آخر الأخبار
الرئيسية » السياحة و التاريخ » واحة الأحساء السعودية… قصة الحياة في قلب الصحراء!

واحة الأحساء السعودية… قصة الحياة في قلب الصحراء!

بيار حبيب

 

 

 

 

عند أطراف صحراء الدهناء، حيث لا شيء يقطع امتداد الرمال سوى الأفق البعيد، تظهر واحة خضراء مكسوة بأشجار النخيل الباسق، تمد أغصانها إلى السماء في تحدٍّ ساحر لحرارة الرمال ولهيب الشمس. إنها واحة الأحساء، واحدة من أعظم عجائب الطبيعة، وأكبر واحة نخيل في العالم، التي تحتضنها المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.

هنا، في هذا المكان الاستثنائي، تلتقي قوة الطبيعة مع إرادة الإنسان، لتُبدع هذه الواحة التي تضم ما يقارب الثلاثة ملايين نخلة، بأن تحول نفسها مركزاً للزراعة والإنتاج الزراعي. والأحساء ليست مجرد فردوس للنخيل، بل رمزٌ للترابط العميق بين الإنسان وأرضه، ووجهة سياحية ساحرة تروي قصة الحياة في قلب الصحراء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حنين لا ينتهي!

ترتبط واحة الأحساء بالسعوديين بعلاقة وجدانية ضاربة في الجذور، تتجاوز حدود الزمان والمكان. بين الرياض غرباً والدمام شرقاً، تتناثر هذه الواحة الخضراء كمشهد من قصيدة، تحتضن مزارع النخيل التي تثمر ما يزيد عن 200 ألف طن سنوياً من أجود أنواع التمور، والتي تشمل 127 صنفاً فريداً لتروي للعالم قصص الأصالة والتميز. في الأحساء، يمضي أكثر من مليون نسمة على خُطى الأجداد، يعملون في الزراعة والتجارة، محافظين على هوية متجذّرة في الأرض، وموروث ثقافي يتناقلونه جيلاً بعد جيل. إنها واحة لا تحتضن الخيرات الطبيعية فحسب، بل تسكنها روح لا تعرف الغياب، وحنين لا ينتهي.

 

 

 

جوهرة سعودية!

تتألق واحة الأحساء كإحدى أبهى الجواهر السياحية في المملكة العربية السعودية، وكموقع مميز على قائمة التراث العالمي لليونسكو، بما تقدمه من إرث حضاري وطبيعي قلّ نظيره. تستقبل زوارها بذراعي نخيلها المرفوعتين نحو السماء، وكأنها تحتفي بالإنسان الذي صمد في وجه القحط، وصاغ من الرمال جنة خضراء. والأحساء هي موطن لمعالم تاريخية ضاربة في القدم، وينابيع عذبة تنساب بين قنوات الري التقليدية، وكنوز تراثية، وحدائق تضج بالزهور والألوان. كما تحتوي على بحيرة الأصفر التي تزين قلب الصحراء بهدوئها الآسر، إلى جانب الحصون التاريخية، والمساجد العريقة. وقد نالت مكانة عالمية بدخولها موسوعة غينيس للأرقام القياسية باعتبارها أكبر واحة نخيل في العالم.

 

 

مهرجان تمور الأحساء!

تستقطب الأحساء خلال شهر كانون الثاني /يناير من كل عام، الآلاف الذين يتوافدون إليها لحضور مهرجان تمور الأحساء الذي هو أحد الفعاليات الزراعية والثقافية الرائدة في المملكة. تستقبل مدينة الأحساء هذا المهرجان الذي يستمر لفترة تمتد إلى أسبوعين. يتم عرض الأصناف المتنوعة من التمور الأحسائية، التي تختلف في الحجم والطعم واللون. يُعد “السكري” و”الخلاص” من أشهر أنواع التمور التي يتم تسويقها في هذا المهرجان الذي يشهد عروضاً فنية وثقافية مثل الرقصات الشعبية السعودية، والعروض المسرحية، وأمسيات الشعر التقليدي. وخلال أيام المهرجان، تقدم المأكولات الشعبية السعودية التي تعتمد على التمور كأحد المكونات الأساسية، شاملة طبق “المعصوب” والحلوى الأحسائية. بالإضافة إلى المشروبات التقليدية مثل دبس التمر.

 

منتجع صحي تحت ظلال النخيل!

