كشف كيان الاحتلال عمّا أسماه بـ “رجل الظلّ الإسرائيليّ في العالم العربيّ”، والذي لعب دورًا كبيرًا في الاتصالات مع السودان ومصر ودول الخليج، ويشغل حاليًا منصب مدير عام الخارجية التي ترأسها حديثًا الوزير إيلي كوهين، من حزب (ليكود) الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ويدور الحديث عن رونين ليفي (ماعوز)، الذي يبلغ 48 عامًا وتمّ حجب هويته عن النشر لوقتٍ طويلٍ، وبحسب المحافل السياسيّة في تل أبيب فإنّ الرجل يُعتبر المفتاح الأساسيّ لمجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ في العالم العربيّ، وسمحت الرقابة العسكريّة في الكيان للمرّة الأولى بالكشف عن اسمه وصورته.
ونقلاً عن مصادر سياسيّةٍ وزانةٍ في دولة الاحتلال، ذكر إيتمار آيخنر المراسل السياسيّ لصحيفة (يديعوت أحرونوت( العبريّة، أنّ “ليفي خدم ثلاثين عامًا في المناصب الميدانية والعمليات والاستخبارات في جهاز الأمن العام- الشاباك، ورئيس فرقة كبيرة في جيش الاحتلال، وفي عهد حكومة بنيامين نتنياهو السابقة عمل رجل الظلّ لمجلس الأمن القوميّ في إدارة الاتصالات السريّة مع الدول العربيّة والأفريقيّة، ولعب دورًا مهمًا في الاتصالات مع السودان ومصر ودول الخليج كجزء من اتفاقيات التطبيع”، كما أكّدت المصادر للصحيفة العبريّة.
وتابعت الصحيفة العبريّة قائلةً، نقلاً عن ذات المصادر، إنّ ليفي هو خريج العلوم السلوكية وإدارة الأعمال والاقتصاد من جامعة بن غوريون بمدينة بئر السبع، وحاصل على ماجستير إدارة الأعمال من معهد بيريس الأكاديميّ، ويعتبر تعيينه مديرًا عامًا لوزارة الخارجية من طرف الوزير كوهين خطوةً مثيرةً.
وأكدت المصادر أنّ الهدف من وراء هذه الخطوة ضمان أنْ تكون وزارته العامل الأساسيّ في توسيع اتفاقيات التطبيع، وإجراء اتصالاتٍ سريّةٍ مع الدول العربيّة التي لا ترتبط بإسرائيل بعلاقاتٍ رسميّةٍ وعلنيةٍ”، على حدّ قولها.
وكانت مصادر مقربّة من نتنياهو قد أكّدت أنّ الهدف الأساسيّ للحكومة الجديدة هو محاولة التطبيع مع المملكة العربيّة السعوديّة، علمًا بأنّ المحاولات السابقة باءت بالفشل، على خلفية ربط الرياض التطبيع بحلّ القضيّة الفلسطينيّة، بحسب المصادر عينها.
بالإضافة إلى ذلك، أكّدت المصادر للصحيفة العبريّة أنّ “ليفي الذي يتحدث اللغة العربيّة على مستوىً عالٍ جدًا، وعلى دراية بثقافتها، ساعد في تطوير العديد من العلاقات في العالم العربيّ طوال سنوات نشاطه، وذهب في مهماتٍ غير معلنة في الدول العربيّة والأفريقيّة، وهو على دراية جيدة بالمنطقة والواقع الدبلوماسي المعاصر، لكن من المتوقع أنْ يكون تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية مجالًا جديدًا له، فقد عمل في الشاباك منسقًا ميدانيًا، وهناك حصل على لقب (ماعوز)”.
وكشفت المصادر ذاتها النقاب عن أنّ “نتنياهو يعرفه جيّدًا، وكان على علم بمهماته الخفية، لكن تعيينه مديرًا عامٍّا للوزارة تسبب في جدلٍ بين موظفيها، وبعض الذين عملوا معه أكّدوا أنّ بعثاته الخفية للعالم العربي على مرّ السنين تسببت في غضب العديد من مسؤولي الوزارة وجهاز الموساد، لأنهم شعروا بأنه يتدخل في عملهم”.
وفي إحدى المرّات أشارت إذاعة جيش الاحتلال إلى أنّ (ماعوز) وبن شابات يطبّقان نظرية البيضة والدجاجة في إنشاء العلاقات مع الدول العربيّة. وتنصّ تلك النظرية على أنّ العلاقات العلنية يجب أنْ يسبقها علاقات سريّة تتسّم بتعزيز الثقة بين الطرفين، وتهيّئ الظروف لعلاقات علنيّة.
وكانت صحيفة (معاريف) العبرية كشفت في مناسبتيْن أنّ دور ماعوز أثار غضب يوسي كوهين رئيس جهاز الموساد السابق، وأنّ دوره المتعاظم سبب حالةً من التوتر بين مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ وجهاز “الموساد” الذي كان ولعقود طويلة قناة الاتصال السرية مع الدول العربية.
وسبق أنْ كشفت القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ النقاب عن أنّ رئيس (الموساد) هدد رئيس مجلس الأمن القوميّ السابق مئير بن شبات بكشف هوية ماعوز إنْ لم يتوقّف عن تجاوز صلاحياته، وأبرزت سلسلة تقارير حملت عنوان: “نتيناهو العرب” بثّتها القناة الـ 13 دور (ماعوز) في تعزيز العلاقات الإسرائيلية السرية مع الإمارات والسعودية والبحرين، وإعداده لصفقة تقوم على اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مقابل التطبيع العلنيّ مع إسرائيل، كما أنّ (ماعوز) وفقًا لنفس القناة لعب دورًا مركزيًا في تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولة تشاد العام الماضي.
ويشير الكشف عن شخصية ليفي إلى مقدمةٍ إسرائيليّةٍ مبكرةٍ لاستئناف علاقات التطبيع مع مزيدٍ من الدول العربيّة والإسلامية، وتوسيعها على نطاقٍ أكبر، في ضوء امتلاكه لشبكة علاقاتٍ قويّةٍ مع عددٍ من عواصم المنطقة، وسوف يؤسس من خلال موقعه الجديد لمنح اتصالاته مع نظرائه في تلك العواصم طابعًا رسميًا أكثر من الجوانب الخفية التي دأب عليها.
يُشار في هذا السياق إلى أنّ سعيْ نتنياهو لتوسيع دائرة التطبيع مع دولٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ يستند إلى مبدأ (السلام مقابل السلام)، وليس السلام مقابل الأرض، كما كان معهودًا في الفترات التي سبقت وصول نتنياهو إلى منصب رئيس الوزراء في دولة الاحتلال.
ومن الجدير بالذكر أنّ وزير الخارجيّة الحاليّ، إيلي كوهين، كان قد قام بزيارةٍ رسميّةٍ وعلنيّةٍ إلى السودان قبل حوالي السنتيْن علمًا أنّه كان وقتذاك وزير المخابرات في حكومة نتنياهو الخامسة.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان قد التقى برئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في شباط (فبراير) من العام 2020، في أول خطوة في مسار التطبيع الذي انتهى لتوقيع السودان على اتفاقات إبراهام مطلع العام 2021.
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم