صوّتت لجنة فرعية يقودها الجمهوريون في مجلس النواب على مذكرة استدعاء لوثائق وزارة العدل المتعلقة بجيفري إبستين، بناءً على اقتراح من نائبة ديمقراطية.
يأتي هذا التصويت غير المعتاد بإجماع الحزبين، في وقت حاول الرئيس دونالد ترامب على مدار الأسبوعين الماضيين تجنّب فتح هذا الملف مجدداً، مما يزيد من حساسية الخطوة سياسياً، خاصة في أوساط الجمهوريين، وفقاً لموقع “أكسيوس” الأميركي.
وكان العديد من الجمهوريين في اللجنة الفرعية المكلّفة بمراقبة تطبيق القانون الفيديرالي قد طالبوا مراراً بالشفافية بشأن ملف إبستين، مما وضعهم في موقف محرج أمام الضغط الديمقراطي المتزايد.
وصوّتت اللجنة بأغلبية 8 أصوات مقابل صوتين لصالح المذكرة، في حين عارضها فقط رئيس اللجنة، النائب كلاي هيغينز (جمهوري عن ولاية لويزيانا) والنائب آندي بيغز (جمهوري عن ولاية أريزونا).
في المقابل، صوّت لصالح المذكرة كلّ من النواب الجمهوريين نانسي ميس (ساوث كارولاينا) وسكوت بيري (بنسلفانيا)، وبراين جاك (جورجيا)، إلى جانب جميع الديمقراطيين الـ5 في اللجنة.
وغاب عن التصويت عدد من النواب الجمهوريين من الجناح اليميني المتشدّد، أبرزهم لورين بويبرت وبول جوسار.
وطرحت النائبة الديمقراطية سمر لي (عن ولاية بنسلفانيا)، والتي تشغل منصب العضو البارز في اللجنة، المذكرة بشكل مفاجئ خلال جلسة لم تكن مخصصة لهذا الغرض، بل كانت تناقش “أزمة الأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم”.
وقال النائب الديمقراطي روبرت غارسيا، العضو البارز في لجنة الرقابة العامة، قبل التصويت: “أعضاء اللجنة الجمهوريون، بمن فيهم الرئيس، دعوا سابقاً إلى نشر ملفات إبستين، وها هي الفرصة أمامهم الآن ليُثبتوا مصداقيتهم”.
وذكر رئيس اللجنة هيغينز في تصريح لموقع “أكسيوس” أنه يعارض المذكّرة لأنها “واسعة جداً”، مشيراً إلى أن وزارة العدل ملزمة بحماية نزاهة الملفات القضائية.
وأضاف: “نعم، نحن نريد الشفافية والتحقيق، لكن لا يمكننا الإضرار بسلامة التحقيق عبر استخدام أدوات قانونية فظة”.
قاض فيديرالي يرفض طلب وزارة العدل
وفي وقت سابق الأربعاء، رفض قاض فيديرالي في ولاية فلوريدا طلباً تقدّمت به وزارة العدل لرفع السرية عن وثائق تعود إلى تحقيقات فيديرالية في قضية إبستين، وفقاً لما نقلته محطة ABC News عن أمر قضائي نُشر الأربعاء.
ويعدّ هذا الطلب واحداً من 3 طلبات قدمتها الوزارة أمام محاكم في ولايتي نيويورك وفلوريدا، في مسعى لكشف سجلات سرية مرتبطة بهيئات محلفين كبرى تم تشكيلها خلال تحقيقات سابقة مع إبستين.
وبحسب الأمر الصادر عن القاضية الفيديرالية روبين روزنبرغ، فإن الوثائق التي طالبت الوزارة بالكشف عنها تتعلق بهيئتي محلفين كُبريين انعقدتا في مدينة ويست بالم بيتش عامي 2005 و2007، وحققتا في أنشطة إبستين آنذاك.
وانتقدت القاضية روزنبرغ وزارة العدل لعدم تقديمها مبررات كافية تتيح رفع السرية عن تلك السجلات، التي تخضع عادة لقواعد صارمة من السرية القانونية.
وجاء في قرارها أن “يديها مقيدتان” بسبب السوابق القضائية المعمول بها في الدائرة القضائية الحادية عشرة، والتي لا تسمح بالكشف عن مواد هيئة المحلفين الكبرى إلا ضمن استثناءات ضيّقة للغاية.
