علي عبود
يُجيد بعض الوزراء التسويق لما يسمونه “ثقافة الشكوى” إلى حد التصديق إن الإستجابة لشكوى أي مواطن تتم فورا، وتعالج خلال 24 ساعة، في حين لايهتم وزراء آخرون بالشكاوى أصلا ولو إعلاميا!
ومع قيام الوزارات التي على تماس يومي بالمواطنين، كالتجارة الداخلية، والنفط، والكهرباء، والإتصالات والداخلية، بإنشاء مواقع الكترونية وصفحات خاصة بها على الفيس والتويتر والتليغرام ..الخ، صدّقنا أن الوزراء قرروا أخيرا الإطلاع مباشرة على شكاوى المواطنين بدلا من تلقيها عبر مكاتبهم الصحفية!
وفعلا نجد في كل موقع للوزارات رابط لتقديم شكوى أو مقترح بعدة طرق، ويشعر الشاكي بالإرتياح عندما يتلقى إشعارا سريعا بان الشكوى وصلت، وسيتم الرد عليها قريبا، بل إن بعض المواقع الوزارية، كالداخلية، تمنح الشاكي رقما لكي يستفسر عن نتيجة الشكوى!
ومن خلال تجربتي مع معظم الوزارات، وخاصة التي تتذمر من ضعف“ثقافة الشكوى”، اكتشفت انها لاتكترث على الإطلاق بشكاوى الناس، بل لاتجيب عليها ولو بكلمة واحدة!
وفي حال أراد الشاكي إجراء محادثة عبر “الماسنجر” في صفحات “فيس” بعض الوزارات، فلن يتمكن مهما حاول، لأن مصمميها حجبوا هذه الخاصية، وحتى لو تمكن الشاكي من إرسال الشكوى عبرها بطريقة ما، فلن يتلقى ردا!
لقد سبق وحاولت معالجة شكوى عبر موقع وزارة الكهرباء فماذا كانت النتيجة؟
مهما أرسلت رسائل للوزارة سواء عبر صفحتها الألكترونية أو من خلال الفيس بوك فلن تتلقى ردا، وقد حاولت حل المشكلة عبر الإتصالات الهاتفية مع كل الأقسام والدوائر(الجباية، الإشتراكات، الحاسوب، الديوان ..الخ) دون أي نتيجة، كل دائرة تؤكد أنها غير معنية وتحيلك إلى الأخرى!
والمدهش في الأمر انه حتى لو قمت بزيارة مقر شركة الكهرباء المعنية، وراجعت كل المعنيين بمن فيهم المدير فالنتيجة واحدة: لااستجابة فعلية لحل المشكلة!
وقمت بإرسال الشكوى مباشرة للوزير عبر صفحة وزارة الكهرباء بعدة طرق، ولكن دون ايّ إيجابة عاجلة أو آجلة!!
ولا يختلف الأمر في وزارة التجارة الداخلية فقد خضت في دوائرها عدة تجارب دون أي نتائج، مايؤكد صوابية المخالفين عندما يقولون للمواطنين باستخفاف: “روح اشتكي”!!
ومع أن وزارة النفط وشركتها محروقات تشجعان المواطنين على تقديم الشكاوى فإن التجاوب دائما سلبيا، ولم يتردد المسؤول الإعلامي في الشركة عن حجبي على الماسنجر عندما لم استجب لطلبه بتقديم الشكوى شخصيا، بمعني أن على الشاكي أن يهدر يوما مع أجور نقل باهظة لتقديم شكوى غير متأكد من نتيجتها!
ومع أن وزارة الداخلية تخصص ركنا في موقعها الألكتروني للشكاوى، فإنها لاتختلف عن أي وزارة أخرى فهي تهمل الشكاوى المرسلة لها سواء عبر الإنترنت أو الماسنجر، وعلى الرغم من قيام الوزارة بتزويدك بإيميل كي يتيح لك “نظريا” الإستفسار عن الشكوى فستكتشف سريعا انه محجوب لايستقبل أي رسالة، وتتلقى من الهوتميل الرسالة التالية: (على الرغم من المحاولات المتكررة لتسليم رسالتك ، رفض نظام البريد الإلكتروني للمستلم قبولها)!!
أمّا الرقم الذي يمنح للشاكي من قبل موقع وزارة الداخلية فلا جدوى منه، إذ يستحيل استخدامه للإستفسار عن مصير الشكوى!
حتى التحقيقات والتقارير والمقالات والزوايا التي تُنشر في الصحف الرسمية والمواقع الألكترونية يتعامل معها الوزاراء الذين يدعون لنشر “ثقافة الشكوى”بالتطنيش!
سقى الله أيام زمن الصحف الورقية التي كانت تخصص مساحة يومية لنشر شكاوى المواطنين، وكانت الجهات الحكومية ترد عليها جميعها إلى حد انها كانت تفرد أحيانا صفحة كاملة لنشر الردود!
وقد يتساءل البعض: هل يقرأ الوزير الشكاوى أو المواد الإنتقادية؟
والجواب: نعم يقرأها، ويكفي أن يرتكب الإعلامي أو الكاتب هفوة ما، كخطأ في رقم إحصائي، ليرد الوزير مباشرة، أو يأمر مدير مكتبه الصحفي للإتصال مع “المخطىء”، للإستفسار والتوضيح وتذكيره بإنجازات الوزير اللامحدودة!!
ولا تتجاهل وزارة الداخلية ما يُنشر عنها في صفحات التواصل الاجتماعي، بدليل انها ترد عليها كما فعلت مؤخرا بنفيها لمقترح بإلغاء استصدار دفتر العائلة بسبب النقص في الورق ، وطالبت هذه الصفحات باعتماد الأخبار من مصادرها الموثوقة، وعدم نشرها قبل التأكد من صحتها، لكنها تتجاهل كليا الشكاوى التي تأتيها عبر موقعها الرسمي، او التي ينشرها الشاكون على صفحتها المعتمدة في الفيس بوك، فلماذا؟
الخلاصة: لو أن الوزاراء الذين على تماس مباشر مع قضايا وهموم الناس، يهتمون فعلا بالشكاوى، والإستفسارات، كما يفعلوا بالأقاويل والإشاعات المتداولة على صفحات التواصل الاجتماعي، لآمن المواطنون فعلا بثقافة الشكوى، بدلا من اللجوء إلى المتنفذين، أو أزلامهم، لحل مايتعرضون له يوميا، من أمور تنغّص عليهم حياتهم ومعيشتهم!!
(سيرياهوم نيوز1-خاص)