خلافًا للأنباء التي تمّ تداولها في الأيّام الأخيرة في إسرائيل حول تسجيلٍ صوتيٍّ للرئيس الأمريكيّ جو بايدن بأنّ الاتفاق النوويّ مع إيران (مات)، خرجت اليوم الثلاثاء محافل أمنيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب لتؤكّد أنّ واشنطن بصدد العودة إلى المفاوضات مع إيران لإبرام الاتفاق النوويّ وذلك خلال الأشهر القليلة القادمة، وفق ما أكّدته المحافل لصحيفة (هآرتس) العبريّة.
وتابعت المصادر قائلةً إنّ المستوى الأمنيّ والعسكريّ في الولايات المُتحدّة يؤيّد التوجه نحو التوقيع على الاتفاق النوويّ مع إيران، وأنّ العائق الحالي لإحداث اختراقٍ في الجمود يعود إلى الدعم الإيرانيّ لروسيا في حربها ضدّ أوكرانيا.
وعبّرت المصادر الإسرائيليّة عن خشيتها من تسارع البرنامج النوويّ الإيرانيّ، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّ تل أبيب تخشى من قيام طهران بتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، ومُضيفةً أنّ توسيع النشاط الإيرانيّ في العراق يهدف أيضًا إلى التدّخل في الأردن، الذي يمرّ في أزمةٍ صعبةٍ، وأنّ طهران بدأت عمليًا بخطواتٍ على الأرض للتدخل في المملكة الهاشميّة.
علاوة على ذلك، أقّر بحسب المصادر عينها، كبار القادة الإسرائيليين في المؤسسة الأمنيّة بأنّ انسحاب واشنطن عام 2018 من الاتفاق النوويّ مع إيران، بتشجيعٍ من إسرائيل، كان خطأً إستراتيجيًا، إذْ أنّ واشنطن وتل أبيب لم تطرحا خطّة بديلةً، كما تبينّ أنّ تعويلهما على إسقاط النظام الإيرانيّ عن طريق العقوبات الاقتصاديّة لم يكُنْ صحيحًا بالمرّة.
وطبقًا للصحيفة العبريّة فإنّ المصادر الإسرائيليّة الرفيعة أقرّت أنّه إلى جانب التهديد النوويّ الإيرانيّ، فإنّ تل أبيب منزعجة جدًا من رفض الولايات المُتحدّة الأمريكيّة التدّخل العسكريّ ضدّ التمركز الإيرانيّ في الشرق الأوسط.
في سياقٍ متصلٍ، قال مسؤولون إسرائيليون “إنّ روسيا وإيران ستوقعان خلال الأيام المقبلة اتفاقًا لبيع مئات الطائرات بدون طيار الهجومية المصنعة في إيران لاستخدامها في الحرب الأوكرانية”.
وفي هذا السياق أشار المحلل العسكريّ يوآف ليمور في صحيفة (إسرائيل هيوم) إلى أنّه “خلال الصيف الماضي وقع البلدان على الصفقة الأولى، التي تمّ بموجبها بيع مئات من الطائرات الإيرانية بدون طيار لروسيا والتي استخدمت لمهاجمة أهداف في أوكرانيا”، وفق قوله.
وبحسب مصادر إسرائيلية، فإنّ “روسيا فضّلت دفع المبلغ بأكمله على صفقات مقايضة كانت ستربطها بالتزامات واسعة مع إيران”.
وأردف المحلل قائلاً: “هناك قلق في إسرائيل من المقابل الذي ستحصل عليه إيران من روسيا كجزء من المساعدة لحربها في أوكرانيا”، وفي هذا السياق هناك عدة مواقف في المؤسسة الأمنية منها الموقف الراديكالي الذي يقوده “الموساد” (وتؤيده مصادر مختلفة في شعبة الاستخبارات) وهو يعتقد أنّ التعاون العميق بين الدول سيؤثر على أمن إسرائيل، على حد تعبيره.
وشدّدّ ليمور على أنّ “المخاوف الأساسية في هذا الصدد هي من احتمال نقل صواريخ فرط صوتية في المستقبل (تصل سرعتها لخمسة أضعاف سرعة الصوت) من روسيا إلى إيران، ومساعدة جهود إيران في ترسيخ وجودها في سوريّة، مع إمكانية الحد من نشاطات سلاح الجو الإسرائيليّ في الساحة الشمالية” حسب قوله.
أمّا الموقف الأكثر اعتدالًا في الكيان، والذي تقوده شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيليّ فهو يعتبر أنّ روسيا تتعاون بالفعل مع إيران ولكن من خلال “صفقات فقط”، وبحسب هذا الرأي فقد نقلت موسكو إلى طهران وسائل قتالية أمريكية استولت عليها، وهي تعتزم أيضًا تسليم إيران طائرات “سوخوي-35” المتطورة، لكنها تتجنب إعطاء إيران هيمنة مفرطة في المنطقة حسب ادعائهم.
وأوضح المحلل، نقلاً عن مصادره الرفيعة بالمؤسسة الأمنيّة، أنّ الاستخبارات العسكريّة تعتقد بأنّ “موسكو لن تحيد عن سياستها في معارضة امتلاك إيران للأسلحة النووية، وستُركِّز معظم تعاملاتها معها على المجالات التجارية والاقتصادية، وذلك من جملة الأمور لتجنب مواجهة أخرى مع الولايات المتحدة والغرب”، وفق قولهم.
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم