الذي خضعوا له، وما إذا كان التحقيق قائماً أصلاً، أو حتى ما إذا كان هناك تحقيق حول “التسريبات” من أساسه. وختموا بإعلان دعمهم لترامب ونائب الرئيس جي دي فانس في مهمتهما “جعل البنتاغون عظيماً مجدداً”.
تتالي الأحداث التي توّجت بسبق “نيويورك تايمز”، يدل على الفوضى العارمة في البنتاغون والتي كتب عنها في مقال رأي نشر في “بوليتيكو” الأحد المتحدث السابق في البنتاغون جون إليوت (استقال الأسبوع الفائت).
إليوت قال إن الفوضى دبت بعد فضيحة “سيغنال” التي جعلت هيغسيث يتبع نصيحة كارثية بنفي نشره خططاً حربية في مجموعة المحادثة الأولى، وتابع شارحاً أخطاء وزير الدفاع وأهمها أنه اصطحب زوجته إلى اجتماعين عسكريين مع جهات أجنبية نوقشت خلالهما قضايا حساسة.
إليوت الذي شدد على دعمه غير المشروط لترامب، اعتبر أن هيغسيث يشكل إلهاء للرئيس، متوقعاً المزيد من الفضائح والاستقالات والطرد هذا الأسبوع، وألا يبقى هيغسيث في منصبه.
ومع أن بقاء هيغسيث من عدمه يرتبط مباشرة بترامب الذي من المستحيل التنبؤ بقراراته، إلا أن الأسبوع الحالي سيستمر صعباً على الوزير الشاب الذي لا تنضب جعبته من المفاجآت الغريبة والتصريحات الأكثر غرابة، من اليوم الأول لدخوله المبنى العملاق ذي الأضلاع الخمسة.
أخبار سوريا الوطن١ ـالنهار