كذلك رفضت القاضية طلباً بنقل القضية إلى المحكمة الجزئية للمنطقة الجنوبية من نيويورك، حيث ينظر قاضيان آخران في طلبات مشابهة من الوزارة لرفع السرية عن وثائق تتعلق بهيئات محلفين في قضايا مرتبطة بإبستين وشريكته المقربة جيلاين ماكسويل.
انقسامات جمهورية بشأن تحقيق إبستين
رفض رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون الاستجابة للضغوط المطالبة بالتحرك بشأن التحقيق في قضية جيفري إبستين، وبدلاً من ذلك قرر إنهاء جلسات المجلس مبكراً، والدعوة إلى عطلة شهرية طويلة، بعد أن تسببت مطالب من أعضاء جمهوريين بالتصويت في تعطيل جدول الأعمال التشريعي لهذا الأسبوع.
وقال جونسون، النائب الجمهوري عن ولاية لويزيانا، الثلاثاء، إنه يريد أن يمنح البيت الأبيض “مساحة” لنشر معلومات إبستين من تلقاء نفسه، رغم الدفع التشريعي من الحزبين نحو قانون يُلزم بالإفراج عن مزيد من الوثائق المرتبطة بالقضية، وفقاً لوكالة “أسوشيتد برس”.
وأضاف جونسون خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، وهو الأخير قبل مغادرة النواب واشنطن، الأربعاء، لقضاء عطلتهم التقليدية في آب/أغسطس: “لا فائدة من أن يدفع الكونغرس إدارة إلى القيام بشيء هي تقوم به بالفعل”.
لكن موقف جونسون لم يُهدّئ الاضطرابات المتصاعدة في داخل الحزب الجمهوري في الكابيتول هيل، حيث يطالب العديد من مؤيدي ترامب بأن تفي الإدارة الحالية بوعودها بالكشف العلني عن مجريات التحقيق الكامل في قضية الإتجار الجنسي المرتبطة بإبستين.
ويواجه النواب الجمهوريون ضغوطاً متزايدة من مؤثرين يمينيين على الإنترنت، ومن ناخبيهم في الدوائر الانتخابية، مما دفع العديد منهم إلى المطالبة بتدخّل مجلس النواب في القضية.
وقال النائب الجمهوري رالف نورمان من ولاية ساوث كارولاينا: “الرأي العام لن يسمح بدفن هذه القضية، وهذا من حقه تماماً”.
تصاعد الضغوط
وحتى قبل تصريحات جونسون، الثلاثاء، كانت لجنة الرقابة في مجلس النواب تتحرك قدماً نحو إصدار مذكرة استدعاء للإدلاء بشهادة بحق جيسلين ماكسويل، صديقة جيفري إبستين السابقة، في إطار تحقيق متصاعد في القضية.
وقال رئيس اللجنة الجمهوري، النائب جيمس كومر من كنتاكي، إنه سيتم التفاوض مع محامي ماكسويل بشأن شروط الإدلاء بشهادتها، والتي قد تتم في داخل السجن الذي تقضي فيه حكماً طويلاً بتهمة مساعدة إبستين في استغلال فتيات قاصرات جنسياً.
كذلك، أفادت وزارة العدل الأميركية، الثلاثاء، بأنها تسعى بشكل منفصل إلى استجواب ماكسويل.
ورغم دعم الديمقراطيين في لجنة الرقابة لهذه الخطوة، حذّر كبير الديمقراطيين في اللجنة، النائب روبرت غارسيا من ولاية كاليفورنيا، من أن شهادة ماكسويل يجب أن تُؤخذ بحذر.
وقال للصحافيين: “يجب أن نستمر في المطالبة بالكشف الكامل عن الملفات. من المهم أن يعرف الناس أنها كاذبة موثقة، وشخص تسبب في أذى بالغ للفتيات والنساء”.
تآكل سيطرة جونسون في مجلس النواب
جاء قرار جونسون بإنهاء أعمال مجلس النواب هذا الأسبوع في وقت يعاني فيه من تراجع قبضته على لجنة القواعد القوية، وهي المسؤولة عن تمرير مشاريع القوانين إلى التصويت.
