تحدّث محلل الشؤون العسكرية في موقع “والاه” الإسرائيلي، أمير بوحبوط، في تقرير نشره مؤخراً، عن فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في عملياته السابقة، ومنها “الجرف الصلب” في شمالي قطاع غزة، وأرجع السبب إلى استخدامه معدات وآليات قديمة للغاية، بالكاد تتحرك وتتسع لعدد من الجنود، وعمرها أكثر من 60 عاماً. وكمثال، تحدّث عن عملية عسكرية لجيش الاحتلال تمت بعربات من طراز M-113، وربط ذلك بمجريات المعارك التي تحدث اليوم بين الجيشين الروسي والأوكراني، ليتوصل إلى فكرة مفادها ضرورة ردم نقاط الضعف في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليتمكن من خوض معارك على الأرض في المنطقة.
قال محلل الشؤون العسكرية في موقع “والاه” الإسرائيلي، أمير بوحبوط، مشيراً إلى الآليات القديمة التي كانت في حوزة جيش الاحتلال: “هذه هي خلاصة قضية فشل الآلية القتالية المدرَّعة (ناقلة جند مصفحة) في الجيش الإسرائيلي لأكثر من عقدين. فجوة كبيرة جداً بين ما يجب أن تمتلكه القوات المناورة في سيناريو الحرب في عدة جبهات، وما يحدث فعلاً على الأرض”.
وأضاف “لقد تحول الجيش الإسرائيلي إلى منظمة تسعى جاهدة لتكون ذات تقنية عالية ومتطورة ومبدعة، لكنها في الواقع تخلق ثُغَراً لا يمكن سدها، وعلى الأقل ليس في العقد المقبل”.
وتابع: “ووفقاً لكبار ضباط الجيش الإسرائيلي، الذين تقاعدوا مؤخراً، كانت عملية الجرف الصلب بمثابة دعوة إلى الاستيقاظ. لكن، بدلاً من تعزيز القدرة على المناورة الأرضية عبر ناقلات الجنود المدرَّعة الإضافية، بمعدل إنتاج أعلى واستعادة الثقة بالمناورة وقادتها، فضّلوا استثمار الأموال في منظومات التكنولوجيا والاستخبارات”.
وأضاف “وعادت مناقشة ثقة الجيش الإسرائيلي بالمناورة البرية والثُّغَر التي نشأت، ليس فقط لأن القادة الميدانيين ينتقدون في مختلف المنتديات، بمن في ذلك رئيس الأركان الفريق أفيف كوخافي، الفجوات التي نشأت في الذراع البرية، والتي لا تتطابق مع الخطط العملياتية للحرب في عدة جبهات، لكن أيضاً بسبب القتال في أوكرانيا”.
وتابع “أثارت مقاطع الفيديو، التي توثّق الاجتياح الروسي، قلقاً كبيراً وعلامات استفهام كثيرة لدى الجيش الإسرائيلي. ويرجع ذلك أساساً إلى استخدام آليات مدرعة عفا عليها الزمن، وقوات غير مدربة تعاني مشاكل في القيادة والسيطرة وصعوبات لوجستية”.
وقال ضابط احتياطي كبير في منتدى مغلَق عُقد في ذراع البر: “هذه أسئلة طرحها الجميع في ذراع البر، قبيل المناورة الأوكرانية التي من المفترض أن تختبر كفاءة الجيش في عدة مخططات قتالية، على مدى شهر كامل”.
تابع “من يستطيع القول اليوم، بصورة دقيقة، ما الذي سيحدث في حال تم فتح مخازن الطوارئ وإخراج الدبابات وناقلات الجند المدرّعة، من أجل المناورة في عمق الأراضي اللبنانية، بالتوازي مع قتال في قطاع غزة؟ أقدّر أنه لن يكون هناك ما يكفي من الآليات المؤهلة والمحمية”.
