زياد غصن
قليلاً ما يجري الحديث عن هذه الوزارة بالمفهوم الاستراتيجي..
هذه الوزارة يفترض أنها الجهة التنفيذية لسياسة الدولة الاجتماعية، والموجه والضابط لكل المشروعات الأهلية المعنية بالجانب الاجتماعي.
أي يفترض أنها على تماس مباشر مع معظم الأسر السورية، خاصة مع تأكيد التقديرات الرسمية أن حوالي 95% من الأسر ، إما أنها تعاني من انعدام أمنها الغذائي أو مهددة بفقده.
ويصبح حضور هذه الوزارة أكثر ضرورة في الظروف الاقتصادية الخاصة، كتلك التي تعيشها الأسر اليوم بفعل تداعيات سنوات الحرب الطويلة، أو نتيجة للسياسات والإجراءات الاقتصادية الحكومية.
فمثلاً.. هذه الوزارة كان يمكن أن تكون جهة مرجعية لكل من الحكومة والمواطن عند كل قرار برفع أسعار السلع والمواد المدعومة، فالحكومة تلجأ إليها للاستفادة من شبكة الحماية الاجتماعية المفترض وجودها للتخفيف من تأثيرات مثل هذه القرارات ولإعادة توجيه الدعم، والمواطن يستند على برامجها لمواجهة الأوضاع المعيشية الصعبة.
لكن ما يحدث هو عكس ذلك… أو بعبارة أخرى مخففة لا يرقى إلى حجم المطلوب في هذه المرحلة بدليل بيانات الوزارة نفسها، والتي تكشف على سبيل المثال أن عدد الأسر المستفيدة من برنامج المعونة النقدية الاستهدافية للفئات الهشة لم يتجاوز 77 ألف أسرة في نهاية العام 2019، كما أن عدد المستفيدين من برنامج دعم الريف السوري لم يزيد عن 1743 مستفيد، في حين أن عدد المستفيدين من برنامج المعونة النقدية المقدمة للأسر التي تراعي أطفالاً من ذوي الإعاقة كان بحدود 294 مستفيداً.. وغير ذلك.
وحتى في مجال سوق العمل، فإن البيانات الخاصة بهذا الملف ليست بأفضل حال..
قد تكون هذه الأرقام بمنزلة إنجاز هام للوزارة مقارنة بالاعتمادات التي تعطى لها، والمشروعات التي تمنح الموافقة على تنفيذها، إنما مقارنة مع الواقع المعيشي والاقتصادي المرير هي… لا شيء.
أين المشكلة إذاً؟
من وجهة نظر شخصية، المشكلة تكمن في جانبين…
الجانب الأول يتعلق بموقع هذه الوزارة ضمن التشكيلة الحكومية، فهي على الدوام كانت تخصص لممثلي بعض الأحزاب السياسية، وقليلة هي الحالات التي حظيت فيها هذه الوزارة بشخصية تملك مشروعاً اجتماعياً ومؤسساتياً واضحاً.
وحتى عندما خرجت الحكومة عن هذا التقليد، فقد كان خيارها غالباً شخصيات تعمل في المجال الأكاديمي، وهذا كان له أيضاً سلبياته وايجابياته المرتبطة بالمواصفات والسمات الشخصية لكل وزير.
الجانب الثاني وهو يتعلق بنظرة الحكومة للوزارة وعملها، فمع استمرار العمل بسياسة الدعم المقدم للعديد من السلع والخدمات كانت هناك قناعة حكومية، وتحديداً قبل الحرب، أن الجانب الاجتماعي في العمل الحكومي “يأخذ حصته وزيادة” من اعتمادات الموازنة السنوية للدولة، وتالياً لا حاجة لمزيد من البرامج والمشروعات الاجتماعية.
وللموضوعية فقد كان هناك قبل بدء الحرب توجه حكومي للاعتماد على الوزارة عبر تكليفها بإحداث الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية، لكن للأسف فشلت الوزارة في التنفيذ لأسباب عدة.
على أي حال… السؤال هو عن اليوم وغداً:
فهل هذه الوزارة ستبقى على حالها في الحكومة القادمة رغم الحاجة الماسة لحضورها اليوم؟ وكيف يمكن تفعيل أدائها وبرامجها الاجتماعية؟ وهل سنشهد معها خلال الفترة القادمة الخطوات الأولى لتأسيس مظلة حماية اجتماعية حقيقية وفاعلة؟
(سيرياهوم نيوز-المشهد14-7-2021)