وقعت مجموعة “إنسانا”، الرائدة في مجال إدارة المنتجعات والفنادق الصحية في أوروبا، شراكة استراتيجية مع شركة “ضيافة” السعودية، وبلدية الأحساء لتطوير منتجع صحي ضخم يضم 224 غرفة في عين نجم الواقعة في مدينة الهفوف التاريخية في المنطقة الشرقية. وعين نجم ليست مجرد عين ماء فقط، بل تحمل قيمة تاريخية كبيرة، إذ ارتبطت عبر الزمن بجمالها الطبيعي الذي يحمل في الوقت ذاته الخصائص العلاجية المتنوعة. وتشتهر العين بتدفق المياه الكبريتية فيها، والتي ما زالت حتى الآن أحد المقاصد السياحية والعلاجية من أمراض الروماتيزم والأمراض الجلدية وغيرهما. وتأتي هذه الخطوة المهمة التي أبصرت النور في أيار /مايو الفائت، لتأكيد مكانة الأحساء كوجهة رائدة للسياحة العلاجية والرفاهية الطبية في المملكة. ويمثل المشروع الذي سيعمل تحت علامة “إنسانا” التجارية، دمجاً بين الخبرة العالمية في مجال الرفاهية والتميز المحلي في الضيافة. وتقدم “إنسانا” إرثها في العلاجات الصحية المتكاملة، والعلاجات الطبية الرائدة، والوصول الدولي في التسويق. بينما تساهم شركة “ضيافة” للخدمات الفندقية بقدراتها التشغيلية العميقة، وتجربة الضيوف المتوافقة مع الثقافة المحلية، وحضورها الواسع في السوق السعودي. وتتماشى هذه المبادرة بشكل كبير مع رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز العرض السياحي العالمي للمملكة، وتعزيز التنمية المستدامة في المدن الثانوية، مدعومة من وزارة السياحة وبلدية الأحساء. ويهدف المنتجع إلى تقديم تجارب رفاهية تستند إلى كل من البرامج الصحية المتقدمة والتراث المحلي. وفي هذا الإطار عبر المهندس عصام المللا أمين أمانة الأحساء عن فخره بأن تقود بلدية الأحساء هذا المشروع التحويلي الذي يدمج التميز الدولي مع الطموح المحلي، من خلال تمكين الشراكات مع مشغلين عالميين مثل “إنسانا” و”ضيافة”. وأضاف: “نحن سعداء بخلق فرص اقتصادية جديدة لوضع الأحساء على خريطة السياحة العالمية. كما عبر الرئيس التنفيذي لمجموعة “إنسانا” فرانك هالموس عن سعادته للتوسع في منطقة الشرق الأوسط، وعن سروره كون عين نجم تقدم مزيجاً فريداً من العلاجات الصحية المستندة إلى الأدلة، فضلاً عن جمال الأحساء الطبيعي. واستطرد قائلاً: “ومع هذا المشروع الجديد، سنكون قد خلقنا وجهة لأولئك الذين يبحثون عن الشفاء والتعافي الشامل في بيئة أصيلة”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وأعرب المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “ضيافة” في السعودية حمد آل حمد عن سعادته بالمشروع، معتبراً أن المنتجع ليس مجرد احتفال بتراث الأحساء الغني، بل هو أيضاً خطوة إلى الأمام نحو تحقيق طموحات رؤية 2030 في إعادة تعريف الضيافة السعودية من خلال الابتكار والتعاون الدولي.

 

 

 

 

 

وجهات سياحية… لماذا؟

الخبز والمخبوزات أطعمة مغرية وجاذبة بطبيعتها، وهي مدخل لاكتشاف الثقافة المحلية. ولأنها متوفرة في مختلف المناطق، وسهلة التناول، وسعرها في متناول الجميع، فإنها تشكّل خياراً مثالياً للمسافرين، خاصة العائلات. كما أن تجربة تناول الخبز والمخبوزات تمنح شعوراً بالراحة النفسية، وتجربة مذاقية غالباً ما تنال الإعجاب، مما يجعلها وجبة مضمونة، ترضي مختلف الأذواق.

 

سياح كُثر يقطعون مسافات طويلة لزيارة مخبز معين وتذوق منتجه المميز. ويشهد هذا التوجه نمواً عالمياً، خصوصاً مع ارتفاع تقدير الناس للحرفية والجودة والطعم الأصيل. على سبيل المثال، قالت جيسيكا مورغان-هيليويل ووالدتها لويز من المملكة المتحدة في حديث لـ”بي بي سي” إنهما لا تمانعان السفر داخل بريطانيا وخارجها لاكتشاف مخابز جديدة، وتصوير تجاربهما ومشاركتها على وسائل التواصل. وأشارت جيسيكا إلى أنها قدت سيارتها مؤخراً لأكثر من ساعة فقط لشراء شطيرة! ويُعدّ سوق المخابز في المملكة المتحدة من أكبر الأسواق الغذائية، إذ تُقدَّر قيمته بـ5.74 مليارات جنيه إسترليني، بحسب اتحاد الخبازين المحلي.

 

في كوريا الجنوبية، ظهرت ظاهرة تُعرف باسم “bbangjisullae”، أي “حجّ الخبز”، حيث يسافر الناس مسافات طويلة لزيارة مخابز مشهورة وتجربة منتجاتها الفريدة.

 

مهرجانات وجولات تفاعلية

السياح أيضاً يظهرون اهتماماً متزايداً بالمخبوزات اليدوية الصنع، التي تجمع بين الذوق الحرفي، والتصميم الإبداعي، والنكهات الفريدة. واستجابة لهذا الاهتمام، تنظم دول عديدة مهرجانات خاصة بالمخبوزات، أبرزها مهرجان المخبوزات العالمي الذي يُقام في مدينة ليون الفرنسية كل عامين منذ عام 1989، والذي فازت فيه اليابان في نسخته الأخيرة.

 

كما تُنظم جولات إرشادية لتعليم الزوار مراحل صناعة الخبز، وورش عمل تفاعلية لتعلّم تقنيات العجن، والتخمير، والتشكيل، كفن تراثي ووصفة تقليدية تستحق الحفاظ.

 

وفي بعض البلدان، تحوّلت المخابز ذات الطابع الفريد إلى وجهات بحد ذاتها، يقف الناس في طوابير أمامها، كما هو الحال مع الباستيل دي ناتا البرتغالية، التي تجذب الزوار من شتى أنحاء العالم. وتشكّل المخبوزات المحلية، بتقنياتها التقليدية، ونكهاتها غير القابلة للاستنساخ، دافعاً أساسياً لعشاق الخبز لخوض مغامرات تذوق لا تُنسى.

 

ونظراً لقيمتها التراثية والثقافية، أُدرجت بعض المخبوزات الشهيرة على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، مثل خبز الباغيت الفرنسي والمنقوشة اللبنانية.

 

بعض الدول ذهبت أبعد من ذلك، وأسست متاحف للخبز كوسيلة جذب سياحي وثقافي، مثل متحف الخبز في أولم بألمانيا، ومتحف الخبز في بورغوندي بفرنسا، والتي توفّر تجارب تفاعلية شبيهة بجولات النبيذ، تشمل مراحل التصنيع ومحطات للتذوق.

 

أشهر وجهات سياحة المخبوزات في العالم

فرنسا (باريس): عاصمة الحلويات العالمية، تشتهر بالكرواسون، خبز الشوكولاتة، والإكلير، والباغيت.

إيطاليا (نابولي): مهد البيتزا التقليدية.

النمسا: موطن الحلويات الفييناوية مثل فطيرة التفاح.

الدانمارك: تشتهر بـ Spandauer، أو المعجنات الحلوة متعددة الطبقات.

إسبانيا: وجهة مثالية لتذوق Churro.

ألمانيا: عاصمة الخبز العالمي بأكثر من 3000 نوع مُعترف به، وعلى رأسها خبز الجادوار.

تركيا: مشهورة بالبوريك والسيميت.

المملكة المتحدة: تراثها غني بالفطائر والكعك الإنجليزي.

السويد: موطن كعكة “كانيلبولار” بالقرفة.

كندا: تشتهر بخبز “البايغل”.

الولايات المتحدة (شيكاغو تحديداً): موطن كعكات البراونيز الأصيلة.

 

أخبار سوريا الوطن١-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الهنود الحمر… «ترسانة» أميركا الدموية

  علي سرور   «توماهوك»، و«أباتشي»، و«بلاك هوك»، و«شينوك»، و«لاكوتا»… جميع هذه المعدّات العسكرية تشير إلى قبائل من شعوب أميركا الأصلية أبادتها الآلة العسكرية الأميركية ...