زعم متحدث الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، أن إسرائيل وحدها من يمكنها “محاسبة أو قتل قادة حماس”، وأن فلسطين يمكنها اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية عندما تصبح دولة مستقلة، أما الآن فليس أمامها سوى “عدالة المحاكم الإسرائيلية”.
جاء ذلك في إحاطة صحفية من مقر الوزارة، الاثنين، ردا على سؤال حول موقف واشنطن من توجه المحكمة الجنائية الدولية نحو إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين وقادة من حركة حماس.
وقال ميلر: “نحن بالتأكيد نعتقد أنه ينبغي محاسبة حماس، إما أن يكون هذا بواسطة مواصلة الحرب أو من خلال قتلهم، أو تقديمهم للعدالة في محكمة إسرائيلية”.
وتابع: “لا نعتقد أن المحكمة الجنائية الدولية لديها ولاية قضائية على أي من الطرفين في هذه القضية، لأن الشعب الفلسطيني لا تمثلهم دولة، وهذا يتضمن قادة حماس”.
ولدى سؤاله عن محاسبة الولايات المتحدة لإسرائيل إزاء انتهاكاتها للقوانين الدولية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال ميلر: “فيما يتعلق بجرائم الحرب، لدى إسرائيل عدد من التحقيقات المفتوحة، بما في ذلك تحقيقات أصبحت جنائية في سلوك أفراد الجيش الإسرائيلي”.
وأكمل: “هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الحكم على ما إذا كان شخص قد ارتكب جريمة حرب بشكل يمثل انتهاكًا لقواعد سلوك الجيش الإسرائيلي”.
وذكر ميلر أن “المحكمة الجنائية الدولية أنشئت لتكون الملاذ الأخير في حال لم تحاسب دولة ما نفسها وموظفيها، وليس في منتصف العملية كما فعلت هنا (محاسبة إسرائيل وحماس)”.
وأردف: “مع ذلك، نعتقد أنه ينبغي إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وستكون الدولة الفلسطينية المستقلة قادرة على الانضمام إلى نظام روما الأساسي، وتصبح عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، فهذا من حق كل دولة في العالم”.
وفي إجابته على سؤال حول إلى أين يذهب الفلسطينيون حاليا في ظل عدم وجود دولة فلسطينية مستقلة، كرر ميلر زعمه بأن “لدى إسرائيل تحقيقها الخاص”، وتحدث عن “آليات للمساءلة ضمن عملية مستمرة للنظر في مدى امتثال إسرائيل للقانون الإنساني الدولي”.
والاثنين، أعلن المدعي العام للجنائية الدولية كريم خان سعيه لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت و3 من قادة حركة حماس، بتهم ارتكاب “جرائم حرب”.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اليوم الثلاثاء إن الإدارة الأمريكية يسعدها العمل مع الكونجرس على صياغة رد مناسب على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي يسعى لإصدار مذكرتي اعتقال بحق اثنين من قادة إسرائيل بشأن حرب غزة.
ووصف بلينكن في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ هذا التحرك بأنه قرار “خاطئ للغاية” من شأنه أن يعقد احتمالات التوصل إلى اتفاق لتحرير الرهائن ووقف إطلاق النار في الصراع الدائر بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أمس الاثنين إن لديه أسبابا معقولة للاعتقاد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت وثلاثة من قادة حماس “يتحملون المسؤولية الجنائية” عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وانتقدت الولايات المتحدة بشدة إعلان خان، وقالت إن المحكمة ليست مختصة بالنظر في مسألة الصراع بغزة وأثارت مخاوف بشأن سير العملية.
والولايات المتحدة ليست عضوا في المحكمة، لكنها أيدت محاكمات سابقة من بينها اتخاذ المحكمة قرارا العام الماضي بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقال بلينكن اليوم الثلاثاء “يسعدنا العمل مع الكونجرس، مع هذه اللجنة، للتوصل إلى رد مناسب” على تحرك المحكمة الجنائية الدولية.
ولم يذكر ما الذي قد يتضمنه الرد على تحرك المحكمة.
وهدد الأعضاء الجمهوريون في الكونجرس بإصدار تشريع لفرض عقوبات على المحكمة، لكنه لا يمكن أن يصبح قانونا بدون دعم الرئيس جو بايدن والديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ.
واتهمت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب المحكمة في عام 2020 بانتهاك السيادة الوطنية للولايات المتحدة عندما سمحت بالتحقيق في جرائم حرب ارتكبت في أفغانستان. واستهدفت الولايات المتحدة أعضاء المحكمة، ومن بينهم المدعية العامة آنذاك فاتو بنسودا، بتجميد الأصول وحظر السفر.
يتزامن ذلك مع عملية عسكرية بدأها الجيش الإسرائيلي بمدينة رفح في 6 مايو/ أيار الجاري، متجاهلا تحذيرات إقليمية ودولية، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح بالمدينة، دفعهم الجيش إليها بزعم أنها “آمنة” قبل أن يشن عليها لاحقا غارات متواصلة.
وبموازاة الحرب المدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، صعد المستوطنون والجيش الإسرائيلي اعتداءاتهم بالضفة، ما أدى إلى استشهاد 513 فلسطينيا وإصابة نحو 5 آلاف، واعتقال 8 آلاف و800 آخرين، وفق معطيات رسمية.
فيما خلفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 115 ألفا بين شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب على غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، ورغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم