*علي عبود
تنغيص العيش في المعاجم تعني تكديره ، وبما أن ملايين الأسر السورية تعاني من التنغيص اليومي بفعل ارتفاع الأسعار ، وفقدان المحروقات ، وتقنين غير مسبوق للكهرباء ، و”التشرشح” على الطرقات بسبب أزمة النقل، وصعوبة الحصول على الكثير من السلع والخدمات .. فمن الجائز تسمية بعض الوزارات دون أي افتراء “وزارات تنغيص عيش المواطن”!
هل نبالغ أم نصف الواقع كما هوعلى لسان ملايين المواطنين العاملين بأجر؟
وزارة النفط تُنغّص حياتنا منذ سنوات ، بل وترفع من درجة تكديرنا، يوما بعد يوم!
لقد وعدنا وزير النفط مع بداية تطبيق الأتمتة إن رسالة الغاز لن تتجاوز 21 يوما ، ولكنه زاد المدة تدريجيا لتصل إلى 100 يوم ، وبدلا من ان يتدارك الوزير الخلل، ويستجيب لدعوة رئيس الحكومة بتقصير مدة رسالة الغاز ، قام بزيادة المدة لتتجاوزحاليا 120 يوما ، وبرفع سعرها أكثر من 100 % ربما تمهيداً لتحريرها من الدعم نهائيا!
والجديد بتنغيص وزارة النفط لعيش ملايين الأسر السورية عدم توزيع أي اسطوانة غاز في دمشق منذ ثلاثة أسابيع دون أن يسأل الوزير : ماذا تفعل الأسرة دون غاز ؟
كما قامت وزارة النفط وبهدف استكمال دائرة تنغيص العيش اليومي للأسرة السورية بتخفيض مخصصاتها من مادة المازوت إلى 50 ليتراً وبرفع سعرها بنسبة 150 % ، ومع أن هذه الكمية أكثر من هزيلة فلم تصل سوى إلى 30 % من الأسر دون أن يسأل وزير النفط : ماذا ستفعل أكثر من 5 ملايين أسرة بلا مازوت تدفئة في عزالشتاء؟
ووزارة الكهرباء لم تُقصّر يوما بتنغيص حياتنا، بل لم تجد حرجا بتبشيرنا بأن الفرج بعيد جدا وليس بقريب ، وهاهو وزير الكهرباء يعلنها بصوت عال : أيها السوريون هذا الشتاء هو الأصعب!!
ولم تكتف وزارة الكهرباء بساعات التقنين العالية في السنوات الفائتة ، بل أرادت تنغيص حياتنا وتكديرها أكثر فأكثر فرفعت أسعار الإستهلاك ، وزادت من ساعات التقنين لتصل إلى أقل من أربع ساعات يوميا ، وكأنُها في منافسة حامية مع وزارة النفط للفوز بجواب على السؤال : من يُنغّص حياة السوريين أكثر فأكثر!
ووزارة التجارة الداخلية كانت ،ولا تزال ، متميزة دائما بتنغيص حياة ملايين السوريين ، فهي تُرغمهم على الإصطفاف في طوابير يومية أمام الأفران ،و تقوم بتمديد زمن الحصول على المواد بسعر “مدعوم” عدة أشهر ، ولا تتردد برفع أسعارها مرة تلو المرة ، وتزعم أن صالاتها تبيع السلع بأسعار مناسبة وأقل من السوق دون أن يجيب وزير التجارة على السؤال: أسعار السورية للتجارة تناسب من؟
وتحتل وزارة الإدارة المحلية المرتبة الأولى بين وزارات تنغيص حياة السوريين فهي تشرشحهم” يوميا في الشوارع ومراكز إنطلاق السرافيس والباصات دون أن يأمر وزيرها المجالس المحلية ، وبالتنسيق مع وزارة النقل بإيجاد أي حل ينقذ المواطنين من “الشرشحة والبهدلة” ، وكان بإمكان محافظة دمشق مثلا حل أزمة النقل بآليات متاحة وهي (التاكسي سرفيس) الذي يوازي أكثر من2000 باص ، لكن لم تفعلها لأن هدفها تنغيص العيش اليومي لملايين السوريين وتكديرها وليس راحتهم!
أما ذروة تنغيص حياتنا فتتولاها عدة وزارات مجتمعة في “اللجنة الإقتصادية” التي لايصدر عنها سوى قرارات تخفيض القدرة الشرائية لملايين الأسر السورية ، دون أن توصي هذه اللجنة الحكومة برفع الأجور بما يتناسب مع آخر تعديل لسعر الصرف ، وكأنّها تقول لهم : سنستمر بتنغيص وتكدير حياتكم حتى لو رفعتم “العشرة”!!
(سيرياهوم نيوز28-11-2021)