آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » هيّا نحتطب لتأمين التدفئة!!

هيّا نحتطب لتأمين التدفئة!!

| علي عبود

 

قد يكون شعار وزارة الزراعة “هيا نزرع لمستقبل أخضر” للإحتفال بعيد الشجرة الواحد والسبعين، هو الأجمل مقارنة بالأعياد السابقة، لكنه قطعا هو بعيد جدا عن الواقع، وتناقضه القرارات الحكومية جذريا!

نعم، من المهم الإستمرار بحملات التشجير على مدار العام، وليس ليوم أو لعدة أشهر، ولكن الأكثر أهمية أن لاتتخذ الحكومة، أي حكومة، قرارات تُشجّع على قطع الأشجار، وأبرزها منع مازوت التدفئة عن ملايين السوريين!

ربّ الأسرة في الأرياف والجبال العالية، التي تستقبل موسم البرد في أيلول لن يساهم مع عائلته بحملة التشجير تنفيذا لشعار وزارة الزراعة: “هيا نزرع لمستقبل أخضر”، بل سيصرخ  بصوت عال مع صباح كل يوم قارس: هيا نحتطب لتأمين التدفئة!

أليس ملفتا ان وزارة الزراعة التي تُتقن إنجاز التقارير والمذكرات الحافلة بالأرقام لم تُقدّم أي تقرير رقمي لمجلس الوزراء، يتضمن بالتفصيل الممل حجم الخسائر التي تعرضت لها الغابات والحراج بفعل منع مازوت التدفئة عن ملايين الأسر السورية؟

وإذا كان القاطنون في المدن يضّطرون لشراء الحطب حسب الإمكانيات المادية لكل أسرة، فهل تتوقع الحكومة أن تتحمل العائلات البرد القارس والغابات والحراج على مرمى حجر منها؟

لو كانت وزارة الزراعة مهتمة جدا على المستقبل الأخضر لعملت بشكل جاد على إجتثاث  الأسباب التي تضّطر سكان الأرياف والجبال إلى قطع الأشجار لتأمين التدفئة في ليالي الشتاء الباردة، كأنّ توزع على الأسر في تلك المناطق الكميات الكافية من الحطب بأسعار مناسبة طالما تعجز عن تأمين المازوت لها عن طريق وزارة النفط!

ومن الإستخفاف جدا وصف سكان الجبال الذين يحتطبون من الحراج والغابات بالمعتدين، فهم يدافعون عن عائلاتهم ضد البرد والعواصف الثلجية بالوسيلة الوحيدة المتاحة له،وهي تأمين الحطب للتدفئة وقاية من المرض و..الموت!

وبما ان مازوت التدفئة لم يعد كافياً لأي عائلة في المدن، وبما أن الإحتطاب من الغابات غير متاح لها فإن تجار الحطب وجدوا نبعاً لاينضب لإمداد العائلات الساعية للحد الأدنى بآلاف الأطنان من أخشاب الغابات والحراج!

وبدلا من هدر الجهود على مكافحة تجار الحطب الذين يفتعلون الحرائق بالغابات ويعتدون عليها حتى نهارا إلى حد المواجهة المسلحة بوجه من يعترض على اعتداءاتهم الوحشية، لماذا لم تعالج وزارة الزراعة حتى الآن الأسباب، أي بتأمين حاجة السوق من حطب التدفئة سواء محليا أو استيرادا؟

المهرجانات والإحتفالات المركزية والفرعية من قبيل (فعلنا اللازم بعيدالشجرة ) ستبقى احتفالات رسمية بلا أي نتائج فعلية، والإعلان عن خطة لزراعة 4.5 ملايين شجرة خلال خمسة أو ستة أشهر لن تترجم شعار “هيا نزرع لمستقبل أخضر”، ونتحدى وزارة الزراعة أن تكشف لنا عدد الأشجار التي أعدمها تجار الحطب لاستخدامها في التدفئة!

من الجميل ان يعلن وزير الزراعة منح 5 غرسات حراجية لكل أسرة ترغب بزراعة الأشجار، لكن الأجمل لو قدّم معها أيضا طنا من الحطب لكل أسرة جبلية هي حاليا في أمس الحاجة لها للتدفئة، وهي الهدية، بل والحل المثالي والفعال كي تتوقف عن تنفيذ شعارها اليومي “هيا نحتطب لتأمين التدفئة”ّ!

ولو كانت الحكومات المتعاقبة مؤمنة فعلا بما قاله وزير الزراعة (بالأهمية الاقتصادية والسياحية للشجرة وضرورة الحفاظ على المناطق الحراجية من القطع الجائر والحرائق والرعي..) لما اتخذت أي قرارات تشجع على افتعال الحرائق في الغابات وإعدام ملايين الأشحار بهدف تأمين وقود التدفئة سواء في المدن أو الأرياف!

 

الخلاصة: لايمكن وقف الإعتداء على الغابات والحراج وترجمة شعار “هيا نزرع لمستقبل أخضر” إلا بتأمين وسائل التدفئة البديلة لسكان الأرياف والجبال، وبتأمين مازوت التدفئة أو الحطب النظامي لملايين العائلات في الحضر، ودون ذلك سيبقى أي كلام عن أهمية الشجرة البيئية والإقتصادية والسياحية والإجتماعية بالنسبة للتجار، ولكل من يواجه البرد القارس في الجبال.. هراء بهراء!!

(سيرياهوم نيوز3-خاص بالموقع)

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

آن الآوان لتعديل قانون الانتخابات؟

  علي عبود للمرة الأولى يفعلها مجلس الشعب ويقترح فقدان عضوية ثلاثة فائزين بالدور التشريعي الرابع لفقدانهم أحد شروط العضوية في المجلس، وهو حملهم لجنسية ...