وقال أحد كبار الضباط في منتدى الأركان العامة للجيش الإسرائيلي مؤخراً، إنه لم يكن عبثاً طلب رئيس قسم التكنولوجيا واللوجستيات في الجيش الإسرائيلي، اللواء ميشيل جانكو، بشأن تأجيل عمليات التفتيش في مخازن الطوارئ، لأن الوضع معقَّد أكثر مما اعتقدوا.
وقال اللواء إسحاق بريك، الذي خاض ثلاث حروب، في مقابلة مع موقع “والاه” هذا الأسبوع: “بمجرد أن يقرر الجيش الإسرائيلي إدخال القوات في مناورة في لبنان، فلن يكون لديك آلية قتالية مدرَّعة كافية للساحة السورية، ولا ضد حماس في قطاع غزة، ولا ضد انتفاضة ثالثة وأعمال شغب داخل البلاد”.
“وأنا لم أتحدث عن الجبهة المصرية، الجيش صغير جداً، ولن يكون لديك القدرة على الهجوم في ساحة واحدة، والدفاع في ساحات أخرى. التقليص في الدبابات وناقلات الجنود المدرعة هو سخافة لم تكن أبداً. ليس لدينا القدرة على القتال في عدة ساحات في الوقت نفسه، ولا حتى في الدفاع”.
“تخيَّلْ أن السوريين يعودون إلى أنفسهم برعاية روسية (ناقلات جند مدرعة ودبابات)، وبدأوا التقدم إلى الحدود الإسرائيلية. وماذا عن 10.000 مقاتل من كوماندوس “حزب الله”، والذين سيشرعون في الزحف نحو الحدود الإسرائيلية؟ ماذا سيحدث عندما يتعين على جنود الجيش الاحتفاظ بقوات كبيرة أمام الآلاف من مسلّحي فتح في يهودا والسامرة، وهم يطلقون النار في جميع الاتجاهات؟”.
“ماذا عن 6000 مقاتل من حماس في غزة يركضون نحو السياج الحدودي؟ وماذا عن دخول القوات لقلب إسرائيل عندما تكون هناك أعمال شغب؟ وفق ترتيب القوات التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي (في عالم ناقلات الجند المدرعة)، فهو غير قادر على الدفاع عما هو موجود. خذ هذا، وأضف ما هو موجود في مخازن الطوارئ. هو غير مؤهَّل، والقوات الموجودة في الاحتياط ليست مدربة حقاً. هناك مشكلة، مفادها أن حجم القوات القائم ليس مؤهلاً للحرب”.
سبب التوثيق في أوكرانيا للواء في الاحتياط بريك، ضابط المدرَّعات المخضرم، هو عدم الارتياح وهو يشاهد مقالات بشأن ما يحدث في أوكرانيا، فـ”الخدمات اللوجستية للقوات البرية في الجيش الروسي، والتي اجتاحت أوكرانيا، في حالة متداعية. الجنود الروس في حاجة إلى نقل الوقود وقطع الغيار على طول الطرقات ويعلقون. هم مكشوفون أمام التعرض لنيران جانبية والإصابة. صحيح أن الجيش الروسي جيش كبير، إلا أنه لم يذهب إلى جذور التدريب والكفاءة في كثير من المكوّنات، وسلوكه لا يتماشى مع رجال المدرعات”.
وتابع بريك: “قللوا حجم القوات على الرغم من أنني قلت إن الدبابات القديمة، التي تم تقليصها في الأعوام الأخيرة، تفتقر إلى الدفاع. في الوقوف أمام عدو مهاجم، هي فعّالة أكثر من سرايا المشاة في مواجهة من يطلق النار من أسلحة رشاشة لمدى 3 كلم. لذلك، كان لا بد من دمجها في الدفاع”.
“أمّا بالنسبة إلى الدبّابات الجديدة وناقلات الجنود المدرَّعة الجديدة، فيجب تخصيصها للهجوم، لكنها تتراكم ببطء شديد. لذلك، في الواقع، تم تقليص الدبابات القديمة بالكامل تقريباً، ولا أحد يقوم بإشراكها في عمليات تدريب، والجديد لا يبنونه”.