ومساء الإثنين، توقفت أعمال اللجنة فجأة عندما علق الجمهوريون الجلسة، تجنباً لمزيد من الضغوط من الديمقراطيين لطرح ملفات إبستين.
إبلاغ ترامب بوجود اسمه في ملفات إبستين
كشف مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية أن وزيرة العدل بام بوندي أبلغت الرئيس دونالد ترامب خلال اجتماع في البيت الأبيض في أيار/مايو الفائت بأن اسمه ظهر، إلى جانب أسماء عدد من الشخصيات البارزة الأخرى في ملفات وزارة العدل عن جيفري إبستين المدان بالاعتداء الجنسي، وفق ما أفادت به صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وشدد المسؤولون على أن ذكر الأسماء في السجلات لا يعد دليلاً على ارتكاب مخالفات. ووصفوا الاجتماع بأنه إحاطة روتينية تطرقت لعدة مواضيع، وأن اسم ترامب لم يكن محور التركيز.
مئات الأسماء
كذلك أوضح المسؤولون أن الملفات تضمنت شائعات غير مؤكدة حول أشخاص تواصلوا مع إبستين، بمن فيهم ترامب، وأن الوثائق تضم مئات الأسماء الأخرى.
ولفتوا الى أنه تم إبلاغ ترامب بأن كبار مسؤولي وزارة العدل لا يخططون للإفراج عن أي وثائق أخرى تتعلق بالتحقيق، وقد أيّد الرئيس هذا القرار.
استمرار “للقصص الإخبارية الزائفة”
في المقابل، قال البيت الأبيض إن تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” عن أن وزارة العدل أبلغت ترامب في مايو بأن اسمه موجود في ملفات لرجل الأعمال جيفري إبستين هو استمرار “للقصص الإخبارية الزائفة” عن الرئيس الأميركي.
وذكر المتحدث باسم البيت الأبيض ستيفن تشيونغ في بيان عبر البريد الإلكتروني أن “هذا ليس أكثر من استمرار للقصص الإخبارية الزائفة التي يختلقها الديمقراطيون ووسائل الإعلام الليبرالية”.
لكن مسؤولاً في البيت الأبيض صرّح لرويترز في وقت لاحق بأن الإدارة لا تنفي ورود اسم ترامب في بعض الملفات، مشيراً إلى أن اسم الرئيس مدرج بالفعل في مجموعة من المواد التي جمعتها بوندي في شباط/فبراير.
فيما أصدرت بوندي ووكيل وزارة العدل تود بلانش بياناً لم يتطرق بشكل مباشر إلى تقرير الصحيفة. وقالا إنه “لا يوجد في الملفات ما يبرر إجراء مزيد من التحقيقات أو الملاحقة القضائية، وقدّمنا طلباً في المحكمة لفتح محاضر هيئة المحلّفين الكبرى… في إطار إفادتنا الدورية، أطلعنا الرئيس على النتائج”.
عدم وجود أساس لمواصلة التحقيق
يشار إلى أن وزارة العدل كانت خلصت في أوائل يوليو إلى عدم وجود أساس لمواصلة التحقيق في قضية إبستين.
ولم توجّه اتهامات لترامب بارتكاب مخالفات تتعلق بإبستين. وقال إن صداقتهما انتهت قبل كشف مخالفات إبستين القانونية لأوّل مرة، قبل عقدين من الزمن، بحسب “رويترز”.
يذكر أنه عُثر على إبستين مشنوقاً في زنزانته بسجن في نيويورك بينما كان ينتظر محاكمته، فيما أعلن المحقق الطبيّ أنه انتحر.
هل كان إبستين عميلاً استخباراتياً؟
من جهة أخرى، قالت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد إنها لم تطّلع على أيّ معلومات تُشير إلى أن إبستين كان عميلاً استخباراتياً أجنبياً أو محلياً.
وعندما سُئلت خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض عما إذا كان بإمكانها استبعاد صلة إبستين بأي جهاز استخباراتي، قالت غابارد: “لم أطّلع على أيّ دليل أو معلومات تُثبت ذلك”.
وأضافت: “إذا طرأ أيّ شيء يُغيّر ذلك بأيّ شكل من الأشكال، فعليّ دعم تصريح الرئيس (دونالد ترامب) بوضوح: إذا قُدّمت أي أدلة موثوقة، فهو يُريد أن يطلع عليها الشعب الأميركي”.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار