هدّدت الولايات المتحدة الأميركية بالتخلي عن وساطتها بين روسيا وأوكرانيا، بعد تعثّر الجهود الأميركية لوضع حدّ للحرب الدائرة بين الطرفين منذ ما يقارب الثلاث سنوات.
وغزت روسيا أوكرانيا عام 2022 ووضعت شروطاً على أي وقف محتمل لإطلاق النار.
وتعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مراراً، خلال حملته الانتخابية، بأن يُنهي حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة، منتقدا في الوقت ذاته حجم المساعدات التي تضُخّها الولايات المتحدة في تلك الحرب لدعم كييف.
إلاّ أنه أقرّ لاحقاً بأنه كان “ساخرا بعض الشيء” عندما قال إنه سيتمكن من حل الحرب بين روسيا وأوكرانيا في غضون 24 ساعة، حتى قبل توليه منصبه.
وفي وقت سابق، توقّع المراقبون بأن يُجبر ترامب كييف على التفاوض مع روسيا في ظل ظروف مؤاتية لموسكو، ما يسمح لروسيا بالاحتفاظ بمكاسبها العسكرية في أوكرانيا، بعد أن يقلص أو يوقف تماما الدعم المالي والعسكري الذي تحصل عليه كييف للاستمرار في مواجهة الجيش الروسي.
إلاّ أن تصريحات ترامب أثارت التساؤلات حول مدى قدرته على التأثير في الأزمة الأوكرانية، خاصة مع استمرار المعارك وسعي الإدارة الأميركية لإيجاد حلول دبلوماسية تنهي النزاع المستمر.
وفي تطوّرٍ مفاجئ بشأن الملف الأوكراني، حذر ترامب من أن الولايات المتحدة ستتخلى عن التوسط في مزيد من المحادثات بشأن الحرب بين أوكرانيا وروسيا، إذا “صعّبت” موسكو أو كييف مسألة التوصل إلى اتفاق سلام.
وأشار لصحافيين في المكتب البيضوي، الى أنه لا يتوقع التوصل إلى هدنة خلال عدد محدد من الأيام، لكنه يريد أن يتم ذلك بسرعة.
تصريحات ترامب جاءت بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من أن الولايات المتحدة ستنسحب من المحادثات إذا لم يتضح أن إحلال السلام بين البلدين ممكن.
وقال روبيو: “لن نستمر في هذا المسعى لأسابيع وأشهر متواصلة”، مضيفاً أن لدى الولايات المتحدة “أولويات أخرى للتركيز عليها”.
فهل باتت الوساطة الأميركية لحل النزاع في أوكرانيا مهددة بالفشل؟
في هذا الإطار، يقول أستاذ العلاقات الدولية خطار أبو دياب في حديث لـ”النهار”: “روبيو هو وزير خارجية رسمي ولكن من يتولّى الملفات المبعوث لكل الأزمات، صديق ترامب، ستيف ويتكوف”.
ويضيف: “ترامب كان قد عيّن مندوباً خاصاً لأوكرانيا اسمه الجنرال كيث كيلوغ ولكن نتيجة رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستقباله عاد وأرسل ويتكوف. إذاً كلام روبيو مهمّ ولكنّه ليس القول الفصل في الولايات المتحدة”.
ويؤكّد أن “القول الفصل هو لترامب والتنفيذ لويتكوف ولكن في مطلق الأحوال الملاحظة جديرة بالإهتمام لأن ترامب بشّرنا منذ حملته الإنتخابية بأنه سينهي هذا الملف بسرعة، ولكن يتبيّن بوضوح الآن أن هذا الملف معقّد وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس مستعداً لأي تسوية لا تراعي تفكيره الإستراتيجي أو طموحاته في المسألة الأوكرانية”.
ويتابع أبو دياب: “ولذلك ما هو الخيار الآخر، بالطبع ليس الحرب إنما العودة للعقوبات. ففي النهاية هناك إمكانية لدى الولايات المتحدة لتشديد العقوبات، ويمكن في مرحلة لاحقة أن يعود ترامب لدعم أوكرانيا بشكل أكبر خاصةً أنه من المنتظر أن يوقّع قريباً ما يسمى باتفاق المعادن النادرة بين أوكرانيا والولايات المتحدة الأميركية”.
ويرى أن “هذا يمنح الولايات المتحدة أيضاً نوعاً من رافعة تستند إليها في القول لروسيا بأنها يمكن أن تبدّل هذا الخيار في الرهان الكامل على التسوية”.
ويبقى السؤال هل تتخلّى الولايات المتحدة عن الوساطة في الملف الاوكراني؟، وفقاً لأبو دياب “من غير الوارد ذلك رغم الصعوبات التي تواجه الملفات الثلاثة المكلّف بها ويتكوف (غزة وأوكرانيا وإيران)”، مضيفاً: “واشنطن لن تدع أياً من هذه الملفات الثلاثة. الولايات المتحدة الإمبرطورية العالمية أو القوة العظمى في العالم ولن تتخلى عن هذا الملف”.
وعن الخطوات الأخرى التي قد تلجأ إليها واشنطن بهذا الملف، يلفت أبو دياب الى أنه “بالإمكان تعديل الأولويات أو الخيارات ولكن ليس من الوارد التخلي عن أي من هذه الملفات”، معتبراً أن “وصول إدارة ترامب الى نجاح ما ليس بهذه السهولة”.
يذكر أن الرئيس الأميركي دخل في محادثات، عبر الهاتف، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شباط/فبراير الماضي لحوالي ساعة ونصف، وصفها ترامب بأنها كانت “مثمرة للغاية”. ثم تحدث الزعيمان مجدداً في 18 آذار/مارس الحالي.
غير أن هذه المحادثات فشلت في تأمين وقف إطلاق نار مؤقت فوري لمدة 30 يوماً، وفقاً لما كان يريده ترامب.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار