| أحمد حاج علي
تطور مهمّ سُجل أمس على خطّ الأزمة الروسية – الأوكرانية، مع دخول منظومة صواريخ «هيمارس» الأميركية ميدان الحرب، بعد قصف كييف منطقة خيرسون الخاضعة للسيطرة الروسية بها. تطوّرٌ ستكون له عواقب أكيدة على مسرح العمليات، وهو ما سيتطلّب من موسكو آليّة عمل جديدة لمواجهة خطر هذه الصواريخ، وخاصة مع الحديث الأوكراني عن أن مسار المعركة سيتغيّر مع بدء استخدامها
موسكو | بعد تسلّمها منظومة صواريخ «هيمارس» الأميركية من واشنطن، استخدمت أوكرانيا، أمس، لأول مرة، هذه المنظومة ضد مدينة نوفايا كاخوفكا في مقاطعة خيرسون جنوب أوكرانيا، والخاضعة للسيطرة الروسية. الضربة أوقعت سبعة قتلى، وأصابت أكثر من 60 شخصاً بجروح، وفق السلطات المحلية لمقاطعة خيرسون. ووصف رئيس الإدارة العسكرية والمدنية في نوفايا كاخوفكا، فلاديمير ليونتيف، تداعيات الهجوم بأنها تشبه أضرار انفجار مرفأ بيروت.
وسريعاً، روّجت المصادر الأوكرانية، ومِن خلفها الغربية، أن الدفاعات الجوية الروسية غير قادرة على صدّ صواريخ «هيمارس». لكن التدقيق في الأمر يوضح أن القوات الأوكرانية اعتمدت تكتيكاً هدف إلى إشغال منظومة الدفاع الروسية عبر إطلاق صليتَين من صواريخ «غراد» و«أوراغان» العشوائية، لتشتيت انتباهها قبل إطلاق صلية ثالثة من صواريخ «هيمارس»، وفق مصادر عسكرية روسية. إضافة إلى ذلك، فإن القوات الأوكرانية قادرة على توجيه منظومة «هيمارس» بواسطة الأقمار الصناعية الأميركية، ما يعني أن «المجزرة» التي وقعت في نوفايا كاخوفكا تقف خلفها بشكل مباشر القوات الأميركية. وفي هذا الإطار، أعلنت وكالة «نوفوستي» الروسية أنه قبل الضربة بثلاثة أيام، رصدت الأقمار الصناعية الأميركية، وتحديداً القمر «ورد فيو 2»، المنطقة المستهدفة وضواحيها.
«المجزرة» التي وقعت في نوفايا كاخوفكا تقف خلفها بشكل مباشر القوات الأميركية
يأتي ذلك فيما تواصل القيادة الأوكرانية تأكيد سعيها لاستعادة السيطرة على مقاطعة خيرسون، وهو ما فُسّر لدى الخبراء الروس على أنها محاولة لرفع الروح المعنوية للجيش الأوكراني بعد الانتكاسات الأخيرة على جبهات إقليم دونباس. وتشير مصادر مطلعة على تقارير قيادة الأركان الأوكرانية إلى أن عملية استعادة المناطق الجنوبية، وبالتحديد المناطق الواقعة ضمن مقاطعة خيرسون، هي «أمر غير واقعي». وتوضح المصادر أن سكان تلك المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية المباشرة، باتوا يعيشون مرحلة تطبيع أمورهم المعيشية، وإعادة تفعيل منظومات الإدارة المحلية وربطها بالإدارات الروسية الفدرالية المركزية. وتؤكد المصادر أن تقديرات هيئة الأركان الأوكرانية أنه في حال شنّت قواتها هجوماً مضاداً شاملاً واسع النطاق على خيرسون، فإن خسائرها ستكون كبيرة، إذ إن القوات الروسية تمتلك التفوق في الجو والبر. ومن هنا، يذهب محللون إلى أن تصريحات الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، حول استعادة خيرسون، تهدف إلى ابتزاز الغرب بهدف الحصول منه على أموال وإمدادات عسكرية إضافية، في ظلّ سريان حديث عن أن «الشركاء» الغربيين يشترطون عدم زجّ إمداداتهم ومساعداتهم العسكرية في الخطوط الأمامية للجبهات، خشية استيلاء القوات الروسية عليها. كذلك، فإن الجهات الغربية الحليفة لكييف باتت تخشى من بيع إمداداتها من السلاح في السوق السوداء العالمية.
حذّرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، من مخاطر مواجهةٍ بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها. وقالت زاخاروفا إن «واشنطن وحلفاءها، بعدما تسبّبوا في تفاقم الأزمة الأوكرانية، وأطلقوا العنان لمواجهة هجينة شرسة مع روسيا، يتأرجحون اليوم بشكل خطير على حافة مواجهة عسكرية مفتوحة مع بلادنا، وهو ما يعني صراعاً مسلحاً مباشراً للقوى النووية». وأعربت الناطقة عن قلقها من أن مثل هذا الصدام المحتمل سيكون محفوفاً بالتصعيد النووي.