سميح صعب
مرّ شهر على اتفاق وقف النار في غزة. ويتعرض الاتفاق لانتهاكات يومية من الجانب الإسرائيلي، وقد اجتاز أخطر اختبارين في 19 تشرين الأول/أكتوبر و29 منه، لكن الرقابة اللصيقة التي تفرضها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الأحداث حالت دون انهيار الاتفاق بالكامل أو استئناف الحرب على نحو شامل.
يُعدّ الاتفاق جزءاً من المرحلة الأولى من الخطة الأميركية التي تتضمن مراحل عدّة صيغت بعبارات ضبابية، يحتاج تنفيذ الواحدة منها إلى الكثير من الجهود، حتى يمكن الانتقال إلى “اليوم التالي” للحرب. وتشرك واشنطن مصر وقطر وتركيا، وهي الدول الموقّعة على وثيقة وقف الحرب في شرم الشيخ، في هذه الجهود.
وتحوّلت الخطة الأميركية إلى ركيزة أساسية في سياسة ترامب في الشرق الأوسط، على اعتبار أن غزة لن تكون سوى المنطلق إلى اتفاقات إقليمية أوسع. وهذا أحد أسباب المواكبة الديبلوماسية والعسكرية الحثيثة لوقف النار والحرص على عدم انهياره.
ويضطلع “مركز التنسيق المدني-العسكري” الأميركي في كريات غات جنوب إسرائيل بالدور الأساسي في مراقبة وقف النار، وقد بات يضمّ الآن 40 ممثلاً لدول ومنظمات دولية.
وتعزيزاً لهذا الدور، أعلن المركز السبت أنه سيشرف على إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بعدما تزايدت شكاوى منظمات الإغاثة من تعمّد إسرائيل تقنين هذه المساعدات، ربطاً باستكمال “حماس” الإفراج عمّا تبقّى من جثث عائدة لأسرى إسرائيليين.
إدخال المساعدات إلى غزة بكميات تلبّي حاجات 2.1 مليون فلسطيني هو في صلب خطة ترامب، وتولّي الجانب الأميركي هذه المهمة يُفترض أن يؤدي إلى زيادة في أعداد الشاحنات التي يُسمح لها بدخول القطاع، بينما يبقى المحك على الصعيد الإنساني هو أن يفضي الضغط الأميركي إلى فتح معبر رفح بين غزة ومصر.
كذلك، دخلت واشنطن على خط البحث عن حلّ لمسألة مئات من مقاتلي “حماس” الذين لا يزالون في أنفاق خلف “الخط الأصفر” الذي انسحبت إليه إسرائيل عقب دخول وقف النار حيّز التنفيذ. وكما بات معروفاً، لا تمانع أميركا انسحاب هؤلاء بطريقة ما إلى مناطق سيطرة الحركة.
وهناك ترقّب لاختراق ما، عقب أنباء عن عثور “حماس” على جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن في أحد أنفاق رفح. وسبق لرئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال إيال زامير أن اقترح تأمين ممرّ آمن لخروج مقاتلي “حماس” من الأنفاق في مقابل استعادة جثة غولدن.
الافتراض هنا أن واشنطن ليست بعيدة من هذه العملية، على رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والوزراء من اليمين المتطرّف يرفضون هذا الاقتراح ويصرّون على استسلام المقاتلين أو قتلهم.
وبالتزامن مع التحصين الميداني لوقف النار، تحثّ واشنطن الخطى نحو تشكيل قوة الاستقرار الدولية الموقتة، لتكون جاهزة من الآن حتى مطلع العام، بتفويض من مجلس الأمن.
وكي لا تبقى خطة غزة من دون روافد إقليمية، يستقبل ترامب الرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض اليوم، مع توقّعات بأن يشكّل الاجتماع دفعة قوية للاتفاق الأمني السوري – الإسرائيلي، مقدّمة لانضمام سوريا إلى الاتفاقات الإبراهيمية في وقت لاحق.
وفي توقيت له دلالاته، أعلنت كازاخستان قبل أيام انضمامها إلى هذه الاتفاقات التي يعتبرها ترامب أحد أهم إنجازاته في الشرق الأوسط.
ولا ينفصل عن هذه السياقات الضغط الأميركي على لبنان للمضيّ نحو مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وتنفيذ قرار “حصرية السلاح”.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