ووفق كلامه، تجري الآن عملية تغيير في أوروبا: “انظرْ إلى ما يحدث في روسيا في مقابل حلف شمال الأطلسي. صحيح أن التكنولوجيا شيء مهم، لكن التكنولوجيا لا تكسب الحروب. قالوا في الناتو إن لا حاجة إلى جيوش برية كبيرة، ولدينا ما يكفي من الطائرات والصواريخ والتكنولوجيا. اليوم، يقفون عاجزين أمام الدب الروسي. ليس لديهم القدرة على منعه إذا دخل أوروبا، لأنهم تقريباً من دون قوات برية”.
أدركت هيئة الأركان العامة للجيش أن هناك حاجة إلى تغيير في حجم التزود بناقلات جند مدرعة من طراز نمر، وقررت شراء أكثر من 500، لكن وتيرة الإنتاج والتزود بها تباطأت بسبب مشاكل في الميزانية.
بعد ذلك، قرر الفريق كوخافي تسريع الإنتاج بحلول عام 2027، لكن الأرقام ما زالت لا تعطي حلولاً لما تحتاج إليه القوات البرية في مواجهة سيناريوهات حرب متنوعة. حتى الآن، يوجد لدى الجيش الإسرائيلي 5000 ناقلة جند مدرعة قديمة جداً وتحتاج إلى صيانة، وهي من دون منظومات متطورة ومن دون حماية ملائمة.
ورفض ضابط كبير في شعبة التخطيط الانتقادات، وادعى أن ناقلة الجند المدرَّعة من طراز نمر لها قيمة من حيث القوة ومن حيث مساهمتها في الحرب، في مقابل عدة ناقلات جند مدرعة من طراز أم 113.
بالطبع، ادّعى الضابط الرفيع أنه، انطلاقاً من الرغبة في جَسْر الفجوات التي نشأت، صادق رئيس الاركان على شراء أكثر من 300 آلية ميدانية رباعية الدفع غير محمية، لكن الأمر سيستغرق أعواماً قبل تصنيعها، والتدرب عليها، ووضعها في الوحدات المطلوبة بدلاً من القديمة.
في الأعوام الأخيرة تم إلغاء دبابات وناقلات مدرعة وتحويلها إلى قطع غيار. ووفق كلام بريك، فإن هذا كان خطأً فادحاً لأنه كان من الممكن استخدام الدبابات القديمة في مهمّات الدفاع عن الحدود.
ونقطة الضعف التي نشأت في العقد الماضي، ولم تتم معالجتها خلال فترة عمل الفريق كوخافي، هي الـمُلاءَمةُ بين الحجم ووتيرة إنتاج الدبابات الجديدة، الكبير نسبياً مقارنة بالمعدل المنخفض لناقلات الجند المدرعة الجديدة.
وقال الضابط الكبير “هناك قيود، مفادها أنه مع تسريعنا إنتاج الدبابات، ونسياننا جلب مزيد من ناقلات الجند المدرعة، سيكون هناك تأخير في الإنتاج”.
ورفض الضابط الكبير الادعاء أنه كان من الصواب شراء ناقلات جند مدرَّعة أميركية من طراز “برادلي”، من أموال المساعدات الأميركية، وعدم تطوير ناقلة جند مدرّعة إسرائيلية، تسمى “إيتان”، من أجل تقليص الفجوة في عالم ناقلات الجند المدرعة في الجيش الإسرائيلي.
هناك جدال بين القادة: هل يجب أن نصرّ على ناقلات الجنود المدرعة الجديدة، والتي لا تكفي لكل الألوية، وأن ننتظر الناقلات القديمة الموجودة في مخازن الطوارئ، أَمْ ننتقل إلى السير مشياً، كما هي الحال في لواء المظليين، 15 كلم في الليلة إلى الكتيبة، كمعدل وسطي، وتصل (القوات) من الحدود إلى بيروت في غضون يومين، حسب “واللاه”.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم